تحشيدات للحوثيين في الحُديدة تحسباً لمعركة محتملة

تحشيدات للحوثيين في الحُديدة تحسباً لمعركة محتملة

(الأول)متابعات:

تتزايد المؤشرات إلى احتمال استئناف العمليات العسكرية في اليمن، عقب توقفها وفق الهدنة المعلنة بين جماعة الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً برعاية أممية منذ إبريل/نيسان 2022، وذلك بهدف السيطرة على محافظة الحُديدة الساحلية، غربي اليمن، والمطلة على البحر الأحمر. 

وذكر شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، أن "جماعة الحوثيين استحدثت متاريس وتحصينات ترابية، وحفرت أنفاقاً، وزرعت ألغاماً في مدينة الحُديدة وفي عدد من مديريات المحافظة، أبرزها الجراحي والتحيتا وجبل رأس والدريهمي".

- تحصينات الحوثيين في الحُديدة

من جهتها قالت السلطة المحلية في محافظة الحُديدة التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، في بيان الأربعاء (13 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي)، إن "مليشيات الحوثي أجبرت خلال اليومين الماضيين سكان خمس قرى جنوب مديرية الجراحي، تضم 350 أسرة، أي نحو 1750 نسمة، على إخلاء منازلهم تحت تهديد السلاح، للشروع في الاستحداث وحفر أنفاق وبناء تحصينات عسكرية في تلك المناطق السكنية". بالمقابل كانت جماعة الحوثيين في إطار استعداداتها العسكرية قد أجرت، نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مناورة عسكرية تكتيكية في الساحل الغربي اليمني تحت اسم "ليسوءوا وجوهكم" نفذتها القوات البحرية والبرية التابعة للجماعة. وتسيطر جماعة الحوثيين على محافظة الحُديدة التي تعد من أهم المحافظات الواقعة تحت سيطرة الجماعة، نتيجة الأهمية الاقتصادية والعسكرية لها، إذ تضم ثلاثة موانئ رئيسية هي ميناء الحُديدة ورأس عيسى والصليف، كما تضم مطاراً دولياً، وعدداً من المعسكرات، أبرزها معسكر الدفاع الساحلي. 

وتتكون محافظة الحُديدة من 26 مديرية، تسيطر الجماعة على 24 مديرية منها، بينما تسيطر القوات التابعة لعضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، على مديريتي حيس والخوخة جنوبي المحافظة.

وتتخذ المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح من الساحل الغربي مسرحاً لعملياتها، إذ يقع مركز قيادتها في مدينة المخا، التي تضم 13 من الألوية العسكرية، وهي الأول والثاني مقاومة تهامة، واللواء الأول والثاني زرانيق، واللواء السابع والتاسع عمالقة، والألوية 11 و12 و13 حراس جمهورية، والأول والثاني مشاة، والأول والثاني مغاوير. 

وكانت القوات الحكومية قد نجحت العام 2017 في تحرير الساحل الغربي من المخا جنوباً وحتى شارع الخمسين والمطار و"كيلو 16" على أطراف مدينة الحُديدة شمالاً. وكانت على بعد بضعة كيلومترات من السيطرة على ميناء الحُديدة الاستراتيجي، غير أن مجلس الأمن مارس ضغوطاً على القوات الحكومية والتحالف العربي لإيقاف المعارك تحت مبرر التخوّف من كارثة إنسانية في حال السيطرة على الميناء. ودخلت الأطراف اليمنية في مفاوضات في السويد التي أفضت إلى توقيع اتفاق استوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018، والذي يشمل إيقاف العمليات العسكرية، وتنفيذ انسحابات وإعادة انتشار لقوات الطرفين، غير أن معظم بنود الاتفاق لم تطبق باستثناء وقف العمليات القتالية.

- الخيار العسكري

وعاد الحديث عن الخيار العسكري البري عقب فشل الولايات المتحدة وبريطانيا بإيقاف هجمات الحوثيين. وتشن أميركا، منذ 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، غارات جوية في إطار عملية عسكرية أطلق عليها "رامي بوسيدن"، تستهدف مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في مناطق تسيطر عليها الجماعة. 

بالمقابل يقول المحلل العسكري المقدم أحمد المليكي، لـ"العربي الجديد"، إن "(الحكومة) الشرعية تعاني من الاختلال في بنية مؤسستها العسكرية، إذ لا تزال الأجهزة العسكرية الموالية لها عبارة عن كيانات متعددة، فيما جزء كبير منها لا يتبع وزارة الدفاع بما فيها القوات الموجودة في الساحل الغربي". يعني ذلك وفق المليكي أن الحكومة "غير مستعدة للدخول في معركة هجومية بهدف التحرير، بينما الحوثيون أكثر استعداداً لحرب برية، إذ استمروا بعمليات التجنيد وإقامة المعسكرات خلال فترة الهدنة التي بدأت في إبريل 2022".

ويرى أن السيناريو المتوقع في حال شن معركة لتحرير الحُديدة أن "يتم إسناد المهمة إلى القوات المشتركة التابعة للعميد طارق صالح الموجود في الساحل الغربي بدعم أميركي إماراتي بالدرجة الأولى، مع استبعاد دخول السعودية نتيجة حرصها على التهدئة مع الحوثيين بسبب اهتمامها بالشأن الداخلي المتعلق برؤية 2030، ونتائج المشاورات السابقة مع الجماعة، وكذا تقاربها الأخير مع إيران". ويتوقع المليكي "أن تكون أهداف العملية العسكرية في حال اتخاذ القرار بشأنها، عملية محدودة ودقيقة تهدف للسيطرة على ميناء ومطار الحُديدة والمعسكرات داخل المدينة، أي أن هدف العملية سيكون تأمين السفن في البحر الأحمر، وإضعاف قدرات الحوثيين الصاروخية التي تهدد حركة الملاحة الدولية".