بعد (200) عام.. وثائق نادرة تروي (المشهد الأخير) للإمبراطور (نابليون) كيف واجه الموت؟!
بعد أكثر من مئتي عام على وفاته، تُسلط وثائق لم تُنشر من قبل الضوء على الأيام الأخيرة للإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت.

(الأول) متابعة خاصة:
بحسب الوثائق التي عثر عليها مُخبأة في مرآب عقار بشرق إنجلترا، لفظ بونابرت أنفاسه الأخيرة في منفاه في جزيرة "سانت هيلينا" النائية، في 5 مايو/أيار 1821.
وتحمل الوثائق تفاصيل مثيرة عن صمود بونابرت أمام المرض، ووفاته، ومصير ممتلكاته الشخصية.
وأشارت صحيفة "ديلي ميل"، إلى أن المجموعة النادرة من الوثائق عُثر عليها داخل صندوق خشبي يضم رسائل مكتوبة بخط اليد من شهود عيان على وفاة نابليون بونابرت، وهدايا شخصية أهداها الإمبراطور للكولونيل إدوارد بكلي وينيارد، السكرتير العسكري لحاكم الجزيرة، بالإضافة إلى وثائق طبية تُفصّل تشريح جثته وترتيبات جنازته.
وكان الصندوق جزءًا من مقتنيات عائلة وينيارد، التي خدمت الإمبراطورية البريطانية لأربعة قرون، ويُعرض الآن للبيع في مزاد علني بنحو 30 ألف جنيه إسترليني.
وتتضمن الرسالة التي كتبها الرائد جيديون غوريركير، أحد حراس نابليون بونابرت، إلى الكولونيل وينيارد في اليوم التالي للوفاة، تفاصيل اللحظات الأخيرة للإمبراطور.
وذكر غوريركير أن نابليون بونابرت ظل طريح الفراش منذ 17 مارس/ آذار، يعاني من قيء مستمر ورفض للأدوية، لكنه واجه الموت بصمت، دون شكوى أو تذمر. وعند وفاته، تجمّعت حاشيته حول سريره في صمت مُطبق.
وعلى عكس الصورة النمطية لعلاقة العداء بين بونابرت وحُرّاسه، تكشف الوثائق عن صداقة غير متوقعة مع الكولونيل وينيارد، الذي وصل إلى الجزيرة عام 1816. فقد أهداه الإمبراطور قبل مغادرته زوجًا من الشمعدانات الفضية النادرة وطبقًا من خزف سيفر الفرنسي الشهير. وقد وُجدت هذه الهدايا داخل الصندوق، مما يُشير إلى تقدير متبادل رغم ظروف الأسر.
علاقة غامضة مع السجان
وتصف الوثائق بدقة عملية تشريح الجثة التي أجراها الطبيب فرانسيسكو أنطومارشي، الذي أكد وجود قرحة معدية كسبب رئيسي للوفاة، وسط شكوك مستمرة حول تسميمه بالزرنيخ.
ودُفن نابليون بونابرت في مكانٍ غير مميز بالجزيرة، قبل نقل رفاته لاحقًا إلى باريس عام 1840.
ونُفي نابليون إلى الجزيرة النائية عام 1815 بعد هزيمته في معركة واترلو، حيث أمضى ست سنوات في منزل لونغوود تحت حراسة مشددة. ورغم محاولاته كتابة مذكراته وإدارة نمط حياة شبه ملكي، إلا أن الظروف القاسية - من مناخ عاصف إلى إهانات الحاكم السير هدسون لو - سرّعت من تدهور صحته.
كنز تاريخي
ويعتبر المؤرخون هذه الوثائق كنزًا تاريخيًا لعدة أسباب، منها تقديمها شهادة مباشرة من أفراد عايشوا الأحداث دون تحيز إعلامي، وكشفها عن الجانب الإنسانى لنابليون كرجل مريض، لا كقائد عسكري، فضلًا عن إجابتها عن أسئلة قديمة مثل حقيقة رفضه للأدوية وموقفه من الموت.
وتُعرض المجموعة للبيع في 3 مايو/أيار عبر دار "رييمان دانسي" في إسكس، وتشمل 11 رسالة بخط غوريركير، والهدايا الأصلية من نابليون بونابرت، وأرشيف عائلة وينيارد العسكري منذ القرن السادس عشر.
ويقول جيمس غرينتر، خبير المزاد، إن هذه القطع ستجذب جامعي "المقتنيات النابليونية" والمتاحف العالمية، مؤكدًا أنها فرصة لامتلاك جزء من لغز أحد أعظم الشخصيات في التاريخ.
ورغم تأكيد الوثائق أن سبب الوفاة طبيعي، إلا أنها تُعيد الجدل حول نظريات المؤامرة. ففي عام 2008، حلل باحثون شعر نابليون ووجدوا تركيزًا عاليًا من الزرنيخ، مما يترك الباب مفتوحًا للتساؤل: هل مات الإمبراطور مسمومًا، أم أن الزرنيخ جاء من مواد التحنيط؟ ويتوقع أن يقدم الأرشيف الجديد أدلةً إضافية.