حروب طواحين الهواء
في تخادمٍ غريب، اطلعنا على بيان للخارجية الأمريكية ينتقد فيه قيام ناشطات حضرميات بفضّ تجمع لنساء حزب الإصلاح في المكلا، قيل إنه كان احتفاءً بذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962م التي استبدلها الحوثي بثورة 21 سبتمبر 2014م، وشارك في قيامها بعض من ثوار سبتمبر الأول.
وجه الغرابة ليس في سرعة استجابة أصدقائنا في الخارجية الأمريكية، فهذا أمر طبيعي قد يحدث بتأثير صديق هنا أو هناك، فحتى الكبار لهم هفوات. لكن المتابع الجنوبي قد يراها تخادمًا متعمدًا لإقلاق السكينة العامة في مدينة تمثل نموذجًا رائعًا للسلام والتعايش.
فعالية نساء الإصلاح في المكلا لا تحمل أي رسالة سياسية ولا تأثيرًا سياسيًا، بل هي مجرد استفزاز للجنوبيين لاستدراجهم إلى رد فعل يوظفه الحزب لمصلحته فقط، بعيدًا عن قضايا الجنوب أو الشمال أو معاناة الناس. مثل هذه الفعالية المتواضعة أحقّ بالنفقات التي يهدرها حزب الإصلاح في معارك "دون كيشوت" الوهمية.
في المقابل، اغتيلت إفتيهان المشهري، حلم الحالمة تعز، بدم بارد وبخطة محكمة بدأت بتوجيهها إلى شارع سنان، ثم سرقة هواتفها بعد اغتيالها مباشرة. هذه الملابسات تكشف أن اغتيالها لم يكن صدفة من حارس يبحث عن راتب، ومع ذلك لم تكشف أي جهة أمنية عن الشخص الذي استدرجها من بيتها أو سرق هواتفها.
هذه الجريمة المؤلمة لم تحظَ بأي التفاتة من سفارة أو منظمة دولية أو حتى مدنية محلية، ولم ينتفض لها إلا الشارع التعزي. وكل ذلك لأن التسريبات الصوتية من منفذ الاغتيال ومن الشهيدة نفسها تشير إلى تورط رموز من حزب الإصلاح.
الحزب بارع في التحشيد الاستفزازي، وفي التلفيق الإعلامي، وفي تمثيل دور الضحية وهو الجاني، وإدخال الناس في معارك جانبية بعيدة عن الهدف الأساسي، على طريقة دون كيشوت الذي حارب طواحين الهواء ظنًا أنها أذرع الشيطان، فحطمت عظامه بثقلها.
كنا في لقاء سابق نتحدث عن دور الإعلام، فأشار أحد الزملاء إلى ضرورة الاستفادة من أساليب حزب الإصلاح الإعلامية الذي يكرر الأكاذيب حتى يصدقها الناس. فاعترض البعض قائلين: إن قوة الإعلام في صدقه، فحبل الكذب قصير. لكن زميلًا آخر علق قائلاً: "حبل كذب حزب الإصلاح طويل بطول السنين".
وعذرًا لأصدقائنا وزملائنا في الحزب، الذين نكن لهم كل الاحترام.