طلاب جامعيون يهود بأمريكا ينادون بوقف الحرب على غزة ويصرون على نشاطهم رغم اعتقال عدد منهم
قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره يوم الخميس 23 نوفمبر/تشرين الثاني ،2023 إن طلاباً يهوداً منخرطين في مجموعة تدعى "يهود من أجل وقف إطلاق النار"، بجامعة براون الأمريكية، يعتزمون الاستمرار في نشاطهم المناهض للمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، رغم اعتقال بعضهم حين نظموا مظاهرة سابقة لهم تنديداً بالحرب على قطاع غزة.
إذ كان جميع الطلاب من اليهود المنخرطين في مجموعة تُدعى "يهود من أجل وقف إطلاق النار الآن". شاركوا في اعتصام لمدة خمس ساعات أمام مكتب رئيسة جامعة براون، كريستينا باكسون، لمطالبة الجامعة بوقف استثمارات الشركات الإسرائيلية والمشاركة في الدعوات المتزايدة إلى وقف إطلاق النار فوراً وذلك في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني.
وبعد مرور أسبوعين، لم يتضح بعدُ ما إذا كانت تُهم "التعدي على الممتلكات" ستسقط أم لا، كما لم يتبيّن ما إذا كانت الجامعة ستتخذ خطوات تأديبية بحق الطلاب أم لا. لكن الطلاب ما يزالون مقتنعين بأن تصرفاتهم كانت مبررةً وضرورية.
اعتقال طلاب يهود لرفضهم انتهاكات الاحتلال
صرح عدة طلاب من جامعة براون، لموقع Middle East Eye البريطاني، بأن القبض على 20 طالباً يهودياً أسقط القناع عن الجامعة التي تُعتبر معقلاً للقيم الليبرالية، كما أبرز مدى رسوخ مشاعر عداء الفلسطينيين فيها.
وقالوا إن الواقعة لخصت مستوى التحيز الذي يتعرض له الطلاب الذين يؤيدون الفلسطينيين بجميع أنحاء البلاد، سواءً في جامعة كولومبيا بنيويورك أو هارفارد في ماساتشوستس أو حتى ستانفورد بكاليفورنيا.
حيث شاركت طالبات يهوديات مثل أرييلا روزنزويج (22 عاماً) وليلي غاردنر (20 عاماً)، في العديد من الاحتجاجات بمدينة بروفيدنس قبل القبض عليهما في الاعتصام الأخير، وقد كانتا من الأعضاء المنخرطين في منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين. لكنهما شعرتا بالرعب لإخفاق جامعة براون في تقديم توجيهات دقيقة ومتقنة عبر تصريحاتها العامة.
ولاحظ الثنائي أن الزملاء والأصدقاء الفلسطينيين يتعرضون للتحرش والإساءة اللفظية، دون الحصول على مساعدةٍ كبيرة من مسؤولي الجامعة، على حد قولهم.
خطاب مناهض للفلسطينيين
مع مرور الأيام وعدم ظهور أي مؤشرات على تعليق إسرائيل لغاراتها الجوية، شعر الثنائي وأكثر من 10 طلاب يهود آخرين بأن عليهم التحرك بأنفسهم.
وشعروا بأن عليهم اتخاذ موقف كيهود بالتزامن مع توطيد وسائل الإعلام الرائجة لخطابها المناهض للفلسطينيين، وهذا يشمل وصف الجماعات والشعارات والاحتجاجات الفلسطينية بأنها إرهابية أو معادية للسامية.
وقالت أرييلا إن موقف الجامعة هو الذي دفعهم إلى التحرك بشكلٍ مباشر. ثم أوضحت: "لم يوفروا لنا أي منفذٍ آخر، وعطّلوا كل محاولاتنا لإجراء حوار".
يُذكر أن الطلاب الذين حاولوا التعبير عن دعمهم لفلسطين، أو المطالبة بوقف إطلاق النار، قد تعرضوا لطوفانٍ من الهجمات في كافة أرجاء البلاد.
حيث شهدت العديد من جامعات النخبة متبرعين يسحبون تمويلهم، أو يلغون عروض توظيف الطلاب، أو ينشرون لوحات إعلانية متنقلة في الحرم الجامعي وعليها أسماء وصور أعضاء هيئة التدريس أو التلاميذ المتعاطفين مع فلسطين.
ولم يصل الأمر إلى مستوى اللوحات الإعلانية المتنقلة وحملات كشف الهويات في جامعة براون، لكن الطلاب الفلسطينيين والعرب تعرضوا للتمييز والتعصب.
وقال عبود أشهب، الطالب الفلسطيني في الجامعة، للموقع البريطاني: "سارعت إدارة الجامعة لإصدار بيان دعمٍ للضحايا الإسرائيليين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وعرضت الموارد على الطلاب الإسرائيليين واليهود، لكنها لم تفعل المثل مع الطلاب العرب والفلسطينيين في الأسابيع التالية".
وعلى صعيدٍ مماثل، قالت طالبة براون الأخرى تاليا ساويرس للموقع البريطاني، إن إخفاق الجامعة في الاعتراف باحتلال الضفة الغربية، أو الحصار المستمر منذ 16 عاماً لقطاع غزة، يُعَدُّ إساءةً للمجتمع الطلابي.
وأوضحت تاليا أن الجامعة لم ترغب كذلك في الاعتراف بالطلاب الذين قد يكونون أكثر عرضةً للأذى.
واتفقت أرييلا وليلي مع ذلك الرأي، وأوضحتا أنه كانت هناك عدة تقارير تُشير إلى زيادة في وقائع معاداة السامية داخل الحرم الجامعي، لكن الجامعة لم تبذل جهداً كبيراً للتمييز بين معاداة السامية الحقيقية والشكاوى من الأنشطة المؤيدة لفلسطين.
وأضافت ليلي: "أعتقد أن كثيرين من بيننا شعروا بالمسؤولية الشخصية في هذه اللحظة لسبب يتخطى مستوى العنف والفظائع المرتكبة، ويمتد على نطاقٍ أوسع كرد فعلٍ على اعتبار دعم الصهيونية شرطاً أساسياً لليهودية".
تضامن من جانب طلاب يهود
في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، وبالتزامن مع القبض على الـ20 طالباً يهودياً، احتشدت مجموعة من نحو 500 طالب للتعبير عن التضامن والشهادة على الواقعة.
ومنذ ذلك الحين، زاد احترام الطلاب بين بقية زملائهم ووسط أعضاء هيئة التدريس. وقال طلاب "يهود من أجل وقف إطلاق النار الآن" إن عدد أفراد مجموعاتهم قفز من نحو 10-15 طالباً إلى نحو 70 متطوعاً.
وأوضحت الطالبة ميكا مالتزمان، عضو المجموعة التي تبلغ 20 عاماً، للموقع البريطاني: "لم أكن لأتصور أن تتحد هذه المجموعة المتنوعة من الطلاب اليهود في الحرم الجامعي تحت رايةٍ واحدة".
وعلى مستوى هيئة التدريس، وقع أكثر من 200 أكاديمي في جامعة براون على خطاب يدعو الجامعة إلى إسقاط كافة التهم الجنائية ضد الطلاب، وإعفائهم من أي إجراءات تأديبية في الجامعة، وفتح حوار على مستوى الحرم الجامعي للتفاعل مع مطالب الطلاب بجدية.
وطالب الموقعون على الخطاب مسؤولي الجامعة بأن يضعوا في اعتبارهم أنشطة العصيان المدني التي شهدتها جامعة براون في الماضي، والتي أدت إلى سحب الاستثمارات المتعلقة بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وقد أثارت تلك الجهود حماس وإلهام الطلاب الفلسطينيين في براون. إذ قالت تاليا، التي تنظم فعاليات طلابية، إنها فخورة للغاية بمجموعة "يهود من أجل وقف إطلاق النار الآن"، "لأنها دافعت عن تحرير فلسطين، وأكّدت مطالب (طلاب من أجل العدالة في فلسطين) وحملة التضامن مع فلسطين".