بايدن و(الفرصة الأخيرة)!.. رسالة غير عادية من متحدثة وزارة الخارجية الأمريكية! 

هل يمكن لإدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، أن تصلح ما أفسده عامٌ ونيف من الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة؟

بايدن و(الفرصة الأخيرة)!.. رسالة غير عادية من متحدثة وزارة الخارجية الأمريكية! 

(الأول) متابعة خاصة:

ستايسي جيلبرت، المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية وعملت كمستشارة في مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع للوزارة، كانت قد استقالت في أبريل/نيسان الماضي، احتجاجا على سياسة واشنطن تجاه الحرب في غزة.

تعود جيلبرت اليوم من خلال تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي"، الأمريكية، لتُذكر إدارة بايدن بـ"الفرصة الأخيرة" للقيام بالشيء الصحيح تجاه قطاع غزة الذي يتعرض للقصف والحصار منذ أكثر من عام.

الرسالة (غير العادية)
في التحليل الذي طالعته "العين الإخبارية" في المجلة، تشير  جيلبرت إلى الرسالة "غير العادية" التي أرسلها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين والدفاع لويد أوستن، إلى نظرائهم الإسرائيليين.

وقد أوضحت الرسالة- بحسب فورين بوليسي- كيف تعرقل إسرائيل المساعدات الإنسانية في غزة، وطالبت تل أبيب باتخاذ خطوات ملموسة لتخفيف الأزمة في غضون 30 يوما أو المخاطرة بفقدان المساعدات العسكرية الأمريكية.

ومع انتهاء الموعد، تقول المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية إنه تغير الكثير منذ إرسال تلك الرسالة، مثل: 

انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أحد متلقي الرسالة.
أقر الكنيسيت (البرلمان) الإسرائيلي قانونين لوقف العمل الأساسي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة والضفة الغربية.
 أشياء كثيرة تغيرت إلا هذا
لكن ما لم يتغير- وفق المصدر- هو أن الحكومة الإسرائيلية تواصل بشكل تعسفي عرقلة وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الفلسطينيين المحتاجين بشدة وتستخدم الأسلحة الأمريكية للتسبب في الموت والدمار العشوائي في جميع أنحاء غزة.

وتشير "فورين بوليسي" إلى أنه في الأسابيع الأخيرة من ولايته، أتيحت للرئيس الأمريكي جو بايدن فرصة فريدة لتصحيح هذا.

 إذ بدلا من الاستمرار في الدفاع عن شن إسرائيل للحرب، كان على إدارته أن تعترف بالحقائق ببساطة، فإسرائيل تواصل منع المساعدات الإنسانية، وبالتالي، وفقا للقانون الأمريكي، لا يمكنها تلقي الأسلحة التي تقدمها الولايات المنتحدة.

وعلى الرغم من "نفيها"، فقد أعاقت السلطات الإسرائيلية كل جانب من جوانب المهمة الإنسانية المعقدة في غزة منذ بدء الحرب قبل أكثر من عام. تضيف "فورين بوليسي".

وقد وثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية علامات واضحة على هذه السياسة الإسرائيلية، مثل: 

عرقلة وصول الشاحنات العالقة على الحدود، ونقاط العبور والموانئ المحدودة.
عرقلة أوقات التشغيل المقيدة.
التأخير في الحصول على التصاريح لسائقي الشاحنات.
التأخير في الحصول على التصاريح للموظفين في القطاع الطبي، وعمال الإغاثة.
إضافة إلى مجموعة مربكة من العوائق البيروقراطية، مثل القائمة المتغيرة باستمرار للعناصر التي تعتبرها إسرائيل أسلحة محتملة، من المصابيح الكهربائية إلى المقصات الجراحية.

وفي الوقت نفسه، قالت المجلة الأمريكية إنه "تم تهجير سكان غزة بالكامل تقريبا. وانخفض كل مؤشر قابل للقياس للصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والمأوى والحماية والوصول إلى المساعدات إلى ما دون ما نراه عادة في الصراعات".

 كل شيء إسرائيل
 كما أن المنظمات الإنسانية أصبحت الآن تحت رحمة سياسة إسرائيل العشوائية التي تفرض عليها إخطار الجيش الإسرائيلي بمواقعها لتجنب استهدافها في عملية عسكرية. والنتيجة هي مقتل أكثر من 300 عامل إغاثة ــ وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق في أزمة واحدة.

 وأمس الأول الثلاثاء، أصدرت ثماني منظمات إنسانية تعمل في قطاع غزة بطاقة لتقييم مدى امتثال إسرائيل للتغييرات المطلوبة في الرسالة الصادرة في الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الأول.

وخلصت إلى أن إسرائيل لم تفشل فقط في تلبية كل المتطلبات الواردة في الرسالة تقريبا، بل اتخذت أيضا إجراءات إضافية أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير، وخاصة في شمال غزة.

على سبيل المثال، عدد الشاحنات المسموح لها بدخول غزة. فقد اشترطت رسالة أكتوبر، أن تسمح إسرائيل بحد أدنى 350 شاحنة بدخول غزة يوميا، ولكن بطاقة التقييم وجدت أنه خلال الثلاثين يوما منذ ذلك الحين، لم يدخل سوى 42 شاحنة في المتوسط ​​كل يوم.

وفي بعض الأيام، كان هذا العدد منخفضا إلى ست شاحنات. حتى إن المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل قال إن إسرائيل سمحت في الفترة من 1 إلى 9 نوفمبر/تشرين الثاني بدخول 404 شاحنات فقط إلى غزة خلال فترة التسعة أيام بأكملها.

 ونتيجة لهذا، أصبحت الظروف في غزة اليوم أسوأ مما كانت عليه عندما أرسل بلينكن وأوستن رسالتهما.

ففي الأيام الثلاثين الماضية، قُتل حوالي 1400 شخص في قطاع غزة، بما في ذلك في غارة جوية في 29 أكتوبر على مبنى سكني من خمسة طوابق في بيت لاهيا، شمالي القطاع، أسفرت عن مقتل 90 شخصا على الأقل - 20 منهم من الأطفال.

وبهذا يرتفع عدد القتلى في غزة إلى أكثر من 43600، وفقا لوزارة الصحة هناك، على الرغم من اعتقاد السلطات المحلية أن العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير.

والأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن المدنيين النازحين في شمال غزة - الذي يتم تدميره وإخلاء سكانه في ظل ظروف وصفها كبار المسؤولين في الأمم المتحدة مؤخرًا بأنها "مروعة" - لن يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم، في تجاهل صارخ للقانون الإنساني الدولي.

وعلاوة على ذلك، أصدرت مجموعة دولية من خبراء الأمن الغذائي في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني تحذيرا مفاده أن قطاع غزة بأكمله يواجه انعداما حادا في الأمن الغذائي وأن هناك "احتمالا قويا بأن المجاعة وشيكة" بالنسبة لما يقدر بنحو 75 ألف إلى 90 ألف شخص عالقين في شمال غزة.

وعليه، لفتت ستايسي جيلبرت إلى أنه منذ بداية هذا الصراع، كانت وزارة الخارجية الأمريكية تمتلك كل المعلومات التي تحتاجها لتحديد ما إذا كانت إسرائيل تعوق المساعدات الإنسانية بدقة، لكنها اختارت إعطاء الأولوية للدعم غير المشروط لتل أبيب على القانون الأمريكي.

وفي مايو/أيار، قدمت وزارتا الخارجية والدفاع تقريرا إلى الكونغرس خلص إلى أن إسرائيل لم تكن تعوق المساعدات الإنسانية.

ومع ذلك، كانت منظمات الإغاثة والخبراء في مكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية قد أفادوا بخلاف ذلك لعدة أشهر.

 الفرصة الأخيرة
وبصفتها مستشارة مدنية عسكرية كبيرة في مكتب اللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، تقول ستايسي جيلبرت، إنها كانت أحد المطلعين في هذا الموضوع الذين عملوا على التقرير حتى تم إبعادها وزملائها منه حتى يمكن تحريره على مستوى أعلى.

وكان القرار النهائي للتقرير هو "الالتفاف على المادة 620I من قانون المساعدات الخارجية، وهو القانون الذي يتطلب وقف المساعدة إلى بلد يعرقل المساعدات الإنسانية الأمريكية".

ولفتت جيلبرت إلى أنها أخبرت قيادة وزارة الخارجية أن التقرير الكاذب بشكل واضح سوف يطاردهم، قبل أن تقدم استقالتها.

لكن جيلبرت عادت اليوم لتُذكر إدارة بايدن قبل تنصيب رئيس جديد، بالفرصة الأخيرة "للقيام بالشيء الصحيح".

وتقول " المهمة واضحة: النظر في الحقائق واتخاذ قرار صادق حول ما إذا كانت تصرفات الحكومة الإسرائيلية قد ساعدت أو أضرت بشعب غزة".

ونوهت إلى أنه "قد يُنظر إلى وقف تسليم الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل الآن على أنه خطوة غير مهمة يمكن أن تنقضها الإدارة القادمة، لكنها ستكون عودة شجاعة إلى القانون الأمريكي والمبادئ الإنسانية، مهما كانت قصيرة. لم يفت الأوان أبدًا للامتثال للقانون".