بعد تسريبات بانعقاده في عدن.. تحليل استقصائي عن مجلس النواب دوده في الأزمات ووضعه حاليًا
(الأول) متابعة خاصة:
عاد الجمعة الماضية رئيس مجلس النواب سلطان البركاني إلى مدينة عدن برفقة قيادات برلمانية قادما من القاهرة التي غادر إليها بعد أن التقى في الرياض رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.. وقالت المصادر إن سلطان البركاني وصل مع برلمانيين إلى مطار عدن قادماً من القاهرة وسط حراسة أمنية مشددة نقلته من المطار الى قصر معاشيق الرئاسي.. مضيفة أن وصول البركاني جاء بدعم سعودي كبير بهدف عقد جلسة برلمانية في مدينة عدن.. مشيرة إلى أن تحضيرات البركاني لعقد الجلسة البرلمانية بعد ضغوط سعودية، وكان البركاني قد التقى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في الرياض لطلب عقد جلسة برلمانية، غير أن الزبيدي لم يعطي موافقة وقال إنه لا يمانع لكنه سيعرض الأمر على قيادة المجلس الانتقالي.
وفي هذا الموضوع سنقدم تحليل ودراسة أجراها الكاتب سيف الحاجب عن مجلس النواب من مولده إلى وقته الحاضر.
وتحدث في تمهيده قائلا: "مجلس النواب اليمني (البرلمان) في وضع قانوني ودستوري من الصعب أن يطرح كحالة للدراسة أو البحث كموضوع في مناهج العلوم السياسية؛ لما لذلك البرلمان ووضعه من خصوصية فاقت كل الخصوصيات وتجاوزت كل حد من حدود الأزمات والظروف الطارئة التي من الممكن أن تمر بها أي بلد. فالبرلمان اليمني العجوز الذي تجاوز عمره الواحد والعشرين عاما، كأطول فترة برلمان بالعالم ، تداخلت في صنع خصوصيته وشيخوخته عوامل عده منها صراع محلي متعدد الأطراف ومنها عوامل قبلية ومناطقية وأخرى إقليمية وتدخلات خارجية، ومنها ما تتعلق بأزمة الوحدة بين الجنوب والشمال وما خلفته حرب اجتياح الجنوب العام 1994م من توترات ونتائج".
في هذه الورقة البحثية قال حاجب "سنتناول الدورات الانتخابية الثلاث محاولين تحليل نتائج وطبيعة كل دورة انتخابية مع البحث في التحالفات التي تميزت بها كل دورة. وكذا كيف تعاملت المكونات الشمالية، أحزابا وقبائل، مع الطرف الجنوبي وشريك الوحدة، وكيف أقصي من المشهد، وما انعكاسات ونتائج ذلك الإقصاء والاستهداف الممنهج، وصولا إلى انقسام البرلمان بين صنعاء وعدن ومحاولات إحيائه اليوم بالبحث له عن موطئ قدم او مرقد آمن من بطش الحوثي على أرض الجنوب. وانتهاء بالنتائج والتوصيات.
مقدمة:
مجلس النواب اليمني هو السلطة التشريعية للدولة وبرلمان اليمن المنتخب، وهو الذي يقرر القوانين ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة والحساب الختامي، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
يتألف مجلس النواب اليمني من 301 عضوًا. وقد أنشئ لأول مرة في مايو 1990م، عقب قيام الوحدة اليمنية بين دولتي الجنوب والشمال في 22 مايو 1990م، كمجلس مؤقت للفترة الانتقالية 1990-1993، وذلك من خلال دمج كامل أعضاء البرلمانين في الدولتين وهما "مجلس الشورى" في الجمهورية العربية اليمنية، وعدد أعضائه (159) عضوًا، و"مجلس الشعب الأعلى" في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وعدد أعضائه (111) عضوًا. وذلك بموجب قرار من مجلس الرئاسة برقم (4) وتاريخ 24 مايو 1990م، استنادًا لنص المادة (54) من مشروع دستور الجمهورية اليمنية (دستور دولة الوحدة)، والمادة (3) من اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية (اتفاقية عدن 1989م) وتنظيم الفترة الانتقالية، والتي نصت على وجوب «تحديد فترة انتقالية لمدة سنتين وستة أشهر ابتداءً من تاريخ نفاذ الاتفاق، ويتكون مجلس النواب خلال هذه الفترة من كامل أعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب الأعلى، بالإضافة إلى عدد (31) عضوًا يصدر بهم قرار من مجلس الرئاسة، ويمارس مجلس النواب كافة الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور عدا (انتخاب مجلس الرئاسة، وتعديل الدستور)، وفي حالة خلو مقعد أي من أعضاء مجلس النواب لأي سبب كان، يتم ملؤه عن طريق التعيين من قبل مجلس الرئاسة». وقد استمر المجلس في مزاولة نشاطه التشريعي حتى إجراء الانتخابات النيابية الأولى في تاريخ المجلس والتي جرت في 27 أبريل 1993م.
وقبيل موعد أول انتخابات برلمانية سجل اليمنيون في ذاكرة تاريخهم عام 1991 على أنه بداية تحولهم نحو الديمقراطية، فقد شهد هذا العام إقرار المواطنين لدستور دولة الوحدة عبر استفتاء شعبي عام، وهو ما اعتبروه في حد ذاته أول إنجاز سياسي عقب قيام الوحدة عام 1990.
وقد ضمنت بنود الدستور الجديد لكافة المواطنين حرية الرأي والمساواة أمام القانون والعمل بمبدأ التعددية السياسية بما في ذلك الحق في إنشاء التنظيمات المهنية والنقابية والسياسية وفق ما أقره قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، والذي بمقتضاه تشكل في اليمن أكثر من 22 حزبا سياسيا. كما نص أيضا على مبدأ الاحتكام إلى صندوق الانتخابات بغرض التداول السلمي للسلطة، كما نص الدستور على أن تكون فترة مجلس النواب (البرلمان) أربع سنوات.
أول انتخابات برلمانية (1993م)
بلغ عدد المرشحين لعضوية مجلس النواب في هذه الانتخابات 3181 مرشحا في كافة الدوائر الانتخابية البالغ عددها 301 دائرة على مستوى اليمن، بينهم 41 امرأة فقط بنسبة 1.3% من إجمالي المرشحين. ومن بين العدد الإجمالي المذكور كان هناك 1215 مرشحا باسم أحزاب سياسية، والباقي وهو العدد الأكبر المقدر بـ1966 مرشحا كانوا مستقلين.
شهدت هذه الانتخابات إقبالا من الناخبين المسجلين بلغت نسبته 84%، في حين قدرت نسبة الإقبال قياسا لعدد المواطنين -غير المسجلين- الذين هم في سن الانتخاب حوالي 43% فقط أي أقل من النصف. ورغم ذلك اعتبرها المراقبون نسبة مرتفعة بسبب الخصوصية اليمنية بما تشمله من اعتبارات اجتماعية ومعيشية، إضافة لكون هذه الانتخابات أول انتخابات عامة تشهدها البلاد.
وأسفرت النتائج عن سيطرة الأحزاب الرئيسية الثلاثة وهم المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح والحزب الاشتراكي على نسبة 81% من مقاعد مجلس النواب على النحو التالي:
41% للمؤتمر الشعبي بواقع 122 مقعدا.
21% لحزب الإصلاح بواقع 63 مقعدا.
19% للحزب الاشتراكي بواقع 56 مقعدا.
كما حصل المستقلون -رغم كثرتهم- على نسبة 16% بواقع 48 مقعدا فقط بالمجلس، واستحوذت خمسة أحزاب أخرى على الـ3% الباقية من عدد المقاعد، في حين لم تتمكن الأحزاب الباقية وعددها 14 حزبا من الحصول على أي مقاعد.
وقد عكست هذه النتائج عدة مؤشرات نذكر منها الآتي:
سيطرة حزبي المؤتمر والإصلاح على 62 % من مقاعد البرلمان ومحاولة إزاحة الحزب الاشتراكي من الواجهة، ومن هنا بدأ أول توجهات الطرف الشمالي للانقلاب على اتفاقية الوحدة بالسعي إلى إقصاء الجنوب من مفاصل صنع القرار، وهو ما توج أخيرا بتحالف عسكري قبلي أعلن الحرب على الجنوب واجتاح الأراضي الجنوبية العام 1994م ليقصي شريك الوحدة بشكل نهائي وينفرد بالحكم ويحول الوحدة الطوعية إلى احتلال عسكري مكتمل الأركان.
تمكنت ثمانية أحزاب فقط من بين 22 حزبا سياسيا من الحصول على مقاعد بالمجلس، وهو ما يشير إلى وأد التجربية الديمقراطية والتعددية الحزبية في مهدها لصالح التحالفات القبلية والمناطقية التي كانت تحكم الجمهورية العربية اليمنية (الشمال).
انتخابات 1997م (ثاني انتخابات)
في هذه الانتخابات يكاد يكون الطرف الجنوبي قد أزيح من المشهد السياسي بشكل نهائي، وهي واحدة من أهم نتائج حرب اجتياح الجنوب وفرض الوحد بالقوة العسكرية في صيف العام 1994م، لينفرد الطرف الشمالي بالحكم مع محاولات لإضفاء شي من الشرعية على أي انتخابات بتمثيل مسيس أو بترتيبات واتفاقات من تحت الطاولة بغية تزييف إرادة الطرف الجنوبي الذي تعامل معه ائتلاف المؤتمر والإصلاح وتحالفهم القبلي كطرف مهزوم منكسر، وهو ما دفع الحزب الاشتراكي إلى مقاطعة هذه الانتخابات.
+شارك في انتخابات 1997م حزباً في مقدمتها حزبا الائتلاف الحكومي المؤتمر الشعبي العام ، والتجمع اليمني للإصلاح، وستة أحزاب من المجلس الوطني للمعارضة، وأربعة أحزاب تمثل مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة ومرشحون مستقلون .
فيما قاطع الانتخابات أربعة أحزاب سياسية هي :
- الحزب الاشتراكي اليمني.
- رابطة أبناء اليمن "رأي".
- حزب التجمع الوحدوي اليمني .
- اتحاد القوى الشعبية .
-بلغ عدد المرشحين لهذه الانتخابات (1311) مرشحاً منهم (754) مرشحاً حزبياً و (557) مرشحاً مستقلاً فيما بلغ عدد المرشحات في هذه الانتخابات نحو عشرون امرأة.
- إدارة العملية الانتخابية ما يقرب من 27 ألف شخص (هم قوام اللجان الإشرافية والأصلية ولجان الصناديق).
شارك في عملية الرقابة من الهيئة والمنظمات المحلية أكثر من 20 ألف مراقب.
إضافة مراقبين دوليين يمثلون عشرين بلداً عربياً وأجنبياً، وممثلين لعدد من وسائل الإعلام الخارجية والمنظمات الناشطة في مجال الديمقراطية والانتخابات.
وقد شهدت البلاد في تلك الفترة التي أعقبت حرب 1994 أزمة اقتصادية كان من أهم مظاهرها ازدياد حدة الفقر وتفشي البطالة، وكان هذا هو المناخ السياسي والاقتصادي الذي جرت انتخابات 1997 في ظله، الأمر الذي انعكس سلبا على نسبة المشاركة في تلك الانتخابات من قبل المرشحين (12 حزبا فقط ومقاطعة 3 أحزاب) ومن قبل الناخبين المسجلين كذلك الذين قدرت نسبتهم آنذاك بحوالي 61% فقط قياسا إلى نسبة الـ84% في الانتخابات السابقة.
جاءت نتيجة انتخابات مجلس النواب عام 1997 لتؤكد استئثار المؤتمر الشعبي العام بمعظم مقاعد البرلمان والحصول على الأغلبية المريحة كما يتبين من الجدول التالي:
الحـــزب عدد المقاعد%
المؤتمر الشعبي العام18762
المستقلون5517.9
التجمع اليمني للإصلاح5417.6
التنظيم الوحدوي الناصري31
حزب البعث العربي الاشتراكي20.6
وكما يتضح يأتي المؤتمر الشعبي العام في المركز الأول بحوالي 187 مقعد، وإن كان من الناحية العملية قد حصد أكثر من 200 مقعد حين استطاع أن يحتوي الكثير من المستقلين، وهو الأمر الذي جعل المؤتمر بدون منافس في رسم سياسات البرلمان وقراراته.
وهذه الأغلبية المريحة مكنت المؤتمر الشعبي العام من الانفراد بتشكيل الحكومة، وإن أوجد في بداية الأمر ممثلاً لحزب الحق في حقيبة الأوقاف والإرشاد. ومن البديهي الإشارة إلى أن البرلمان من خلال هذه الأغلبية سار في نفس الخط الذي حدده المؤتمر الشعبي وهو ما يعطي تفسيراً مبدئياً للأداء السياسي للبرلمان في علاقته بالسلطة التنفيذية، إذ من السهولة بمكان أن نستنتج أن التناغم بين أداء السلطة التنفيذية ومجلس النواب كان هو السمة الرئيسة التي ميزت العلاقات بين الطرفين آنذاك.
ضعف المعارضة السياسية في المجلس
يبين الجدول السابق عدد المقاعد التي حصلت عليها المعارضة السياسية، فالتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري حل أولا بحصوله على 3 مقاعد، وحزب البعث العربي الاشتراكي ثالثاً بمقعدين. وعلى وجه العموم فإن إجمالي المقاعد التي حصلت عليها المعارضة لم تتجاوز 5 مقاعدا، كما أن التنسيق الذي تم بين الاتجاه القومي والمستقلين فيما سمّي بكتلة المعارضة الوطنية لم يتجاوز العشرة أعضاء، مما يعني فقدان التوازن في مجلس النواب بطريقة حرمت المعارضة السياسية من القدرة على التأثير في الكثير من القرارات والقوانين الصادرة عن المجلس خلال أدوار انعقاده المختلفة.
تعديل الدستور وتمديد فترة البرلمان
وفقا لدستور دولة الوحدة كان من المقرر إجراء الانتخابات النيابية (البرلمانية) التالية، في إبريل 2001 لكن في فبراير العام 2001 تم إجراء استفاء شعبي على تعديل بعض مواد الدستور تضمنت الآتي:
تمديد ولاية مجلس النواب اليمني من أربع إلى ست سنوات.
إلغاء حق الرئيس في إصدار قرارات جمهورية بقوانين أثناء عطلة مجلس النواب.
إضافة لتعديلات أخرى أقر مراقبون أنها هدفت لدعم وضع الرئيس اليمني وحزبه الحاكم الذي يتزعمه، وهذه التعديلات هي:
تمديد فترة ولاية رئيس الجمهورية من خمس إلى سبع سنوات (الأمر الذي يفتح الباب دستوريا أمام الرئيس للحكم حتى عام 2013).
تخويل الرئيس سلطة تعيين أعضاء مجلس الشورى البالغ عددهم 111 عضوا (الأمر الذي قد يؤدي لتحييد دور مجلس النواب المنتخب وبالتالي هيمنة غير مباشرة للسلطة التنفيذية على عملية سن القوانين، وهو ما أبدت المعارضة قلقها إزاءه).
هذا الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية الذي أُجري في فبراير 2001م كان متزامنا مع انتخابات محلية مثلت بداية انفصال عرى ما وصف بالتحالف الإستراتيجي بين حزب المؤتمر الحاكم وحزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي، إثر المنافسة القوية التي واجهها الأول من قبل حزب الإصلاح في تلك الانتخابات، والتي تطورت لحد المواجهات الدموية في بعض الدوائر بين أنصار الحزبين، كما اتهمت المعارضة الحزب الحاكم بإحداث تزوير في قوائم تسجيل الناخبين وبالتلاعب في النتائج. ومنذ ذلك الوقت اعتبر الحزب الحاكم أن الإسلاميين الممثلين في حزب الإصلاح هم المنافس الأول والخصم العنيد له. وقد تنافس في هذه الانتخابات حوالي 23 ألف مرشح بينهم 120 امرأة على سبعة آلاف مقعد محلي. ووفقا للتعديلات الدستور فإنه من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية التالية سيكون في إبريل من العام 2003م وهو ما حصل بالفعل، لتُسجل كآخر انتخابات لأعضاء مجلس النواب الذي يستمر حتى اليوم متجاوزا الواحد والعشرين عاما من عمره.
انتخابات 2003م (أخر انتخابات)
أجريت في 27 أبريل 2003م وفاز فيها حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه رئيس الجمهورية بأغلبية المقاعد، حيث حصل على 58% من الأصوات. ونتيجة لذلك سيطر الحزب على البرلمان وحجز 229 مقعدًا من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 301.
تقدمت تسعة عشر حزباً وتنظيمًا سياسيًا بـ 991 مرشحًا للمقاعد البرلمانية الـ 301، بالإضافة إلى 405 مرشحاً مستقلاً، وتم تسجيل أكثر من ثمانية ملايين مواطن في جداول الناخبين، بما في ذلك الناخبات النساء الذي تضاعف عددهن تقريباً مقارنة بانتخابات 1997 (3.4 مليون مقابل 1.8 مليون ناخبة). على الرغم من اعتبار الانتخابات أنها ستكون نزيهة أكثر من السنوات السابقة، إلا أنه كانت هناك مخاوف بشأن سير الانتخابات، وأشار المعهد الديمقراطي الوطني ما يلي:
أجواء قلق في التحضير للانتخابات بسبب المخاوف من العنف، فضلاً عن اتخاذ تدبيرات شديدة في يوم الانتخابات وبعده من عناصر من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في العديد من مراكز الاقتراع في جميع أنحاء البلاد مما يثير القلق.
الحزب عدد المقاعد %
المؤتمر الشعبي العام
22958.0%
التجمع اليمني للإصلاح
4522.6%
الحزب الاشتراكي اليمني
74.7%
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري
31.9%
حزب البعث العربي الاشتراكي - قطر اليمن
20.7%
Independent
1410.6%
كانت هناك تقارير موثوق بها عن انتهاكات لقانون الانتخابات بما في ذلك الترهيب السياسي والتصويت دون السن القانونية والسلوك غير اللائق من قبل قوات الأمن، والعرقلة بواسطة شراء اصوات الناخبين من قبل مراقبي الحزب الحاكم.
عندما أَقر دستور دولة الوحدة اليمنية التعددية السياسية والانتخابات الحرة المباشرة، لم تستوعب الكثير من القوى والزعامات القبلية والدينية أن يجري أمر كهذا في بلدها، وسرعان ما ارتفعت نداءات بعض هؤلاء لتعتبر الديموقراطية كفراً بواحاً لتَعارضها مع مبدأ الحاكمية، وإخراجها لأهل الحل والعقد المنوط بهم توجيه أمور البلاد من دائرة التأثير أو احتكار التأثير، وإتاحة هذا الدور لأفراد تفرزهم اختيارات شعب جاهل لا يدرك مصلحته، كما يرون أو يروجون.
كما أن بعض الأحزاب السياسية التي تغنت بهذا البذخ الديموقراطي الجديد لليمن كانت في السر تعمل على التشكيك في قدرة الناس على التعامل معه، وتشيع أنه بذرة التفرقة وتقسيم البلاد، لأن الحزبية مفتاح الصراع الذي قد يتسع لدرجة عدم القدرة على التحكم بنتائجه.
لم يخب ظن هؤلاء كثيراً. فمع أن هناك تذمراً شعبياً واسعاً من سيطرة المشايخ على مواطني قبائلهم، فإن أكثر من 50 في المئة من أعضاء البرلمان اليمني الحالي المكون من 301 عضوا هم من المشايخ وأبنائهم. ويكفي أن محافظة عمران (50 كم شمال العاصمة صنعاء) تتكون من 7 دوائر انتخابية يشغلها 7 مشايخ.
وباعتبار هذا النفوذ الواضح لمشايخ القبائل، فإن الأحزاب السياسية بدلا من عملها على التنافس القائم على البرامج الانتخابية للفوز بمقعد دائرة ما، تتنافس على استقطاب شيخ القبيلة إلى صفها، ومن ثم ترشيحه باسم الحزب الذي فاز بالشيخ!
في انتخابات العام 2003 حصد حزب المؤتمر الشعبي 229 مقعداً ولاحقا بعد انتهاء الانتخابات وصلت 238 مقعدا بعد انضمام بعض الأعضاء للمؤتمر سواء بالنفوذ الذي منحته إياه السلطة أو بالغش كما يتهمه معارضوه. لكنها نسبة فوز غير مسبوقة خلال ثلاثة انتخابات برلمانية حزبية شهدتها اليمن، ولم يحصل أقوى حزب إسلامي (الإصلاح) وصاحب المركز الثاني إلا على 45 مقعدا بتراجع مقدراه 10 مقاعد عن انتخابات 1993.
كما أن الحزب الاشتراكي اليمني، بعد تعرضه لعملية إقصاء شديدة القسوة، ومقاطعته لانتخابات 1997، لم يحصد سوى 8 مقاعد، كثالث حزب في البرلمان، وبتراجع مقداره 40 مقعدا عن انتخابات 1993. وبهذا مارس حزب المؤتمر شبه المتفرد بالقرارات البرلمانية منذ 2003 السياسات التي رغب بها من دون أي قلق من الكتل البرلمانية ضعيفة المنافسة.
برلمان 2003 المعمِّر معلوم عنه غضبه لأي أمر يمسه، أو يمس أحد أعضائه بخطر حقيقي. فهو هنا ينسى الحزبية ويتعامل كقوة واحدة. فقد وقف للمطالبة بمحاكمة كاتب صحافي تناوله بالنقد، رغم كونه مؤسسة تدّعي الدفاع عن الحريات.
بحسب ما نص عليه الدستور اليمني وتعديلاته الخاصة بما يتعلق بمجلس النواب فإنه كان من المقرر أن تُقام الانتخابات البرلمانية التالية (وهي الثالثة) في إبريل العام 2009 أي بعد ست سنوات من انتخابات 2003 إلا أن البرلمان نفسه الذي يسيطر على غالبيته الساحقة حزب المؤتمر أقر يوم 26 فبراير 2009 خلال جلسة استثنائية.. تأجيل الانتخابات عامين أي إلى عام 2011م، وذلك لفتح المجال امام اصلاحات سياسية. حيث أيد 200 نائب التأجيل من أصل 2003 نائبا حضروا الجلسة.
وجاء هذا التأجيل بعد اتفاق بين السلطة والمعارضة؛ وذلك لإتاحة الوقت لتركيز النظام البرلماني في البلاد.
وإثر التصويت تم تشكيل لجنة لتعديل المادة 65 من الدستور التي تحدد ست سنوات للمدة النيابية، وتمديدها بشكل استثنائي لعامين
وفي 2011، العام الذي كان مقررا فيه إجراءات انتخابات برلمانية، انطلقت شرارة الربيع العربي في عدة بلدان عربية، وثورة الشباب في اليمن اليمن، الأمر الذي تسبب بتعطيل قيام الانتخابات البرلمانية فتأجلت إلى العام 2014، بحسب ما تضمنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
استمرت الاضطرابات السياسية في اليمن دون توقف، وانزلقت البلاد نحو المجهول بعد الإعلان الدستوري لجماعة الحوثي في فبراير 2015، ثم اندلاع الحرب في مارس من نفس العام وما حدث من سيطرة لجماعة الحوثي على مؤسسات الدولة وتهجير الشرعية إلى عدن، لتتعطل بذلك كل جهود إجراء الانتخابات البرلمانية ويستمر مجلس النواب بتشكيلته منذ العام 2003م حتى الآن، وانقسامه بين صنعاء وعدن.
معركة برلمانية
شهد شهر أبريل 2019م تصعيداً ومعركة جديدة بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وجماعة الحوثيين والانتقالي الجنوبي على المؤسسات التشريعية في اليمن. ففي 13 أبريل افتتحت السلطة المعترف بها دولياً أول جلسة برلمانية لها منذ بداية النزاع – في نفس اليوم الذي أجريت فيه انتخابات تكميلية في مناطق الحوثيين لملء مقاعد برلمانية شاغرة. جاء الاجتماع أيضا بعد شهرين فقط من عقد الهيئة التشريعية للمجلس الانتقالي الجنوبي “الجمعية الوطنية الجنوبية”، جلستها الثانية في المكلا بمحافظة حضرموت.
اقتصرت النتائج الرسمية للدورة البرلمانية التي انعقدت في الفترة من 13 إلى 16 أبريل 2019 في سيئون بمحافظة حضرموت على التصديق على ميزانية الحكومة الجديدة وانتخاب سلطان البركاني رئيسا للبرلمان، وهو الشخصية المخضرمة في المؤتمر الشعبي العام ومسؤول الانضباط الحزبي خلال عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقد شكر النواب التحالف الذي تقوده السعودية لتدخله في النزاع اليمني.
ووفقاً للدستور اليمني، يتطلب النصاب البرلماني القانوني حضور ما لا يقل عن نصف الأعضاء وعضو واحد – وهو ما فشلت جلسة سيئون في تحقيقه، حيث حضر 118 نائبا فقط، إذ أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي أن أعضاءه من البرلمانيين لن يحضروا الجلسة.
وهكذا لم تشهد اليمن انتخابات برلمانية عامة منذ أكثر من 21 عاماً، وخلال هذه الفترة الطويلة انتهى 39 مقعداً إلى الشغور بسبب وفاة أصحابها، فيما تم ملء 11 من هذه المقاعد من خلال انتخابات تكميلية محلية في عام 2008
شرعية المجلس
وتقول حكومة الشرعية اليمنية إن شرعية برلمان 2003م تظل قائمة وفقًا للمادة 65 من الدستور،، التي تنص على أنه إذا تعذر انتخاب مجلس جديد لظروف قاهرة ظل المجلس قائمًا، ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف، ويتم انتخاب المجلس الجديد، واستمرار شرعيته اليوم مصدره نص المادة 5 من الإعلان الرئاسي بنقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي الصادر في السابع من أبريل 2022، وبغض النظر عن أن المجلس يمارس مهامه الدستورية حاليًا أو لا يقوم بذلك، فإنه يظل مؤسسة دستورية قائمة”.
انتخابات الحوثيين التكميلية
سعت سلطات الحوثيين في صنعاء – التي كانت بانتظام تعقد جلسات برلمانية دون توفر النصاب القانوني المطلوب لعقد الجلسات – إلى تأكيد شرعيتها في أبريل 2019م من خلال ملء مقاعد النواب المتوفين، وفي 15 أبريل ، ذكرت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء التي يسيطر عليها الحوثيون أن 24 من المقاعد الشاغرة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون قد تم ملؤها، فيما أدى النواب الجدد اليمين الدستورية في 17 أبريل ، والمقاعد الأربعة التي بقيت شاغرة في البرلمان تعود للمناطق التي تسيطر عليها القوات المناهضة للحوثيين. وقامت كل من حكومة هادي وقيادة الحوثيين بالتنديد بالخطوات البرلمانية التي اتبعها الطرف الآخر ووصفها بأنها غير قانونية.
نتائج
أظهرت الدورات البرلمانية الثلاث (1993، 1997، 2003) أن التعددية الحزبية مجرد حبر على ورق أو مجرد نصوص دستورية وقانونية لا قوة لها أمام النفوذ القبلي والولاءات المناطقية في اليمن ومناطق الشمال تحديدا، إذا إذا لم تؤثر أي تحالفات حزبية أو تكتلات سياسية في نتائج الانتخابات مثلما أثرت التحالفات القبلية التي كانت القوة المسيرة لأي لانتخابات سواء برلمانية أو رئاسية. وهو ما كشفته تحالفات المؤتمر والإصلاح ضد الاشتراكي حتى إخراجه من المشهد، وعندما لم يجد الحزبان منافسا جنوبيا عادا للصراع على الحكم بينهما من منطلق قبلي مناطقي لا سياسي ولا حزبي، فوصل هذا التنافس حد الصراع المسلح الذي توج بحرب العام 2005م.
إقصاء الطرف الجنوبي من البرلمان وتحجيم ومحاربة الأحزاب المحسوبة على الجنوب، عمل على الإخلال بميزان القوى داخل مؤسسات السلطة اليمنية ومنها البرلمان، ما دفع الجنوبيين إلى المقاطعة ورفض كل محاولات التمثيل المزيفة. ومن نتائج ذلك رفض كافة المكونات الجنوبية اليوم انعقاد أي جلسة للبرلمان في عدن.
التحالفات الشمالية بعد حرب العام 1994م حولت الجنوب من شريك بالوحدة إلى مجرد أقلية لا تأثير له في صنع القرار والتشريع في البرلمان حتى وإن كانت كل دوائر الجنوب لصالح أحزاب جنوبية، وذلك نتيجة لغلبة عدد الدوائر ونوابها في الشمال، وهذا يقتضي معالجة دستورى لإعادة الجنوب شريكا لا أقلية قابلة للتحايل وخاضعة تحت رحمة الغلبة السكانية في الشمال.
دورة مجلس النواب التي عقدها في سيؤن 2019 غير شرعية لعدم اكتمال النصاب القانوني الذي نص عليه الدستور.
يستند مجلس النواب (البرلمان) في استمرار ولايته الدستورية الممتدة منذ أكثر من واحد وعشرين عاما على النص الدستوري الذي يجيز له ذلك في حال تعذر انتخاب مجلس جديد لظروف قاهرة؛ ونصت المادة (65) على أن : مدة مجلس النواب ست سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين إلى انتخاب مجلس جديد قبل انتهاء مدة المجلس بستين يوماً على الأقل، فإذا تعذر ذلك لظروف قاهرة ظل المجلس قائماً ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد. في حين أن الدستور لم يحدد ك ـ حسب النص السابق ـ طبيعة الظروف القاهرة التي تمنع انتخاب مجلس جديد، وترك مسألة تقديرها غير واضحة، لكن كثيرا من القانونيين يرون أن الظروف القاهرة المقصودة عادة ما تكون مرتبطة بكوارث طبيعية او دخول البلد في حرب اثناء موعد استحقاق الانتخابات ومع ذلك فقد حالت التوافقات السياسية دون إثارة هذه القضية بشكل جدي.
توصية:
وفقا للنتائج نوصي بالآتي:
مجلس النواب اليمني بوضعه الحالي في حكم المتوفي سريريا الذي يعيش على التنفس الاصطناعي، أو بمعنى أدق في حكم الميت الذي يُخفى خبر وفاته، لهذا حان الوقت لإعلان الوفاة صراحة والبدء ببناء برلمان جديد يستند على مبدأ المناصفة بين الشمال والجنوب كشريكين في دولة الوحدة بعيدا عن الحسابات السكانية والكثافة البشرية. فمن شأن مناصفة البرلمان في هذه المرحلة تهدئة الأوضاع في الجنوب حتى يقرر الجنوبيون مصيرهم وحسم مستقبلهم السياسي سواء بالبقاء ضمن الدولة اليمنية الواحدة وفق ضمانا وشكل حكم جديد ودستور جديد أو بالعودة إلى ماقبل 22 مايو 1990م.
المراجع:
•تحليل للباحث فارع المسلمي نشر في صحيفة السفير العربي بتاريخ 5 يناير 2014
•تقرير صادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية - إبريل 2019م.
•اتفاقية الوحدة بين الشمال والجنوب
•دستور الجمهورية اليمنية
•كيف يعمل النائب، دليل إرشادي للبرلمانيين أعده المعهد الديمقراطي بالتعاون مع الحكومة الهولندية 2006م
•نظام الحكم في الجمهورية اليمنية - المركز الوطني للمعلومات.
•كيف يمكن البناء على تجربة اللقاء المشترك في اليمن كحالة وطنية؟- عاتق جارالله - المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".