منذ (7) سنوات لأول مرة يتحدث.. ابن الرئيس صالح يكشف كواليس اللحظات الأخيرة من حياة والده
(الأول) خاص:
في الذكرى السابعة لانتفاضة الثاني من ديسمبر، كشف أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، عن عروض وإغراءات قُدمت لوالده من قبل أطراف مختلفة في محاولة لإقناعه بالابتعاد عن وطنه، إلا أن الزعيم الراحل رفض بشدة أن يكون بعيداً عن هموم الشعب اليمني.
وفي كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة، وطالعها موقع (الأول)، أشار أحمد علي إلى أن الرئيس الراحل كان قد اتخذ قراره بالبقاء في اليمن رغم المخاطر، وتقديم حياته في سبيل الدفاع عن مبادئ الثورة والجمهورية.
وأوضح أحمد علي أنه لن يسمح بأن تذهب دماء والده ورفاقه هباءً، متوعداً بالانتقام لدمائهم واستعادة الدولة اليمنية، مشيراً إلى أن "الحق لا يسقط بالتقادُم" وأنه آن الأوان لتحقيق الوحدة الوطنية والوقوف ضد التسلط والظلم الذي تمارسه مليشيات الحوثي التي لم يذكرها صراحة.
ودعا أحمد علي عبدالله صالح جميع القوى الوطنية إلى الاصطفاف خلف هدف واحد وهو إنقاذ اليمن من الانقسام والفوضى التي تعيشها البلاد.
وأكد أن دماء والده ورفاقه الذين سقطوا في 2017 يجب أن تكون دافعاً لجميع اليمنيين للانتفاض ضد الفساد والطائفية واستعادة الدولة.
وذكر أحمد علي أن الزعيم الراحل قدم حياته من أجل اليمن ومن أجل الحفاظ على الثورة والجمهورية، وأن هذه التضحيات يجب أن تترجم إلى عمل جاد لاستعادة مؤسسات الدولة وفرض الأمن والاستقرار في جميع أنحاء اليمن.
وأضاف أن الوحدة الوطنية هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد، وأن أي خلافات يجب أن تُطوى لصالح مصلحة الوطن العليا، معتبراً أن الشعب اليمني يستحق مستقبلاً أفضل بعيداً عن المليشيات والمشاريع الطائفية.
ووجه أحمد علي عبدالله صالح، بطريقة غير مباشرة، هجوماً لاذعاً ضد مليشيات الحوثي، متوعداً بعدم السماح باستمرار إرهاب "السلالة" التي تهدد الأمن والاستقرار في اليمن.
وقال إن هذه المليشيات تعمل على تقسيم اليمن وإشعال الفتنة في المجتمع، مشيراً إلى أن الشعب اليمني لن يقبل باستمرار هذه الممارسات التسلطية.
وأوضح أحمد علي أن اليمن يحتاج إلى جيش وطني موحد يعمل تحت راية وطنية من أجل استعادة الدولة، وأنه يجب على الجميع أن يتحدوا من أجل استعادة الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات التي تواجه البلاد.
وأضاف أن اليمن لن ينهض إلا بتوحيد الصفوف ووقف التدخلات الأجنبية التي تستهدف سيادته، داعياً جميع القوى الوطنية إلى الانخراط في مشروع وطني يضمن بناء يمن جديد يتسم بالتسامح والسلام والازدهار.
فيما يلي نصها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد الصادق الأمين..
الإخوة والأخوات: يا أبناء شعبنا اليمني الكريم أينما كنتم في الداخل والخارج، الإخوة والأخوات قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه وأنصاره سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته.
في مثل هذا اليوم الثاني من ديسمبر عام 2017 بدأت كتابةُ فصولِ ملحمةٍ وطنيةٍ وإشراقةِ فجرٍ جديدٍ في التاريخ اليمني المعاصر... وهو اليوم الذي رسم فيه الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح، ورفيق دربه الأمين عارف عوض الزوكا، ورفاقهما الأبطال انطلاق شرارة ثورة ضد الكهنوت والاستبداد، عُمِّدت بدمائهم الزكية ليكون يومُ استشهادهم في الرابع من ديسمبر نقطةً مضيئةً في سِفر النضال والتضحيات الوطنية، ورسموا في هذا اليوم قصة ملهِمة ستظل تتذكرها الأجيال، مقترنة بالدفاع عن مبادئ الثورة والجمهورية والحرية والكرامة، ومن أجل الانتصار للشعب والوطن... وفي هذه المناسبة نسأل الله العلي القدير أن يتغمد روحيهما وكل الشهداء بواسع رحمته وغفرانه ويسكنهم فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين أنه سميع مجيب.
الإخوة والأخوات..
بدايةً نود أن نؤكد أنَّ دم الشهيد الزعيم وكل الأبطال الذين استشهدوا في هذا اليوم الحزين أمر لا يعني أسرهم فحسب، بل يعني الشعب اليمني كله، لأن الشهيد الزعيم ورفاقه استشهدوا وهم يدافعون ببسالة وشجاعة عن المبادئ الوطنية التي آمنوا بها، وعن حق الشعب في العيش بحرية وكرامة، ورفضاً لكل أشكال الطائفية والعنصرية والسلالية والتسلط بكل أشكاله وألوانه، دفاعاً عن الثورة والجمهورية والحرية والكرامة، وكانوا يدركون يقيناً ما هو الثمن الذي سيدفعونه وهم يخوضون معركة غير متكافئة ويذودون عن أنفسهم وشرفهم وكرامتهم، وعن حق الشعب في التحرر والعيش الكريم، وستظل تلك الملحمة البطولية التي خاضوها قصة تُروى للأجيال، وهي ملهمة لكل من يضحي في سبيل وطنه وشعبه، وقطعاً فإنَّ الحق لا يسقط بالتقادُم، ولكن لكل حين مقال ومقام، ودماء الشهيد علي عبدالله صالح ورفاقه هي امتداد لدماء كل شهداء الوطن الذين ضحوا في سبيله، ولم يتوانوا في تقديم أرواحهم فداءً في سبيل غايات وطنية عظيمة، ولكن أولويتنا الآن هي إنقاذ الوطن من الحال الذي وصل إليه، وإنقاذ الشعب من الغمَّة التي يعيشها، وإنقاذ الأجيال من مستقبل مظلم ينتظرهم إذا استمر الحال على ما هو عليه.
إخواني وأخواتي..
إن أكثر ما عانته شعوبنا العربية هو من تسلط تلك المليشيات المسلحة التي يتم تبنيها ودعمها من أجل إسقاط الأنظمة ونشر الفوضى وإثارة الفتن والبغضاء والأحقاد في أوساط الشعوب والدفع بالأمور إلى منزلقات خطرة ومدمرة تعاني منها الأوطان وتدفع بها نحو المهالك وقد رأينا أكثر من مثال على ذلك وفي أكثر من مكان.. فالميلشيات أياً كانت الشعارات أو اللافتات التي ترفعها إنما هي تخدم تلك الجهات التي أوجدتها وتلك الأجندة والمشاريع التي وجدت من أجلها، وهي تأتى على حساب الدولة ومؤسساتها وعلى حساب الأمن والاستقرار وتتعارض، حتماً، مع المصالح الوطنية ومع مفاهيم السيادة والاستقلال الوطني، ولا يأتي منها سوى الفوضى والخراب. وهذا ما عمل الزعيم الشهيد دوماً من أجل التحذير منه والتوعية بمخاطره ودفع ثمناً غالياً في سبيل قناعته.
ولهذا نمدُّ اليدَ للجميع للعمل معاً، من أجل تحقيق الاصطفاف الوطني لتحقيق الغايات العظيمة، المتمثلة في إنقاذ الوطن واستعادة الدولة وإيجاد جيشٍ وطنيٍ واحدٍ يعمل تحت رايةٍ وطنيةٍ واحدةٍ هدفها مصلحة الوطن وأمنه واستقراره، فلم يعد شعبنا يتحملُ المزيد من الانقسام والمعاناة والمآسي، وعلى القوى الوطنية الخيِّرة أن تتعالى على خلافاتها وتبايناتها، وأن تجعل مصلحة اليمن أولاً. وأن تعمل معاً على درب إنقاذ الوطن والشعب لضمان غدٍ أفضل لليمن وأجياله، ومن أجل أن يعمَّ أرجاءَ اليمن الأمنُ والسلامُ والتقدمُ والازدهار، وأن يعيش وطننا وشعبنا حياة كريمة كسائر شعوب العالم، وهو هدف وحق مشروع لا ينبغي التخلي عنهما تحت أي ظرف كان، وهذه أمانة يجب أن يتحمل مسؤوليتها كل وطني محب لوطنه ومدرك لواجباته، وليكون شعارنا معاً من أجل إنقاذ اليمن.
الإخوة والأخوات..
إنَّ الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح لم يكن يوماً مِلْكاً لنفسه أو أسرته، بل كان مِلكاً للشعب، وخلَّف إرثاً عظيماً من المواقف والإنجازات يتذكرها له الشعب الوفيُّ على مدى أكثر من ثلاثة عقود، من تحمُّله مسؤولية قيادة مسيرة الوطن وكرَّس كل جهده من أجل أن ينتصر لكرامة وحرية الشعب وسلامة الوطن، وتوَّجَها بالتضحية بروحه من أجل أن لا يخيب ظن الشعب فيه، وكان من السهل عليه بعد أن ترك السلطة سلمياً، وحقن دماء اليمنيين، أن يعيش خارج الوطن منعَّماً مرفَّهاً، لكنه أبى إلا أن يكون ذلك القائد الوطني الشجاع، وأن يعيش في وطنه وبين شعبه، ورفض كل العروض والإغراءات التي قُدِّمت له، من أجل أن يكون بعيداً عن الوطن وهموم الشعب. هذا هو علي عبدالله صالح، الذي عرفه الشعب اليمني.
لذلك سنظل أوفياء ما حيينا لإرثه ومبادئه ومواقفه، مستلهمين نهجه الوطني ومستفيدين من كل الأخطاء والسلبيات، ومدركين كل متغيرات الواقع وما تقتضيه مصلحة الوطن والشعب، التي هي بوصلتنا وأساس قناعتنا فيما يتوجب عمله من أجل حاضر شعبنا ومستقبل أجياله، ومن أجل يمنٍ حُرٍ مزدهرٍ، ينعم بالأمان والسلام، ويتشارك مع كل أشقائه وأصدقائه كل ما فيه الخير والنماء للجميع.
الإخوة والأخوات..
لنجعل من يوم الثاني من ديسمبر محطة للتأمل والانطلاق نحو الأمام، متحررين من كل السلبيات والتعقيدات التي تحاول شدنا إلى الخلف أو تكبيلنا بحسابات أو مشاريع صغيرة عفا عليها الزمن، فنحن أبناء اليوم وأبناء الغد وأبناء هذا الشعب الجسور، الذي صنع لنفسه في غابر الأيام أمجاداً يزهو بها التاريخ، وهو قادر على أن يصنع لنفسه حاضراً ومستقبلاً، تمتد جسوراً مع أمجاده وحضارته، وحان الوقت أن يكون لليمن حضوره ودوره المحوري في محيطه العربي والإسلامي والدولي، وأن يشرق فجره الوضاء في كل الأرجاء، واليمن الذي نتطلع إليه هو يمن التسامح والتعايش... يمن الأمن والأمان والاستقرار... يمن العطاء والتقدم والازدهار... يمن المحبة والخير.
دمتم ودام الوطن حُراً عزيزاً كريماً
المجد والخلود لكل شهداء الوطن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحمد علي عبد الله صالح"