أخطر من الأعاصير.. تغير المناخ سيزيد حجم حبات البرد
كشفت دراسة حديثة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" أن التغير المناخي سيؤدي إلى انخفاض في تكرار حدوث العواصف البردية، لكنه سيزيد حجم حبات البرد، وقدرتها على إحداث أضرار كبيرة.
وبحسب الدراسة، التي قادها الباحث في العواصف الشديدة بجامعة شمال إلينوي الأمريكية فيكتور جينسيني، فقد أثبتت العواصف الثلجية نفسها بالفعل باعتبارها الخطر الأكثر تكلفة المرتبط بالعواصف الرعدية الشديدة، متجاوزة تكاليف الأضرار للأعاصير والرياح الشديدة.
وبينت الدراسة أنه يمكن لعاصفة ثلجية واحدة كبيرة أن تسبب أضرارًا بمليارات الدولارات، وتؤثر على آلاف المركبات والممتلكات. ويؤكد هذا القلق المتزايد، الحاجةَ إلى إجراء المزيد من الأبحاث الشاملة حول تكوين حبات البرد ومخاطرها المستقبلية.
واستخدم فريق جينسيني نماذج طقس متقدمة تعمل على أجهزة حاسوب فائقة لمحاكاة العواصف البردية المستقبلية تحت مستويات مختلفة من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتشير النتائج إلى أنه بينما سيقل تكرار العواصف البردية بسبب الهواء الأكثر دفئًا وزيادة الذوبان، إلا أن العواصف التي ستحدث ستكون مصحوبة بحبات برد أكبر.
ويعود ذلك، وفقًا للدراسة، إلى التيارات الصاعدة الأقوى في العواصف الرعدية، والتي ستتغذى على الجو الأكثر دفئًا ورطوبة، ما سيسمح لحبات البرد بالبقاء معلقة في الهواء لفترة أطول لتنمو وتكبر.
وقال جينسيني "هناك نقطة محورية عند قطر أربعة سنتيمترات، أي بحجم كرة الجولف تقريبًا."وأضاف أن حبات البرد الأصغر من هذا الحجم تكون أكثر عرضة للذوبان أثناء سقوطها بسبب سرعتها الأبطأ. ولكن بمجرد أن تصل حبة البرد إلى قطر أربعة سنتيمترات، فإنها تسقط بسرعة أكبر، وتكون أقل عرضة للذوبان، ما يؤدي إلى سقوط حبات برد أكبر وأكثر تدميرًا على الأرض.
ودعم خبراء آخرون في هذا المجال نتائج الدراسة، إذ أوضح مات كومجيان، أستاذ علوم الغلاف الجوي في جامعة ولاية بنسلفانيا، الآثار الاقتصادية الكبيرة لزيادة حجم حبات البرد المتوقعة، وقال: "في حين أن العواصف الأقل تكرارًا قد تقلل من العدد الإجمالي لأحداث البرد، فإن حبات البرد الأكبر قد تزيد بشكل كبير من الأضرار المحتملة عند حدوثها."
وأظهرت العواصف البرَدية الأخيرة بالفعل القوة التدميرية للبرد الكبير، فقد تسببت عاصفة بردية في كولورادو سبرينغز في أغسطس 2024 في أضرار كبيرة في حديقة حيوان شايان ماونتن؛ ما أدى إلى وفاة حيوانين وإصابة 14 شخصًا.
وتؤكد مثل هذه الحوادث، التحدي المتزايد الذي يواجه شركات التأمين، التي أبلغت عن خسائر تزيد على 100 مليار دولار من العواصف الشديدة في الولايات المتحدة خلال الـ 18 شهرًا الماضية، مع نسبة كبيرة من الأضرار ناتجة عن البرد.
كما أشار جينسيني إلى زيادة التكاليف المرتبطة بالعواصف البردية، ملاحظًا أن التأثير الاقتصادي كان في ازدياد على مدار العقد الماضي على الأقل. وقال: "يعود هذا الاتجاه إلى وجود بنى تحتية أكثر تكلفة في المناطق المعرضة للبرد."
وتشدد الدراسة أيضًا على الحاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية تطور أحجام حبات البرد في مناخ دافئ وكيفية تحسين التنبؤات للتخفيف من المخاطر المرتبطة بها. فعلى عكس الأعاصير التي تتطلب ظروفًا معينة لتتشكل، يمكن أن يتشكل البرد تحت مجموعة أوسع من الظروف، ما يجعله ظاهرة معقدة للدراسة والتنبؤ بها.
وأكد إيان جيامانكو، الذي يقود دراسة مستمرة حول البرد لصالح معهد التأمين للسلامة المنزلية والشركات، على أهمية الإجابة عن هذه الأسئلة، وقال "مع تقدم التغير المناخي، يصبح فهم كيفية تغير العواصف البردية أمرًا ضروريًّا، نظرًا للأضرار الكبيرة التي تسببها سنويًّا." وأضاف أن العديد من مواد البناء المستخدمة اليوم ليست مصممة لتحمل حبات البرد الكبيرة التي قد تصبح أكثر شيوعًا.
وفي المستقبل، يخطط جينسيني وفريقه لإطلاق حملة ميدانية شاملة، تشمل نشر رادارات دوبلر متنقلة وبالونات الطقس وأجهزة استشعار لدراسة العواصف البردية في الوقت الحقيقي، بهدف تحسين دقة التنبؤ وفهم ديناميكيات تكوين البرد بشكل أفضل.
ومع تزايد تهديد البرد الأكبر والأكثر تدميرًا، يتسابق الباحثون مع الزمن لفهم أسرار العواصف البردية وتطوير إستراتيجيات للتخفيف من تأثيراتها.