لغز (الفتاة النائمة) في السويد..  حكاية الفتاة نامت 32 عاما واستيقظت في زمن آخر

 لغز (الفتاة النائمة) في السويد..  حكاية الفتاة نامت 32 عاما واستيقظت في زمن آخر

(الأول) متابعات خاصة:

في واحدة من أغرب الحوادث الطبية في التاريخ، ما زالت قصة الفتاة السويدية كارولينا أولسون تُثير حيرة العلماء بعد مرور أكثر من قرن على وقوعها. ففي عام 1876، غفت الطفلة التي لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها في قريتها الصغيرة "أوكنا"، ولم تستيقظ إلا بعد اثنين وثلاثين عامًا كاملة.

كانت كارولينا تعيش حياة هادئة في أسرة ريفية بسيطة، حتى عادت ذات يوم من مدرستها تشكو من ألم حاد في الرأس إثر سقوطها أثناء الطريق. لم يبدُ الأمر خطيرًا حينها، لكنها ذهبت إلى فراشها وهي تعاني من دوار شديد — ومنذ تلك الليلة، دخلت في نومٍ عميق غير مفهوم استمر لعقود.

رغم محاولات الأطباء المتكررة لفهم حالتها، لم يتمكن أحد من تقديم تفسير علمي واضح. فقد كانت تتنفس ببطء، ونبضها مستقر، فيما ظل جسدها محافظًا على ملامحه دون علامات شيخوخة أو ضعف حاد. كانت والدتها تُطعمها الحليب والماء المحلى بالسكر على مدار السنوات، محافظةً على حياتها وكأنها تنتظر عودتها من حلم طويل.

تحولت قصة "الفتاة النائمة" إلى حدث وطني في السويد، وتناقلتها الصحف كواحدة من أعجب الظواهر الطبية. لم تكن حالتها مطابقة للغيبوبة الطبية المعروفة، ولم تتوافق مع أي اضطراب نفسي مسجل آنذاك. ومع تطور الطب لاحقًا، رجّح بعض الباحثين أنها ربما كانت تعاني من حالة نادرة من الكاتاتونيا (الجمود النفسي) أو نوع من الصدمة الهستيرية التي تُغلق فيها وظائف الوعي جزئيًا لفترات طويلة.

وفي عام 1908، حدث ما يشبه المعجزة — فقد استيقظت كارولينا فجأة بعد أكثر من ثلاثة عقود من السكون. كانت ضعيفة وشاحبة، لكنها تعرفت على أسرتها فورًا وكأن الزمن لم يمر، دون أن تتذكر أي شيء عن تلك السنوات الطويلة.

عاشت كارولينا بعدها حياة هادئة بعيدة عن الأضواء حتى وفاتها عام 1950 عن عمر ناهز 88 عامًا، تاركةً وراءها لغزًا لم يتمكن الطب الحديث من فك شفرته حتى اليوم.

ويبقى السؤال الذي يتكرر في الأوساط العلمية والنفسية:
هل كانت كارولينا في غيبوبة جسدية نادرة؟ أم أن عقلها احتجزها في سجن نفسي أغلق الوعي لثلاثة عقود كاملة؟
مهما كانت الإجابة، فإن قصة "الفتاة النائمة" تظل إحدى أكثر الحالات الطبية غموضًا وإبهارًا في التاريخ الإنساني.