تحذير أممي من تحشيد حوثي جديد ينذر بعودة الحرب في اليمن

تحذير أممي من تحشيد حوثي جديد ينذر بعودة الحرب في اليمن
أطفال يملؤون الماء

مع حال خيبة الأمل الداخلية التي تعتري الشارع اليمني تأتي التحذيرات الخارجية من تضاؤل فرص السلام في البلد المعذب بالصراعات، عقب بروز مؤشرات جديدة تنذر بعود اشتعال آلة الحرب على امتداد 50 جبهة قتال.

إذ أعرب المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبيرغ عن قلقه من التحركات العسكرية قرب محافظة مأرب (شرق) واستعراض جماعة الحوثي للمقاتلين في محافظة إب (وسط)، مطالباً أطراف النزاع بالحفاظ على فائدة الهدنة المستمرة منذ انتهائها بشكل رسمي والعمل على وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار.

متى موعد الانفراجة؟

وفي إشارة للمحادثات الجارية التي حققت خطوات واعدة نحو السلام المنتظر بوساطة أممية وبجهود إقليمية للسعودية وعمان، قال غروندبيرغ إن “الهدوء النسبي في صراع اليمن فتح المجال أمام نقاشات جادة مع الفاعلين اليمنيين حول طريق التقدم نحو إنهاء النزاع، ولكن إذا أردنا إنهاء الحرب بشكل مستدام يتعين على هذه المحادثات أن تصل إلى انفراجة حقيقية”.

وقال في إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي، إنه رغم انتهاء الهدنة ما زال الشعب اليمني يستفيد من فوائدها، و”من أطول فترة هدوء نسبي منذ بداية النزاع”.

سبق أن طالبت الحكومة الشرعية بإلزام ميليشيات الحوثي ببنود الهدنة وفتح الحصار عن تعز التي تضم أكبر تجمع سكاني في اليمن، وتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها من عائدات النفط، كما دعت المجتمع الدولي إلى الضغط على الميليشيات وداعميها لوقف إطالة أمد الحرب، وما نتج بسببها من زيادة معاناة المواطنين وتهديد استقرار دول الجوار والمنطقة وممرات الملاحة البحرية.


تحذير من التحشيد

وحذر المبعوث الأممي من التحشيد العسكري الأخير لميليشيا الحوثي، وقال إنه “على رغم الانخفاض الملموس في القتال منذ بداية الهدنة، إلا أن الجبهات لم تصمت بعد، إذ وقعت اشتباكات مسلحة في الضالع وتعز والحديدة ومأرب وشبوة”.

وأضاف “يساورني القلق إزاء التقارير التي تفيد بوجود تحركات للقوات بما فيها تحركات بالقرب من مأرب إضافة إلى استعراض لمقاتلين في إب أخيراً”.

ودعا الأطراف إلى وقف الاستفزازات العسكرية والانخراط في اتفاق شامل لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني ومفاوضات سلام تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع في اليمن.

وانتقد “القيود المفروضة على تحركات النساء في مناطق سيطرة الحوثيين”، وطالب “بزيادة عدد الرحلات الجوية والوجهات لمطار صنعاء الدولي”.

ومع تزايد الضغوط الدولية لدفع عملية السلام الذي عززت من آماله عودة العلاقات السعودية – الإيرانية بوساطة الصين في الـ10 من مارس (آذار) الماضي تواصل الجماعة الحوثية في المقابل تصعيد تحركاتها العسكرية على أكثر من جبهة، بخاصة في محافظات تعز (جنوب غرب) ومأرب (شرق) والضالع (جنوب)، مما أثار قلق الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي الداعم لها، إذ استبقت الجماعة بإقامة عرض عسكري بمدينة إب (وسط)، وشن الأحد الماضي هجمات بطائرات مسيرة مفخخة استهدفت مواقع مدنية وأخرى عسكرية نتج منها قتل وجرح عدد من قوات الجيش اليمني بينهم ضابط، وهو تصعيد ينذر، وفقاً لمراقبين، بعودة العنف بعد توقف مستمر منذ 10 أشهر، بفعل الجهود الدبلوماسية الإقليمية والأممية الرامية إلى التهدئة وبحث إمكان تحولها إلى وقف دائم لإطلاق النار، والشروع في إحياء مسار الحوار السياسي المتوقف عملياً منذ التوقيع على اتفاق السويد الخاص بالحديدة عام 2018، والدخول في تسوية سياسية شاملة تضع حداً للحرب ومأساتها الإنسانية المريعة.

صراع اقتصادي وثلاثة مطالب

ومع حال الغليان الشعبي جراء الانهيار المتلاحق للعملة المحلية وموجة الغلاء المتزايدة، كشف المبعوث الأممي عن خوض الأطراف السياسية في صراع اقتصادي متعدد الأوجه، يدفع المواطن اليمني نتائجه بضعف الثمن، مشدداً على ضرورة إنهاء الانقلاب الاقتصادي ومعالجة الوضع المتدهور في البلاد.

ووفقاً لذلك ناشد الأطراف كافة بتنفيذ ثلاثة مطالب عاجلة وملحة، وهي “ضمان دفع رواتب موظفي الدولة كافة”، وجدد مطالبته “بفتح الطرقات في عموم المحافظات وكذا فتح مزيد من الوجهات من مطار صنعاء الدولي وإليه”، إضافة إلى “الاتفاق على استئناف العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة”، مرحباً في السياق بفتح الرحلات الجوية لنقل الحجاج من مطار صنعاء إلى السعودية.

وخلال الأيام الماضية واصلت العملة اليمنية انهيارها التاريخي مع عجز حكومي عن السيطرة على القطاع المصرفي في البلاد، بعد أن تخطى سعر الدولار حاجز 1400 ريال للمرة الأولى مع تزايد التحذيرات المحلية والدولية من تفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ عالمياً، ووسط توقعات بمزيد من التدهور خلال الأيام المقبلة جراء غياب المعالجات الحكومية الفاعلة.

فصل جديد للصراع

في تعليقه على الإحاطة الأممية يقول الباحث السياسي ثابت الأحمدي إن تصريح المبعوث الأممي ينذر بفصل جديد من فصول الصراع، مضيفاً أن “الحوثي لم يتوقف عن التحشيد العسكري وخرق الهدنة ومحاولة اقتحام مدينة مأرب مع ما يبديه أبناءها (مارب) واليمنيون المقيمون في المدينة من استماتة تاريخية للدفاع عن وجودهم وجمهوريتهم”.

في ما يتعلق بالحديث عن السلام فالأمر بحسب الأحمدي فـ”لا يعدو كونه عبثاً، لأن السلام مع الحوثي يعني تكليفه غير طباعه، وهذا من سابع المستحيلات لأنه لم يكن من أهل السلام”.

المسائل المعقدة

على صعيد عملية السلام والجهود المبذولة ورؤية بلادها لإنجاحها أشارت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد إلى أن “اليمنيين يتطلعون عن حق إلى إحراز تقدم بشأن جهود السلام، وسيتطلب إحراز هذا التقدم أن تجتمع الأطراف اليمنية معاً للتفاوض على المسائل المعقدة، على غرار استخدام الموارد السيادية اليمنية لسداد رواتب القطاع العام”.

وأضافت خلال إيجاز لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، “نحث الأطراف كافة على التعاون مع المبعوث الأممي الخاص والمشاركة في المحادثات اليمنية – اليمنية المقبلة بشكل ذي مغزى”.

وقالت “يعاني بعض اليمنيين في الواقع قيوداً متواصلة بل متزايدة أيضاً على تدفق السلع، بما في ذلك بفعل عرقلة الحوثيين لبيع غاز الطهي وحركة بضائع أخرى من جنوب اليمن إلى شماله جراء مواصلة الحوثيين أيضاً منع صادرات النفط، مما يفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد”، مؤكدة أن القيود والإجراءات المتواصلة التي تقوم بها جماعة الحوثي ومنها منع صادرات النفط وتدفق السلع تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد.

مرجعيات الاستسلام

من جانبها وضعت ميليشيات الحوثي الانقلابية اليوم الأربعاء شروطاً جديدة للقبول بمساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، إذ قال القيادي الحوثي حسين العزي الذي يحمل صفة “نائب وزير الخارجية” في حكومة الحوثيين إن” السلام والحوار اليمني اليمني يستدعيان فض التحالف وتحييد العنصر الأجنبي وإلغاء القرار 2216 ومن دون ذلك يبقى السلام مجرد كلام”.

وفي تغريدة له اتهم القيادي الحوثي الأمم المتحدة “بإطالة أمد الحرب في اليمن”، وذلك لأن “مبعوث غوتيريش ليس من صلاحياته إحلال السلام في اليمن لأنه ما يزال مقيداً بمرجعيات تدعو إلى الاستسلام”.

وأضاف أن “المبعوث أيضاً لا يستطيع أن يقود مفاوضات تفضي لوقف الحرب في اليمن لأن من يقود الحرب في الطرف الآخر ليس ضمن اختصاصه التفاوضي”، واختتم “الأفضل لمجلس الأمن أن يصمت لأنه من يطيل أمد الحرب والحصار على اليمن”.

وفي ظل حال الانسداد التام لبوادر الانفراج يعيش الشارع اليمني حالاً من الإحباط بفعل تأخر السلام بعد أن اعترتهم آمال اقترابه خلال الأشهر الماضية وتوقف الجهود الإقليمية والدولية عن إحراز أي تقدم ومنها المسار الإنساني، وهو ما أكده آخر خطاب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، عشية مناسبة عيد الأضحى، إذ أكد في مجمله على رفض الجماعة المدعومة من إيران المقترحات المطروحة كافة لتجديد الهدنة وحلحلة الملفات الإنسانية على رغم جميع المساعي والجهود الإقليمية والدولية.