صنعاء تحت حصار حوثي مطبق مخافة اختراق إسرائيلي من الداخل

صنعاء تحت حصار حوثي مطبق مخافة اختراق إسرائيلي من الداخل

صنعاء تحت حصار حوثي مطبق مخافة اختراق إسرائيلي من الداخل

الأول /متابعات

 تعيش العاصمة اليمنية صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي على وقع إجراءات أمنية غير مسبوقة يقول شهود عيان إنّها ترتقي إلى مرتبة حصار شامل ورقابة مشدّدة على حركات السكان تفرضها عليهم الجماعة مخافة حدوث اختراق مخابراتي إسرائيلي، على غرار ذلك الذي قامت به الأجهزة الإسرائيلية عن طريق عملاء محليين لها في إيران ولم يستثن عاصمة البلاد، بحسب تصريحات رسمية لكبار المسؤولين الإسرائيليين.

وقالت مصادر محلية طلبت التكتم على هويتها مخافة الملاحقة الأمنية إن المئات من نقاط التفتيش المشكّلة من عناصر بالأزياء الرسمية وأخرى باللباس المدني تمّ نشرها في مختلف مناطق العاصمة وخصوصا في محاورها الرئيسية وإنّ جميع المارّة يخضعون لتدقيق هوياتهم وتفتيش أمتعتهم ومتعلقاتهم بما في ذلك هواتفهم التي يطلب منهم فتحها وإطلاع العناصر المدنية، التي يعتقد أنها تنتمي إلى ميليشيا مرتبطة مباشرة بقيادات الحوثي، على محتوياتها من صور ومكالمات مراسلاتها ومن مواقع إنترنت تمت زيارتها، دون مراعاة لأي خصوصية لأصحاب تلك الهواتف.

وذكرت أن العشرات من المشتبه بهم لأبسط الأسباب وحتى لمجرّد الشكوك يحالون على تحقيقات طويلة ومستفزة في المقرات الأمنية قبل أن يتم إطلاق سراح أغلبهم. وأشارت نفس المصادر إلى أنّ الإجراءات الأمنية المشدّدة في صنعاء بدأت بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة لمواقع ومنشآت في صنعاء وخارجها وبدا أنها دقيقة في استهدافاتها ما أثار شكوك الحوثيين في أنّها تمت بناء على معلومات مسبقة قد تكون جهات داخلية ما سربتها لأجهزة الدولة العبرية.

وكان من أكثر الضربات ضررا لسلطة الجماعة القصف الإسرائيلي لاجتماع حكومي أواخر أغسطس الماضي ما أودى بحياة رئيس الوزراء أحمد الرهوي وعدد كبير من أعضاء حكومته.

وأذكت تلك الضربة شكوك الحوثيين في وجود مخبرين من داخل صنعاء وباقي المناطق يسربون المعلومات للجيش الإسرائيلي ويوجهون هجماته على غرار ما حدث في إيران الحليفة للجماعة، والتي ساعد عملاء، زرعهم جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) في الداخل الإيراني، الطيرانَ الحربي لإسرائيل في إصابة أهدافه بدقة وفي تحديد مواقع تواجد مسؤولين أمنيين مرموقين وقتلهم، فضلا عن عمليات تخريب انطلقت أصلا من الداخل الإيراني عن طريق بعض هؤلاء العملاء.


وباتت تل أبيب تجاهر باختراقها مخابراتيا للداخل الإيراني على نطاق واسع. وقال رئيس الموساد دافيد برنياع مؤخرا إن جهازه يملك قدرات عملياتية ممتازة، لاسيما داخل إيران وفي قلب العاصمة طهران. وأضاف متحدّثا عن الحرب التي دارت الصيف الماضي ضد إيران “تحقق حدث تاريخي، ربما كان الأعظم على الإطلاق، ألا وهو عملية ‘الأسد الصاعد’ بقيادة الجيش الإسرائيلي، وبالتعاون مع الموساد، تمكنا من توجيه ضربة قاصمة للعدو الذي كان يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل.”

وفي الثالث عشر من يونيو الماضي شنت إسرائيل حربا مفاجئة على إيران استمرت اثني عشر يوما سمتها “الأسد الصاعد”، وتخللتها ضربات متبادلة أسفرت عن المئات من القتلى والجرحى من الجانبين، قبل أن تعلن واشنطن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الرابع والعشرين من الشهر ذاته، وسط ادعاءات متبادلة بتحقيق النصر.

وتابع برنياع قوله “نفذنا سلسلة عمليات مبتكرة، واحدة تلو أخرى، ونجح الجيش الإسرائيلي، أولا وقبل كل شيء، بقدراته الهائلة، والموساد إلى جانبه، في قلب موازين الحرب ضد إيران.” وأضاف “أثبتنا بالفعل أن إيران قابلة للاختراق، وأن الموساد يملك قدرات عملية ممتازة داخل إيران وفي قلب طهران.” وأردف “سنواصل بناء وتعزيز قدراتنا في إيران، وسنفتح أعيننا داخل إيران على ما يحدث في دهاليزها، ولن نسمح للأفكار التي قد تضر بأمننا بالنمو.” وتمكنت الأجهزة الإسرائيلية بفعل تلك الاختراقات من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران.

لكن ما يضاعف مخاوف الحوثيين من الاختراقات الإسرائيلية أن تلك الاختراقات لا تقتصر على إيران بل تشمل حلفاءها الإقليميين وهو ما ثبت عمليا من خلال تمكن الدولة العبرية من اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله داخل مخبأ شديد التحصين تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال عملية قال عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنها “لم تكن عملية بسيطة أو بديهية،” وفق بيان مكتبه.

وعلى هذه الخلفية تحمل القيادات السياسية والعسكرية لجماعة الحوثي تهديدات تل أبيب لها بالاغتيال على محمل الجدّ وهو دافع إضافي لمضاعفة الإجراءات الأمنية وإحكام القبضة على صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة ومحاولة سدّ جميع الثقوب التي يمكن أن يتسرّب عبرها الاختراق الإسرائيلي لتلك المناطق.

وكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مؤخرا على منصّة إكس “عبدالملك الحوثي وقتك سيأتي وستُرسل لملاقاة بقية هيئة حكومتك وكل مجرمي محور الشر الذين ينتظرون في أعماق الجحيم،” مضيفا “سنستبدل شعار الموت لإسرائيل واللعنة على اليهود المكتوب على علم الحوثيين بعلم إسرائيل الذي سيرتفع فوق عاصمة اليمن.”

وتأتي ضمن حالة الفوبيا التي يعيشها الحوثيون من الاختراقات الإسرائيلية الممكنة حالة الشكّ التي لا تكاد تستثني أحدا بمن في ذلك موظفو الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن الذين تحتجز الجماعة أعدادا منهم بناء على تهمة فضفاضة بالتجسس لإسرائيل والولايات المتحدة، وهو ما تنفيه المنظمات التي يعملون لحسابها وتقول إنه لا يستند إلى وقائع وأدلة حقيقية.