ليس للترطيب فحسب.. وظيفة قد لا تعرفها لعملية الرمش
أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة "روتشستر" في نيويورك، أن عملية الرمش اللاإرادية بأعيننا تساعد الدماغ على معالجة المعلومات المرئية بشكل أكثر فاعلية، إلى جانب ما كان معروفًا من قبل أن الرمش يحافظ على رطوبة العين.
وتلقي هذه الدراسة، التي نُشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، الضوء على كيفية مساهمة هذا الإغلاق القصير لأعيننا في الإدراك البصري.
وبحسب موقع "سايبوست" العلمي، يقضي البشر نحو 3 إلى 8% من ساعات يقظتهم وأعينهم مغلقة بسبب الرمش.
وبما أن الرمش يحجب الرؤية لفترة وجيزة، فقد يتساءل المرء عن سبب حدوثه بشكل متكرر.
وقد أبرزت التفسيرات التقليدية دوره في الحفاظ على رطوبة العين ومنع جفافها.
ومع ذلك، يشير تكرار الرمش إلى احتمال وجود وظائف إضافية بخلاف الترطيب.
وسعى الباحثون بن يانغ، وجانيس إنتوي، وميشيل روتشي إلى استكشاف هذه الوظائف المحتملة، لا سيما كيف يمكن أن يؤثر الرمش على المعالجة البصرية في الدماغ.
شملت دراستهم اثني عشر مشاركًا، من النساء والرجال بمتوسط عمر 22 عامًا، وجميعهم يتمتعون برؤية طبيعية. أجرى الباحثون الدراسة في بيئة مخبرية خاضعة للرقابة، باستخدام تقنية تتبع العين المتقدمة لمراقبة حركات عيون المشاركين بدقة.
تم تكليف المشاركين بمشاهدة المحفزات البصرية التي تتكون من أنماط مشبكة، وهي عبارة عن خطوط متناوبة تختلف في التردد المكاني.
يشير التردد المكاني إلى مستوى التفاصيل في النموذج، إذ تشير الترددات الأعلى إلى تفاصيل أكثر دقة. تم عرض هذه المحفزات على شاشة عالية الدقة، وكان على المشاركين تحديد ما إذا كانت الشبكات مائلة في اتجاه عقارب الساعة أو عكس اتجاه عقارب الساعة.
تضمن التصميم التجريبي شرطين رئيسين لعزل تأثيرات الرمش على المعالجة البصرية. في حالة "تحفيز الرمش"، تم تنبيه المشاركين إلى أن يرمشوا أثناء عرض التحفيز البصري.
في المقابل، في حالة "عدم وجود محفز للرمش"، تم تنبيههم إلى الرمش قبل ظهور المحفز. وتحكم الباحثون في توقيت وظروف الرمش للتأكد من أن أي تأثيرات ملحوظة يمكن أن تعزى إلى فعل الرمش نفسه وليس إلى متغيرات أخرى.
تم تتبع حركات العين باستخدام جهاز تعقب العين، والذي يوفر بيانات عالية الدقة عن موضع وحركة عيون المشاركين.
ووجد الباحثون أنه عندما رمش المشاركون أثناء عرض المحفز البصري، تحسن أداؤهم في تحديد اتجاه الشبكة بشكل ملحوظ مقارنة بأدائهم عندما رمشوا قبل ظهور المحفز.
وكان هذا التحسن واضحًا في دقة استجاباتهم وحساسيتهم للتفاصيل البصرية، والتي تم قياسها بواسطة مؤشر حساسية التمييز القياسي.
وافترض الباحثون أن هذا التحسن كان بسبب تغيرات السطوع الناجمة عن وميض العين. يشير السطوع إلى التحفيز البصري. عندما نرمش، يؤدي الإغلاق المؤقت لأعيننا إلى حدوث تغييرات مفاجئة في السطوع. قد تساعد هذه التغييرات في إعادة ضبط المعلومات المرئية التي تدخل العين، وبالتالي مساعدة الدماغ في معالجة المدخلات البصرية بشكل أكثر فاعلية.
وأوضح روتشي، الأستاذ في قسم الدماغ والعلوم المعرفية: "من خلال تعديل المدخلات البصرية لشبكية العين، تعمل رمشات العين على إعادة تنسيق المعلومات المرئية بشكل فعال؛ ما ينتج عنه إشارات سطوع تختلف بشكل كبير عن تلك التي نشعر بها عادة عندما ننظر إلى نقطة ما في المشهد."
وخلصت الدراسة إلى أن الرمش أثناء المهام البصرية يعزز قدرة الدماغ على معالجة المعلومات البصرية عن طريق إدخال تغييرات مفيدة على السطوع.
تشير هذه النتائج إلى أن الرمش يلعب دورًا حاسمًا في الإدراك البصري يتجاوز مجرد الحفاظ على رطوبة أعيننا. تشير النتائج أيضًا إلى أن نظامنا البصري قد تطور لاستخدام هذه الانقطاعات القصيرة في الرؤية لتحسين حدة البصر والمعالجة بشكل عام.