وداع السجين للسجان.. عود ثقاب فلسطيني يحرق الرواية الإسرائيلية

قالت الإسرائيلية أدريانا إن جدتها التي عادت من الأسر في غزة كانت جميلة ومشرقة وفي حالة صحية جيدة.

(الأول) كامل جميل:

درس كبير في الأخلاق والحب والإنسانية علّمهُ الفلسطينيون للعالم، عبر مشاهد توديع الأسرى الإسرائيليين التي كانت ملأى برسائل تؤكد أنهم لا يقاتلون سوى المحتل، أما الأسرى فلهم معاملة حُسنى، مكذبين الروايات الإسرائيلية التي تتحدث عن وحشيتهم ودمويتهم.

مساء الأحد (26 نوفمبر الجاري)، نُفذت في قطاع غزة المرحلة الثالثة من عملية تبادل الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس"، حيث سلم الفلسطينيون 9 أطفال و4 نساء وأمريكيين ومجريين.

وقبلها بيوم أفرجت "حماس" عن 5 نساء و8 أطفال إسرائيليين، إضافة إلى 4 أجانب خارج الاتفاق، في حين أفرجت، في اليوم الأول، عن 13 إسرائيلياً و10 تايلنديين وفلبيني واحد، وذلك في مساء الجمعة.

بين السجين والسجّان
عند متابعة مشاهد تسليم مقاتلي "حماس" للأسرى إلى لجنة الصليب الأحمر، تتوضح صورة مغايرة لما يعتقده كثيرون في الغرب، فالصورة المترسخة في الأذهان عن المقاتلين الفلسطينيين بأنهم "دمويون" ويذبحون الأطفال والنساء دون رحمة؛ بحسب ما روجه الإعلام الإسرائيلي.

بطبيعة الحال فإن منظر شخص مسلح وملثم بلثام أسود ويرتدي بزة عسكرية لن يكون محبباً لكثيرين؛ إلا إن كان يمثل جيش بلدهم. والسجين لطالما كره سجانه، وحقد عليه، فكيف إن كان السجان هو العسكري المسلح الملثم بالسواد؟

لكن في غزة تبدلت الصورة كلياً؛ فالمسجونون يبدون حباً لسجانهم الملثم الذي يبادلهم المحبة والتوديع، وكأن أحداً يودع عائلته.

تلك الصور بدت مغايرة تماماً لما روجته "تل أبيب" والإعلام العالمي الداعم لها، لا سيما بعد أن أطلقت الفصائل الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر الماضي.

على سبيل المثال تطرق تقرير نشرته قناة "أي بي سي" الأمريكية إلى "طوفان الأقصى"، ووصف مقاتلي حماس بأنهم "مجموعات من الإرهابيين فتحوا النار على المنازل وقتلوا مواطنين إسرائيليين عشوائياً".

وأضاف: "اقتحم المسلحون المنازل، وأطلقوا النار على السكان الذين كانوا يتوسلون للنجاة بحياتهم، واحتجزوا آخرين، ومن ضمن ذلك النساء والأطفال والمسنون، كرهائن، وأعادوا الأسرى المذعورين إلى غزة، بينما كان العديد منهم يصرخون طلباً للمساعدة".

ومن بين الأمثلة أيضاً تقرير آخر نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قالت فيه: "قام إرهابيو حماس وحلفاؤهم بذبح المدنيين في منازلهم، وأطلقوا النار على مئات آخرين، وقتلوهم".

ووفق هذا النهج الإعلامي الموجه عمل عديد من وسائل الإعلام العالمية المؤثرة لتشوه حقيقة المقاومة الفلسطينية، لكن الشرارة التي أحرقت هذه الرواية أشعلها التعامل التلقائي الودود بين السجين الإسرائيلي والسجان الفلسطيني، عبر مقاطع فيديو بسيطة لا أكثر.

عود الثقاب الفلسطيني 
مشاهد وداع الإسرائيليين المليئة باللطف والتعبير عن الامتنان من الفلسطينيين أثارت حفيظة الحكومة الإسرائيلية جداً، التي تأكدت من أن الثقاب الفلسطيني أحرق روايتها التي كلفها ترويجها كثير، وعادت من جديد لتلميع صورتها وتشويه صورة الفلسطينيين؛ لتدعي أن ما ظهر كان تمثيلاً بطلب من المقاتلين الفلسطينيين وليس حقيقة.

لكن عود الثقاب الذي أحرق رواية حكومة تل أبيب وإعلامها هذه المرة كان إسرائيلياً؛ وذلك على لسان المفرج عنهم وهم بين أهليهم بعد وصولهم لـ"إسرائيل".

فبحسب ما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، قالت الإسرائيلية أدريانا، إن جدتها التي عادت من الأسر في غزة كانت "جميلة ومشرقة وفي حالة صحية جيدة".

وتحدث للصحيفة العبرية قريب إحدى الأسيرات قائلاً: "لحسن الحظ، الأسرى لم يتعرضوا لأي تجارب غير سارة أثناء أسرهم، بل تمت معاملتهم بطريقة إنسانية، خلافاً لمخاوفنا".

وأشار إلى أن الإسرائيليين الأسرى "لم يواجهوا القصص المروعة التي تخيلناها. كانوا يتابعون الراديو والتلفزيون، حيث سمعوا الأخبار من إسرائيل".

وكتب ألون بن ديفيد، الصحفي في "القناة 13" العبرية، مقالاً اعترف فيه بأن الأسرى تلقوا معاملة جيدة في غزة.

وقال إنهم نقلوا من المستوطنة إلى داخل قطاع غزة من منطقة عبسان، وهناك أدخلوا إلى نفق، ومن ثم نقلوا لمسافة طويلة، بعضهم تحت الأرض إلى مستشفى ناصر لمعالجة المصابين منهم.

وأوضح أنهم "بعد ذلك جمعوا بأماكن تحت الأرض في صالة واحدة، مما خفف عليهم معاناة الأسر، وفق قولهم"، لافتاً إلى أنهم "حصلوا على طعام، لكنه كان محدوداً، ورعاية صحية ودواء لمن لهم حاجة للدواء، وتلقوا العلاج".

إشادة واسعة
الصورة التي ظهرت موثقة العلاقة الإنسانية التي يتحلى بها المقاتل الفلسطيني، أثارت إعجاب الجميع حول العالم، وهو ما توضحه التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي.