اللقيط ... مدان بلا جريمة
بقلم (الأول) أحلام القبيلي:
هناك ذنب واحد في حياة البشر ينتج عنه إنسانٌ كامل،
يُولد في جسدٍ حي، وروحٍ بريئة، يدفع ثمن خطيئة لم يشارك فيها.
ذلك هو الزنا، الذي يؤدي أحيانًا إلى ولادة طفل يُسمّى اللقيط.
كائن حي، ينظر إلى الدنيا بعينين صغيرتين لا تعرفان ما الخطيئة، ولا من الجاني، ولا من الضحية.
اللقيط ، هو اليتيم الذي لا يُنادى باسم أبيه،
هو الوحيد الذي لا يجد أحدًا يشتاق إليه،
هو الناجي من الموت الذي يعيش كأنه ميت.
هو الإنسان الذي لو نطق جرحه،
لبكى الحجرُ قبل البشر
إنسان يُحرم من النسب، من الحضن، ومن هويةٍ يفتقدها منذ أول لحظة في حياته.
يولد اللقيط على هامش الحياة، بلا اختيار
يبكي كما يبكي كل طفل، لكنه يبكي لصمت العالم حوله.
فما أقسى أن تُرتكب الخطيئة في لحظة شهوة،
ثم يُعاقب عليها مخلوق بريء طوال عمره.
يعيش في مجتمع يقدّس الأنساب وينسى الأخلاق،
فيُحرم من الزواج، ومن الثقة، ومن دفء الانتماء.
حتى إن وجد من يكفله ويحتضنه، يظل يشعر بأنه ضيف في الحياة.
يتمنى الموت أحيانًا، ليس لكره الحياة، بل ليهرب من ألم الثقل المستمر، وذل العار الأبدي.
لهذا جعل الله للزنا حدًّا من أشد الحدود.
ليكون في العقوبة ردعٌ ورحمةٌ معًا؛
ردعٌ للنفوس عن الانزلاق،
ورحمةٌ بالأرواح التي قد تولد بلا مأوى ولا هوية
.
شدة عقوبة الزنا في الإسلام ليست قسوة، بل رحمة بالمجتمع وبالأبرياء الذين يولدون من رحم الخطيئة.
إنها ليست فقط زجرًا عن الشهوة المحرمة، بل حماية لإنسانٍ سيأتي إلى الدنيا مظلومًا قبل أن يُولد.
