تقرير صادم:  كيف نسفت الشراكة الوطنية في الجنوب؟

تقرير صادم:  كيف نسفت الشراكة الوطنية في الجنوب؟

تقرير صادم:  كيف نسفت الشراكة الوطنية في الجنوب؟

الأول /خاص

الشراكة الوطنية في الجنوب اليمني كانت بمثابة أساس ضروري لتوحيد الجهود وتحقيق الاستقرار في منطقة تشهد توترات وصراعات مستمرة. غير أن التحركات الأخيرة التي يقودها عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، تثير تساؤلات حول مدى التزامه بهذه الشراكة، وخاصة في ظل الحرب الاقتصادية التي يخوضها مقربون منه، وعلى رأسهم وزير النقل عبدالسلام حميد، ضد شركة "طيران بلقيس" المملوكة لرجل الأعمال **أحمد العيسي.

الحرب ضد "طيران بلقيس": تصفية حسابات أم مصالح شخصية؟

الاستهداف الذي تتعرض له شركة "طيران بلقيس" يعكس حربًا اقتصادية واضحة. ومع أن العيسي يعتبر شخصية بارزة في الساحة الاقتصادية والسياسية، فإن الحملة ضد شركته لا تبدو أنها تستهدفه شخصيًا فحسب، بل تتجاوز ذلك لتصل إلى محاولة إضعاف محافظة أبين، التي يُعد العيسي أحد أبنائها البارزين. 

هذه الحرب الاقتصادية ليست مجرد صراع على النفوذ بين أفراد، بل هي جزء من مخطط أكبر يهدف إلى تغيير معادلة القوى الاقتصادية في الجنوب. بالنظر إلى الشراكة بين عيدروس الزبيدي ورئيس الوزراء السابق معين عبدالملك، يبدو أن هناك نية واضحة لإنشاء شركة طيران جديدة. هذا المخطط يعزز الشكوك بأن الهدف من الحرب على "طيران بلقيس" هو تمهيد الطريق لتأسيس شركة طيران بالشراكة بين الزبيدي ومعين، مما يفتح المجال أمام استحواذ كامل على قطاع الطيران المدني الجنوبي.

إضعاف أبين: حسابات سياسية

من الواضح أن محافظة أبين، التي تُعد تاريخيًا من المناطق المؤثرة في الجنوب، تواجه حملة إضعاف اقتصادي موجهة. هذا الإضعاف لا يمكن فهمه بمعزل عن الحسابات السياسية لعيدروس الزبيدي، الذي يسعى لترسيخ سيطرته على المناطق الجنوبية الرئيسية وتهميش القوى المنافسة. استهداف أحمد العيسي، الذي يُعتبر واحدًا من أبرز رجال الأعمال في أبين، هو جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى تقليص دور المحافظة وإضعاف نفوذها الاقتصادي، وبالتالي تهميش أي تحديات سياسية محتملة قد تنبثق منها.

الشراكة الوطنية: إلى أين؟

المجلس الانتقالي الجنوبي، تحت قيادة الزبيدي، كان يُروج لفكرة الشراكة الوطنية كإطار لتحقيق المصالح الجنوبية. غير أن السياسات الأخيرة، والحرب الاقتصادية ضد رجال أعمال مؤثرين مثل العيسي، تضع هذه الشراكة على المحك. يبدو أن الزبيدي اختار طريق التفرد بالقرار، متجاهلاً مبدأ الشراكة ومتجهًا نحو تعزيز تحالفات جديدة قائمة على المصالح الاقتصادية مع شخصيات مثل معين عبدالملك.

إن مثل هذه السياسات تُهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي في الجنوب، وتجعل من الصعب على القوى الوطنية الجنوبية توحيد صفوفها لمواجهة التحديات الكبرى. إذ أن إضعاف أبين اقتصادياً، والهيمنة على القطاعات الحيوية مثل الطيران، لن يسهم في تعزيز الاستقرار أو تحقيق التنمية، بل سيعزز من حالة التنافس والصراع داخل المعسكر الجنوبي نفسه.

 تقويض الشراكة 

يبدو أن السياسات التي ينتهجها عيدروس الزبيدي والمقربون منه، بما في ذلك الهجوم على شركات مثل "طيران بلقيس"، تعكس توجهاً قد يؤدي إلى تقويض مبدأ الشراكة الوطنية في الجنوب. في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى الاستقرار والتعاون بين مختلف الأطراف، يتجه المجلس الانتقالي نحو تعزيز سلطته الخاصة على حساب الآخرين، مما يهدد بإحداث مزيد من الانقسامات ويضعف فرص الاستقرار والتنمية.