مع عام دراسي جديد.. التعليم ومعركة الوعي
ما تمر به بلادنا من أحداث وأزمات وكوارث طبيعية، يجب أن نتذكر أن المؤسسة التعليمية أخطر وأعمق أثرًا من المؤسسة العسكرية، فهي التي تصنع الأجيال وتزرع فيهم القيم والمعارف، ومن بين طلاب اليوم قد يخرج المنقذ والقائد الذي ينتشل البلاد غدًا.
من الجميل أن نرى بعض المدارس قبل انطلاق العام الدراسي تنظم دورات تدريبية للمعلمين في مجالات مثل استراتيجيات التعليم النشط، والإدارة الصفية، ومهارات الاتصال، وأساليب تعديل السلوك، ومصادر التعلم. والأجمل أن تبدأ مدارس أخرى عامها بتكريم معلميها ومعلماتها، وهو تقدير مستحق يحسب لإداراتها.
لكن يبقى جوهر الرسالة التربوية في شخصية المعلّم نفسه؛ فهو قدوة في كلامه، في تعامله، في ملبسه وهيئته. فالمعلم الذي يفتقد إلى الذوق في مظهره أو سلوكه يترك أثرًا سلبيًا في نفوس طلابه، وكذلك المعلمة حين لا تراعي أناقة لائقة أو سلوكًا تربويًا سليمًا. القدوة هنا لا تقل أهمية عن الدرس نفسه.
وهنا تأتي المسؤولية الإنسانية: فكل معلم يجب أن يتذكر أن أمامه طالبًا قد يكون ابن شهيد، أو ابن جريح، أو ابن رجل مثقل بالديون، وربما نازح فقد استقراره. هذا يفرض حسًا إنسانيًا عميقًا في التعامل، في المراعاة، وفي تفهّم ظروف الطالب، دون أن نزيد من معاناته بعبارات أو مواقف قاسية.
أما عن المناهج، ورغم أنها غير محدثة كما نرجو، إلا أن على المعلم والمعلمة دورًا كبيرًا في تجديدها بروحهم، وإيصالها للطالب بطريقة مشوقة وهادفة، مع الالتزام بالهدف الأساس وعدم الخروج عنه. فالمعلم المبدع قادر على إحياء المادة الجامدة وتحويلها إلى تجربة تعليمية ممتعة.
إن التعليم ليس مجرد كتاب ومنهج، بل هو رسالة إنسانية، وبناء وعي، وصناعة أمل. وما أحوج بلادنا اليوم إلى معلمين يحملون هذه الرسالة بصدق، ليكونوا هم صناع المستقبل وحماة القيم.
فلنعلّم أبناءنا لننقذ أوطاننا.