في ظل التحديات الإنسانية العالمية.. جينات الشيخ زايد الخيرية تؤسس (وكالة الإمارات للمساعدات الدولية)
(الأول) متابعة خاصة:
يشكّل إنشاء وكالة الإمارات للمساعدات الدولية خطوة مهمة تهدف إلى تنظيم الجهود الإغاثية وتوسيع نطاق الدعم، بما يواكب تطلعات الدولة الخليجية لتعزيز استجابتها للتحديات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم.
كما تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز ريادة دولة الإمارات في مجال العطاء الإنساني، مستلهمة قيمها القائمة على التسامح والتعاون، خاصة مع تزايد الصراعات المسلحة، والأزمات الاقتصادية، والكوارث الطبيعية، في العقود الأخيرة، وهو ما رفع الحاجة إلى استجابات سريعة وفعالة لتخفيف معاناة الشعوب.
وكالة للمساعدات الإنسانية
وفي تأكيد على التزام أبوظبي بدورها الإنساني، أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (11 نوفمبر 2024) مرسوماً اتحادياً ينص على تأسيس "وكالة الإمارات للمساعدات الدولية" والتي تتبع مجلس الشؤون الإنسانية الدولية.
وتمنح هذه الوكالة الشخصية الاعتبارية المستقلة، بما يتيح لها الصلاحية القانونية الكاملة للقيام بمهامها.
وبحسب المرسوم الاتحادي رقم (27) لعام 2024، تُعنى الوكالة بتنفيذ برامج المساعدات الخارجية، وفقاً لتوجيهات السياسة العامة للشؤون الإنسانية الدولية.
وتشمل مهامها - وفقاً للمرسوم الاتحادي - تخطيط وتنسيق ودعم وتنفيذ البرامج الحكومية الرسمية، والمشروعات التنموية، وبرامج التعافي المبكر، وتثبيت الاستقرار، إلى جانب تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية والإغاثية.
ومن جانبه صرّح نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، بأن تأسيس وكالة الإمارات للمساعدات الدولية يُعد تجسيداً لنهج الإمارات الإنساني الأصيل، الذي أرسى دعائمه الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وقال: إن "هذا النهج يعكس التزام دولة الإمارات بمواجهة التحديات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة على المستوى العالمي، وتواصل الدولة هذا المسار بقيادة حكيمة ودعم مستمر من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ما يؤكد التزام القيادة والحكومة والشعب بتعزيز هذا المسار الإنساني النبيل".
من جهته، قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إن إنشاء هذه الوكالة يعزز "دور دولة الإمارات الإنساني في تقديم المساعدات الحيوية، وتحسين الواقع المعيشي ودعم المجتمعات والشعوب في جميع أنحاء العالم من خلال العمل والتعاون مع شركائها الدوليين".
الإمارات والأمن الغذائي
تؤكد مريم بنت محمد المهيري، رئيسة مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، على الدور العالمي لبلادها في مجال الأمن الغذائي.
وفي تصريحٍ لها، منتصف أكتوبر الماضي، قالت إن بلادها تقوم بأدوار كبيرة عبر توفير وتوزيع المساعدات الغذائية الأساسية للمجتمعات والشعوب المُحتاجة، إذ بلغت قيمة المساعدات الإماراتية الخارجية المُوجهة لدعم الأمن الغذائي 18 مليار درهم (4.90 مليارات دولار).
ويقول برنامج الأغذية العالمي إن الإمارات واحدة من أكبر داعمي أهدافه التي تركز على توفير الأغذية للدول الأكثر احتياجاً.
ويعد بنك الإمارات للطعام، الذي أطلقه نائب رئيس الدولة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في يناير 2017، من أقوى المشاريع الإماراتية لدعم الأنشطة الإنسانية، وتوزيع الطعام على الأسر المتعففة، حيث استفاد منه 35 مليون مستفيد داخل وخارج الإمارات منذ تأسيسه وحتى آخر حصيلة معلنة (مارس 2024).
أهمية بالغة
ويقول الناشط الإغاثي، أركان الراوي: إن "الأهمية الإنسانية لإنشاء أي وكالة إغاثية تندرج تحت وجود الاحتياج الفعلي لإنشاء هذه المؤسسات، لسد جزء من الاحتياج بمختلف أشكاله"، مشيراً إلى ما تحتاجه شعوب بعض البلدان العربية من مساعدات وإغاثات طارئة كفلسطين والسودان ولبنان وسوريا.
ويضيف أن "أوضاع هذه الدول التي تشهد حروباً وصراعات تحتاج إلى إنشاء وكالات دولية كالتي أعلنت عنها الإمارات؛ لمواجهة التحديات الإنسانية، ودعم المجتمعات التي تشهد أزمات كبيرة، كالمجاعة التي تتفشى في المدن السودانية أو مناطق غزة المحاصرة".
كما يرى الراوي أن "اتساع جهود الدعم الإماراتي الإنساني لهذه الدول والمناطق، سيكون له تأثير كبير، لا سيما أنها تحتاج لسنوات طويلة من إعادة بناء ما دمرته الحروب والصراعات، فضلاً عن الحاجات الإنسانية والمواد الغذائية والوقود وغيرها".
ويؤكد في هذا الصدد بأن الدعم الإماراتي الكبير في هذه المناطق سيكون له تأثير في نقل الوضع الإنساني نقلة نوعية، وذلك نظراً لحجم الأموال والجهود التي تبذلها، معرباً عن أمله أن "تتجرد الوكالات الإنسانية الدولية من أي أهداف سياسية"، حسب الراوي.
تاريخ إنساني
تعتبر الإمارات واحدة من أكثر الدول سخاءً في مجال المساعدات الخارجية، حيث بلغت قيمة المساعدات الخارجية الإماراتية أكثر من 360 مليار درهم (قرابة 98 مليار دولار) منذ تأسيس الاتحاد في عام 1971 حتى منتصف عام 2024، وفقاً للإحصاءات الإماراتية الرسمية.
وشملت هذه المساعدات مختلف المجالات، مثل الصحة، والتعليم، والإسكان، والإغاثة في حالات الطوارئ.
كما عملت الإمارات على تطوير مبادرات عديدة لدعم البلدان التي تعاني من الأزمات الإنسانية، سواء نتيجة النزاعات أو الكوارث الطبيعية.
وينص المبدأ التاسع من "مبادئ الخمسين" لدولة الإمارات -وفقاً لموقع "الإمارات اليوم"- على أن المساعدات الإنسانية الخارجية جزء من نهج الدولة والتزاماتها الأخلاقية تجاه المجتمعات المحتاجة، حيث تتم هذه المساعدات دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون أو الثقافة.
كما يشدد المبدأ على أن الخلافات السياسية مع أي دولة لا تشكل مبرراً لعدم تقديم الإغاثة لها عند الأزمات والكوارث.
وتحظى فئات النساء والأطفال وكبار السن بأولوية قصوى في برامج العمل الخيري الإماراتي، حيث تعمل الإمارات على تلبية احتياجاتهم الضرورية.
كما رسخت الإمارات نموذجاً مميزاً في تنظيم العمل الإنساني من خلال تأسيس إطار تشريعي وتنفيذي يضمن المرونة وسرعة الاستجابة، ويفتح المجال لكل شرائح المجتمع للمشاركة في هذه الجهود عبر التطوع أو التبرع أو الزكاة.
وتضم الإمارات العديد من المؤسسات الخيرية والجهات المانحة التي تنشط في مجالات العمل الإنساني والإغاثي، بدعم متواصل من القيادة.
وشهدت السنوات الماضية إطلاق العديد من المبادرات الإنسانية البارزة، مثل حملة "عونك يا يمن" في عام 2015، وحملة "لأجلك يا صومال" في 2017، ومبادرة "الإمارات لأطفال ونساء الروهينغا" في 2019، وحملة "لنجعل شتاءهم أدفأ" لدعم اللاجئين في 2022.
إضافة إلى ذلك، أطلقت مبادرة "جسور الخير" لإغاثة المتضررين من زلزال تركيا وسوريا في عام 2023، وحملة "تراحم من أجل غزة" لمساندة الفلسطينيين المتضررين من النزاع في غزة، وغيرها من المبادرات التي تعكس التزام الإمارات المستمر بقيم الخير والعطاء.