العالم كما رأته الاستخبارات الأمريكية قبل 20 عامًا.. توقعت كل شيء تقريبًا أهمها (كورونا) و(سقوط الأسد)
(الأول) وكالات:
هل استطاعت وكالة الاستخبارات الأمريكية التنبؤ بما حصل في العام 2024 قبل أكثر من 15 أو 20 سنة؟ فكل أربعة أعوام، تنشر الـ"سي آي أي" تقريرا استشرافيا تحت عنوان Global Trends، تحاول فيه استشراف ملامح المستقبل بناء على التحولات الجيوسياسية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والبيئية. فهل كانت توقعاتها دقيقة للسنوات الخمس الماضية؟
نشرت صحيفة "L'Express" الفرنسية مقالًا يتناول تقارير الـ"سي آي أي" بهدف تقييم دقتها، موضحةً الأحداث التي تمكنت الوكالة من التنبؤ بها، بالإضافة إلى التوقعات التي لم تتحقق، مع التركيز على تقريري عامي 2004 و2008 بشأن عامي 2020 و2025.
استشراف دقيق لأحداث غير متوقعة
وفقا للمقال، نجحت وكالة الاستخبارات الأمريكية بالتنبؤ بالكثير من الأحداث والكوارث التي شهدناها، منها الجائحة العالمية، والهجمات الإرهابية التي طالت أوروبا، ونهاية النظام العالمي الذي تكرست دعائمه بعد نهاية الحرب الباردة، وصعود الصين، وتشدد النظام الإيراني.
رأت الصحيفة أن بعض هذه التوقعات استندت إلى مؤشرات واضحة، مثل شيخوخة القارة الأوروبية، والعالم متعدد الأقطاب، ونهاية الهيمنة الغربية. ومع ذلك، أظهرت أحداث غير متوقعة أخرى كفاءة الاستشراف لدى خبراء الوكالة.
وأكثر هذه التوقعات شهرة، هي جائحة كوفيد العالمية التي انطلقت أواخر عام 2019، إذ تخوف تقرير عام 2008 من ظهور "مرض تنفسي جديد، شديد العدوى... لا يوجد له علاج مناسب". واستندت الـ"سي آي أي" بشكل رئيسي على وباء سارس الذي انتشر في البلدان الآسيوية وكندا بين عامي 2002 و2004، لبناء تقديراتها.
الجائحة العالمية
وتمكن التقرير من تحديد مصدر الفيروس بشكل دقيق نسبيا، إذ قال إنه سيبدأ في "منطقة ذات كثافة سكانية عالية... مثل الصين وجنوب شرق آسيا". كما حذر أن "الأمر قد يستغرق وقتا طويلا للتعرف على المرض إذا كانت الدولة تفتقر إلى الوسائل المناسبة لاكتشافه، وسيستغرق أسابيع حتى تقدم المختبرات نتائج حاسمة تؤكد وجود مرض قد يتحول إلى جائحة".
فمنذ العام 2004، استطاعت الوكالة التنبؤ "بالشلل" الذي سيصيب المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية، وذلك بسبب صعود لاعبين جدد يتحدون النظام القائم ويطالبون بتغيير قواعد اللعبة. واعتبرت أن انتقال الثروات لصالح الصين والهند قد "يعزز دولا مثل روسيا التي تسعى إلى تحدي النظام الغربي".
ورجح الخبراء زيادة نفوذ "منظمات غير حكومة"، سواء كانت شركات أو مجتمعات عرقية أو منظمات دينية أو شبكات إجرامية. كما عودة سيناريو سباق التسلح، والتوسع الإقليمي، والتنافس العسكري، المشابه لما حصل في القرن التاسع عشر.
صعود المجموعات الانعزالية في أميركا
إلى ذلك، وضع خبراء الـ"سي آي أي" تصوّرًا لشعب أمريكي "متعب من لعب دور شرطي العالم"، معبرين عن قلقهم من تأثير المجموعات المدافعة عن مبدأ "أميركا أولاً"، وهو ما يمكن ربطه بصعود دونالد ترامب منذ عام 2016 وعودته إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، مع تبني سياسة أكثر انعزالية.
إرهاب "لا مركزي"
من جانب آخر، رأى تقرير عام 2009 أن الإرهاب الإسلامي في السنوات القادمة سيتخذ شكلا "لا مركزيا"، مشيرا إلى ظهور " مجموعات متباينة، وخلايا وأفراد لا يحتاجون إلى مراكز قيادة ثابتة لتنفيذ العمليات".
سقوط الأسد
وتمكن التقرير من استشراف سقوط بشار الأسد، وصعود جماعة من "الإخوان المسلمين" إلى السلطة في دمشق عبر ائتلاف. يذكر أننا نتحدث عن تقرير صدر في العام 2008، أي قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011.
ها أصابت دائما؟
يبقى أن هذا التمرين لا يعد علما دقيقا. فقد وضعت الـ"سي آي أي" فرضيات من غير المرجح أن تتحقق، حتى في المستقبل القريب. فبعضها يحمل بصمات الفترة التي كُتبت فيها، وتعكس المخاوف والآمال السائدة في ذلك الوقت.
فقد توقع الخبراء في العام 2008 أن تتوحد الكوريتين قبل العام 2025، وهو أمر مستبعد خصوصا أن التوترات ارتفعت بين الجانبين.
كما تخيل الخبراء أيضا سيناريو دوليا تهيمن عليه المنظمات غير الحكومية، إذ اعتبروا أن الأمم المتحدة ستخصص عشرين مقعدا للمنظمات غير الحكومية في مواجهة الكوارث الناتجة عن تغير المناخ.
عن: مونت كارلو الدولية