إدارة سلاسل التوريد واللوجستيات،، حلول علمية لتجاوز التحديات المالية والاقتصادية في بلادنا 

إدارة سلاسل التوريد واللوجستيات،، حلول علمية لتجاوز التحديات المالية والاقتصادية في بلادنا 

بقلم د/علي ناصر سليمان الزامكي - أستاذ الإدارة المالية المشارك بكلية العلوم الادارية بجامعة عدن

نتابع ويتابع الجميع الأحداث السياسية المختلفة وآثارها على الاقتصاد والتجارة والإدارة المتعلقة بتسيير حياة الناس ونحاول تعريف القارئ لجزء مهم وعامل مباشر وغير مباشر في تعقيدات وتحديات المشهد السياسي والاقتصادي وذلك باسقاط علمي لمفهوم وماهية إدارة سلسلة التوريد واللوجستيات وتأثيرها المباشر على تسيير وتكامل المنظومة الاقتصادية والمالية التي أضحت بضلالها على حياة الناس وازدياد وتفاقم تحدياتها الاقتصادية والمالية أمام الدولة وحكومتها ومؤسساتها، ونحن هنا في مهمة استعراض بتصرف لإدارة سلسلة الإمداد والنقل والتوريد، إضافة إلى المهارات اللوجستية المتخصصة، وتسييرها الخاص لبيئة الأعمال في القطاع الصناعي والإنتاجي، وقطاع الخدمات، حيث تعدّ هذه المهمة الإدارية من أساليب الإدارة الجديدة والمتقدِّمة التي ظهرت وتطوَّرت بسرعة في مختلف القطاعات الصناعية والإنتاجية والخدمية في جميع أنحاء العالم.

وتعرّف إدارة العمليات وسلاسل الإمداد (التوريد) بأنها علم وفن إدارة المتابعة والمراقبة لجميع الأنشطة والعمليات المرتبطة بالسلع والمنتجات التي يحتاجها المستهلك من مصادرها وحتى وصولها للمستهلك بجودة عالية، والفرق بين سلاسل الإمداد (التوريد) واللوجستيات، إذ أن سلاسل التوريد (الامداد) تركز على التحكم والتنسيق بين جميع الأطراف في السلسلة بأكملها لتحقيق الكفاءة والاستجابة للعملاء، في حين أن اللوجستيات تركز على إدارة الأنشطة اللوجستية الداخلية للشركة لتحقيق الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف، ويتضمن ذلك تخطيط سلسلة التوريد وهي عملية توقع طلب المنتج وتنسيق الروابط في سلسلة التوريد لتسليمه، بالإضافة إلى توقع الطلب وتخطيطه، فإنه يتضمن تخطيط التوريد، وتخطيط متطلبات المواد (MRP)، وتخطيط الإنتاج، وتخطيط المبيعات والعمليات (S&OP).

فسلاسل الإمداد هي شبكة متصلة من الأفراد والموارد والأنشطة والتقنيات المشاركة في تصنيع وبيع منتج أو خدمة وتبدأ بتسليم المواد الخام من المورد إلى الشركة المصنعة وتنتهي بتسليم المنتج النهائي أو الخدمة إلى المستهلك النهائي، أي أنها الخطوات التي تتخذها الشركات لتوصيل المنتج أو الخدمة من حالتها الأصلية وصولاً إلى العميل النهائي، وبحسب تعريف APICS فإن سلاسل الإمداد هي ”تصميم أنشطة سلسلة التوريد وتخطيطها وتنفيذها ومراقبتها بهدف تحقيق صافي القيمة، وبناء بنية تحتية تنافسية، والاستفادة من الخدمات اللوجستية العالمية، ومزامنة العرض مع الطلب، وقياس الأداء عالميًا”، وتعرفها منظمة إدارة سلاسل الإمداد CSCMP أنها ” تخطيط وإدارة جميع الأنشطة المشاركة في تحديد المصادر والمشتريات والتحويل وجميع أنشطة إدارة الخدمات اللوجستية، ويشمل أيضًا التنسيق والتعاون مع شركاء القنوات، الذين يمكن أن يكونوا موردين ووسطاء ومقدمي خدمات من جهات خارجية وعملاء.

فهذه العملية لها فوائد عديدة منها تزود إدارة سلسلة الإمداد الشركات بالعديد من الفوائد التي تُترجم إلى أرباح أعلى وصورة أفضل للعلامة التجارية وميزة تنافسية أكبر، وتشمل إدارة المخاطر والتنبؤ لمتطلبات السوق، وزيادة الاستدامة، من وجهة نظر مجتمعية وبيئية، وتحسينات في التدفق النقدي، وتقديم خدمات لوجستية أكثر كفاءة.

وهناك عدة عناصر لإدارة سلاسل التوريد (الإمداد) أبرزها الخطة أو الاستراتيجية وذلك لإدارة جميع الموارد التي يتم من خلالها تلبية طلب العملاء على منتجاتهم أو خدماتهم، وجزء كبير من التخطيط هو تطوير مجموعة من المقاييس لمراقبة سلسلة التوريد بحيث تكون فعالة بتكاليف أقل وتوفر جودة وقيمة عالية للعملاء، أما العنصر الآخر هو المصدر (المُورد) إذ تقوم الشركات باختيار الموردين اللازمين لتوفير السلع والخدمات التي يحتاجونها لخلق المنتجات لذلك، ويجب على مديري سلسلة التوريد تطوير مجموعة من عمليات التسعير والتسليم والدفع مع الموردين وإنشاء مقاييس لمراقبة العلاقات وتحسينها وبعد ذلك، ويعمل مديرو SCM على تجميع عمليات لإدارة مخزون سلعهم وخدماتهم، بما في ذلك استلام الشحنات والتحقق منها، وتحويلها إلى مرافق التصنيع والإنتاج، كذلك التصنيع إذ يجب على مديرو سلسلة التوريد بجدولة الأنشطة اللازمة للإنتاج والاختبار والتعبئة والتحضير للتسليم وهذا هو الجزء الأكثر كثافة من حيث المقاييس في سلسلة التوريد، كما أن عنصر التسليم هو الجزء الذي يشير إليه العديد من المطلعين في SCM على أنه لوجستيات، حيث تقوم الشركات بتنسيق استلام الطلبات من العملاء، وتطوير شبكة من المستودعات، واختيار شركات النقل لإيصال المنتجات إلى العملاء وإنشاء نظام فواتير لاستلام المدفوعات، وأخيراً المُرجع (المردودات) حيث يمكن أن يكون هذا جزءًا إشكاليًا من سلسلة التوريد للعديد من الشركات حيث يتعين على مخططي سلسلة التوريد إنشاء شبكة سريعة الاستجابة ومرنة لاستلام المنتجات المعيبة والزائدة من عملائهم ودعم العملاء الذين لديهم مشاكل مع المنتجات المستلمة، وتكمن أهمية هذه العملية في أنها تُعزز من خدمة العملاء في الشركة، وتُقلل تكاليف التشغيل، وتُحسن الوضع المالي للشركة، وتضمن الكفاءة وتُحسن الجودة.

ختامًا يمكننا أن نستنتج أن سلاسل الإمداد هي عبارة عن الشبكات المعقدة التي تربط الشركات والموردين والعملاء في عملية تسليم السلع والخدمات من المورد إلى المستهلك النهائي وتعتبر سلاسل الإمداد حلقة الوصل الحيوية التي تسهم في نجاح الأعمال والصناعات المختلفة، وتوفر عديد من الفوائد والمزايا في تحقيق التكلفة المنخفضة والجودة العالية للسلع والخدمات.

وبناءً على ماسبق طرحه إذا أردنا ان نسهم في تجاوز التحديات الحالية والمستقبلية التي تعاني منها بلادنا يكون في استيعاب وفهم أهمية دور سلاسل التوريد واللوجستيات بوصفها مهمة إدارية هامة نحو التنمية الشاملة والمستدامة، ولعل بعض الإصلاحات الاقتصادية التي تجرى حالياً فيما يتعلق بوقف الجبايات والرسوم غير القانونية بحاجة إلى دعم وتضافر كل الجهود الحكومية والمجتمعية وأن يسعى الجميع الدولة والحكومة ومؤسساتها والمجتمعات المحلية بعقل جمعي لاستيعاب أهمية سلاسل التوريد واللوجستيات للمنتجات والخدمات من موطنها الأصلي سواء كان محلياً أو إقليمياً أو دولياً وذلك للوقوف عليها والعمل على الحلول السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية لتجاوزها، للمساهمة المباشرة والفعالة في تفعيل دورة الحياة للمنتجات والخدمات والتي يكون لها الأثر المباشر على الدورة النقدية والمالية التي تواجه جملة من الصعوبات ومنها كما نرى اضافة إلى الانقسام المصرفي وضعف دور القطاع المصرفي في الاستقرار النقدي والمالي وانخفاض موارد الدولة لدى البنك المركزي سيما مواردها من العملات الاجنبية ومهام ودور البنوك المركزية، نرى أن إدارة سلاسل التوريد واللوجستيات عامل مهم ومهم جداً نحو الإصلاحات الاقتصادية النقدية والمالية في بلادنا.