رغم اغتيال قادتها.. لماذا تزداد كتائب القسام في غزة قوة وصلابة؟

ما مدى تأثر كتائب القسام بعد اغتيال قادتها؟.. كيف تدرجت التسليح العسكري للقسام؟

رغم اغتيال قادتها.. لماذا تزداد كتائب القسام في غزة قوة وصلابة؟
كتائب القسام تزداد قوتها منذ سنوات رغم اغتيال قياداتها

(الأول) تقرير / طه العاني :

مع استمرار المواجهات بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، على مدى سنوات طويلة، تزداد عمليات الاغتيال التي تطال قادة كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولكن من الواضح أن ذلك لم يؤثر كثيراً على قوة الكتائب.

ورغم تصاعد حملة الاغتيالات التي استهدفت قادة الكتائب، فإنّ الحركة واصلت تطوير عتادها العسكري أكثر فأكثر، حيث أصبحت الصواريخ أكثر دقة وأبعد مدى.

ونجحت القسام في تنفيذ عمليات إنزال داخل ثكنات غلاف غزة، كما حدث في 2014، وصولاً إلى هجومها غير المسبوق في السابع من أكتوبر الماضي في عملية "طوفان الأقصى".

أبرز الاغتيالات
وعلى مدار عدة سنوات، شرع الاحتلال بعمليات اغتيال واسعة لتصفية قادة وكوادر حماس، منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، ولم تفرق بين الكوادر السياسية والعسكرية في الحركة.

ويعتبر يحيى عياش واحداً من القادة العسكريين البارزين والمهمين في كتائب القسام، حيث اغتالته "إسرائيل"، متهمة إياه بالمسؤولية عن مقتل عدد كبير من الإسرائيليين.

ويعد عياش أحد أبرز من أنجبته المقاومة الفلسطينية، وعرف ببراعته وذكائه العسكري، وأشرف على تنفيذ سلسلة من التفجيرات والعمليات الاستشهادية داخل "إسرائيل"، واعتبر اغتياله خسارة كبيرة لكتائب القسام.

ودائماً ما كان القيادي العسكري البارز صلاح شحادة هدفاً لجيش الاحتلال الإسرائيلي نظراً لنشاطه البارز في انتفاضة عام 1987 وقيادته لكتائب القسّام فيما بعد.

ويُعتبر شحادة من مؤسسي الجهاز العسكري الأول لحماس، المعروف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، وشغل منصب قائد كتائب القسام، واعتقلته "إسرائيل" مراراً؛ بسبب دوره البارز في المقاومة الفلسطينية.

وفي 23 يوليو 2002، تمكنت "إسرائيل" من اغتيال صلاح شحادة، عندما قصفت المبنى الذي كان فيه بحي الدرج في غزة، وكان مكتظاً بالسكان، وقد أسفر الهجوم عن استشهاد شحادة وزوجته، إضافة إلى عدد من المدنيين، وكان غالبيتهم من الأطفال، فضلاً عن دمار هائل بالمنطقة المستهدفة.

واغتالت قوات الاحتلال، في 14 نوفمبر 2012، القائد العام لكتائب القسّام أحمد الجعبري بصاروخ استهدف سيارته، بعد مسيرة جهادية مشرّفة، إذ كان مشرفاً على تأسيس وترتيب صفوف الكتائب، وتطوير معداتها وقواتها.

وفي حرب غزة عام 2014، قتل 3 من أبرز قادة الكتائب في معركة "العصف المأكول"، وذلك في قصف إسرائيلي لعدد من المنازل في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وهم رائد العطار، ومحمد أبو شمالة، ومحمد برهوم.

وفي مايو 2021، أعلنت القسام استشهاد باسم عيسى، قائد لواء غزة، "وثلة من إخوانه القادة والمجاهدين، الذين ارتقوا أثناء عدوان الاحتلال على مواقع ومقدرات وكمائن المقاومة".

ومن ضمن الشهداء "جمعة طحلة- قائد منظومة السايبر، وقائد مشروع تدقيق الصواريخ، وجمال الزبدة- قائد مشروع التطوير والمشاريع في فرع الإنتاج الصاروخي"، وآخرون.

وفي الحرب الحالية على قطاع غزة أعلنت كتائب القسام، في 26 نوفمبر 2023، استشهاد أربعة من أبرز قادتها في قصف إسرائيلي على القطاع خلال معركة "طوفان الأقصى".

وقالت الكتائب إن من بين الشهداء قائد لواء الشمال أحمد الغندور، والقادة وائل رجب، ورأفت سلمان، وأيمن صيام، وذلك بعد أكثر من شهر على اغتيال قائد لواء الوسطى بالقسام أيمن نوفل.

تطور لافت للمقاومة
يتحدث الخبير العسكري عبد الجبار العبو عن تأثير اغتيال قادة كتائب القسام على التطور العسكري لها، ويقول: إن "اغتيال القادة يمكن أن يؤثر على الجانب المعنوي، لكن لفترة محدودة، دون أن يؤثر على طبيعة الحركة وطبيعة المقاومة تجاه الاحتلال، وهذا ما حصل عندما اغتيل الشيخ أحمد ياسين، فلم تتأثر المقاومة الفلسطينية، بل ازدادت قوة".

ويعتقد في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن اغتيال قادة الحركات الثورية والمقاومة يمكن أن يزيد من تطورها، ويزيد من الإصرار من أجل الانتقام لمقتل القادة، وهذا ما يعزز موقف كتائب القسام.

وحول ازدياد قوة كتائب القسام، يلفت العبو إلى التطور المهم خلال المعركة الأخيرة، خاصة في الصواريخ الباليستية التي تميزت بدقتها وعددها الكبير، مشيراً إلى أن الأهم من ذلك هو التكتيك الذي استُخدمت من خلاله هذه الأسلحة، لا سيما الصواريخ.

ويشير إلى أن المقاومة اتخذت أسلوب إغراق الأهداف، وهو استخدام عدد كبير من الصواريخ تجاه هدف معين، وهذا ما جعل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية "القبة الحديدية" غير قادرة على صدها؛ لأن هذا النظام يعالج عدد محدود لا يتجاوز 100 إلى 150 صاروخاً.

كما تحدث عن تطور الأسلحة الأخرى والأساليب الشجاعة التي اتبعتها كتائب القسام، مثل أسلحة مسافر الصفر التي تتمثل باستخدام المتفجرات أو القنابل اليدوية ووضعها مباشرة على الآليات والمدرعات وتدميرها، وكذلك استخدام قذائف "الياسين 105" المضادة للدروع.

ويرى العبو أن قوة وصلابة كتائب القسام تعود لأسباب عديدة؛ أبرزها عدالة القضية، لأنها تدافع عن قضية شرعية تتمثل بمقاومة الاحتلال، وهو أمر معترف به بكافة الشرائع السماوية والوضعية والقوانين الدولية.

ومن الأسباب أيضاً -بحسب العبو- الإيمان بالقضية التي يقاتلون من أجلها، والإيمان بأنهم مظلومون، كل ذلك دفع الكتائب لأن تقاوم بشكل لافت للانتباه، ما أثار إعجاب العالم، خاصة في كيفية القتال واصطياد الدبابات والمدرعات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة.

قوة متصاعدة
ولم تفلح قوات الاحتلال الإسرائيلي باغتيالها عدداً من قادة كتائب القسام في كسر إرادة الشعب الفلسطيني أو إضعاف المقاومة، بل ازدادت قوتها عاماً بعد آخر.

وتطور عمل كتائب القسام منذ إعلان تأسيسها عام 1990، نسبة للشيخ المجاهد السوري "عز الدين القسام"، حيث بدأت عملياتها بمسدس بسيط 9 مليمترات من طراز "غولدستار".

وفي غضون نحو 30 عاماً، تدرجت حركة حماس بتسارع في إنتاج واستخدام الأسلحة، وبدأت بالبسيطة منها، وتطوّرت إلى استخدام الأحزمة الناسفة والعبوات الناسفة، وتوسعت لتشمل القنابل والصواريخ، ووصلت حتى إلى استخدام الطائرات المسيرة.

وتقدر أعداد مقاتلي كتائب القسام بين 30 إلى 40 ألف مقاتل، وتضاف إلى ذلك أعداد من الاحتياطيين، ولكن أعدادهم غير معروفة على وجه الدقة.

بينما تقدر الوحدات العسكرية لحماس في قطاع غزة بما بين 27 إلى 30 كتيبة، إضافة إلى نحو 100 سرية، وتعزَّز هذه القوات بوجود وحدات مساعدة أخرى في تخصصات الهندسة والخدمات والدعم اللوجستي والتخصصات الأخرى.ومؤخراً أعلنت كتائب القسام عن وحدات جوية، وقوات خاصة تصنف بكونها "وحدات مشاة بحرية"، فضلاً عن استخدام طائرات شراعية وكهربائية صغيرة، وطائرات مسيرة صغيرة للاستطلاع، صنعت داخل ورشات الكتائب بالقطاع.

وتتمثل القوة الضاربة الرئيسة لكتائب القسام في الصواريخ والقذائف الصاروخية، التي أظهرت فعاليتها وأثرها الكبير خلال الهجوم الأخير في عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر الماضي، حيث قلبت تلك الهجمات معادلات القتال، إلى جانب قوات النخبة التي تكفلت باقتحام المستوطنات والقواعد العسكرية.

وتمتلك القسام مجموعة كبيرة من الصواريخ غير الموجهة المحلية من طراز "القسام"، وتتنوع هذه الصواريخ في العيارات والمواصفات، إضافة إلى ذلك، تمتلك الكتائب صواريخ أخرى بمختلف الأعيرة، من بينها صاروخ "عياش 250"، الذي يصل مداه إلى 250 كيلومتراً، ما يجعلها تمتلك تشكيلة متنوعة وفعالة من الأسلحة.