أقلام على رصيف النخاسة
منذ زمن ليس بالقليل سألت نفسي : هل يشتري التجار الأذكياء بضاعة فاسدة؟!
وهأنذا اليوم أجد إجابة أشد وضوحا من شعار حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يدور كعبّاد الشمس حيث دارت المصلحة حاله حال معظم الأحزاب ، لكنه حزب ذكي ، ولا يحتاج لشهادة مني لتأكيد ذكائه ، فقد اشترى الحزب أقلاما كنّا نظن أنها مستقلة ، حتى سخّرت سطورها ونبرات صوتها للدفاع عن قناعات حزب ، كل مبادئه في بورصة الفيد والغنائم ..!
تذكرت نكتة يتداولها اليمنيون، تحكي عن يمني ضاعت منه زوجته في بيروت، وأثناء البحث عنها وجد لبنانيا يبحث عن زوجته الضائعة، فسأله اليمني عن مواصفاتها، لقد كانت جميلة جدا، ثم سأل اللبناني عن مواصفات زوجة اليمني فقال له اليمني بلهجته :(أبرد من أبوها وخلينا ندوّر مرتك) وهذا بالضبط حال بعض كتّاب اليمن المنشغلين في تبرئة حماس ، وشتم من يجرّمها ، متناسين أن اليمن مازال في قبضة الحوثي، ذراع إيران المتحالفة مع حماس ، ومتجاوزين كذلك أن اليمن ما زال تحت البند السابع ، وتحت وطأة المجاعة والفساد، يشهدون تراجع التعليم ، وتعرضه للعبث بمناهجه ، وتجريف الهوية الوطنية وغيرها من الكوارث التي لم تصل إليها فلسطين برغم كل الوجع الذي خلفته شراسة وبشاعة وحقد وهمجية العدو الإسرائيلي ، لكنها لم تصل إلى حد الصمت أمام محاولات تجريف الهوية الفلسطينية كما يحدث في اليمن، وهذا الأمر أشد وأسوأ من كل الأخطار المحدقة ببلد حضارته أعمق من جذور التاريخ...!
بالحديث عن ضرورة وجود موقف يمني حيال القضية الفلسطينية وما يحدث فيها اليوم من إبادة جماعية فإن فلسطين بحاجة لوجود دولة يمنية قوية تسند قضيتها ، دولة يمنية غنية قادرة على دعم شعبها ماديا ومعنويا، دولة يمنية لا تنتمي لهذا الوضع المعتمد على الوديعة السعودية والإماراتية التي لولاها لانطفأ الرمق الأخير من اقتصادها الآيل للانهيار إذا ما تأخرت الوديعة أو تم سحبها..!
بالتعريج على ردود الفعل الشعبية والرسمية للدول العربية والمظاهرات التي شهدتها عدة عواصم غربية وهي ردود فعل محمودة بالتأكيد يطرح السؤال ذاته على شكل أمنية مماثلة لتلك الوقفات والزخم العربي والغربي من أجل اليمن؟!
كتب بعض الكتّاب اليمنيين مستنكرين ورافضين وغاضبين من تفجير مستشفى الشفاء في غزة وعن استهداف المدارس فيها ، وغيرها من جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان الصهيوني ، لكنهم وأدوا غضبهم وأخرسوا أقلامهم وصموا آذانهم عن ذات الفعل الذي حدث لمستشفيات ومدارس اليمن على يد الحوثي حين تمركز فيها وحولها لساحات حرب ، وفجرها لحظات انسحابه منها، على سبيل المثال لا الحصر، ما حدث في مستشفى السويدي للأمومة والطفولة في تعز ، كذلك الألغام التي زرعها في مدارس تعز مثل مدرسة حبيل سلمان ، وليس ببعيد ما قام به من تجويع لسكّان مديرية أسلم ومنع المنظمات الإنسانية المتواجدة في محافظة حجة من إدخال المستلزمات الزراعية لاسكات صرخات جوعهم ، وما أبشع تهجير سكان صعدة وقذفهم في مخيمات ضروان ودحاض وخمر، وغير ذلك من الجرائم التي حصدت أرواح كثير من اليمنيين وتركت الآلاف منهم بدون أطراف بعد أن التهمتها ملايين الألغام في تعز والحديدة وغيرها من مدن وقرى اليمن، ليستقبل بعدها قادة حماس ويبالغ في إكرامهم ، بل ويرفع صورا ضخمة لقاسم سليماني في شوارع صنعاء.....!
حضرت كل هذه الفظائع ومازالت ولا وجود لكل هؤلاء الذين يتباكون على حماس اليوم ، ولم يقل أحد منهم أن الحوثي قضيته التي يسخّر وقته وجهده وقلمه لأجلها ، على العكس من هذا، لجأت بعض الأحزاب والقوى اليمنية إلى التحالف مع الحوثي في الخفاء ، وكان بعض هؤلاء الكتّاب يشكلون بكتاباتهم غطاء واقيا ومبررا ناعما لتلك الأحزاب حسب قوة وحجم التمويل والمقابل المدفوع لهم..!
المفارقة الكبرى ، حين يشحذون سكاكين أقلامهم على القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة، التي انعقدت في الرياض، لبحث "التطورات الخطيرة"، التي شهدتها غزة والأراضي الفلسطينية ، حتى قبل انعقادها الفعلي، ويتندرون على بياناتها الختامية قبل قراءتها أو سماعها، وفي ذات اللحظة يهللون ويكبرون لأي موقف غربي وعالمي يبرئ حماس حتى لو كان الأمر مجرد استهلاك إعلامي لأغراض ومناكفات سياسية...!
بكل وضوح حاسم وصراحة دامغة نقول لهم : لو أنكم انشغلتم بالكتابة عن مشاكل وهموم اليمن وسبل تحريره من هذا الكابوس الحوثي الفارسي لكان أجدى وأنفع لليمن ولفلسطين على السواء...!
افتحوا أعينكم ولو لمرة واحدة، وانظروا كيف يفعل الحوثي بأتباعه من اليمنيين المغرر بهم، وكيف يزج بهم على الحدود العراقية الأردنية لمحاربة الأردن....!
خذوا لحظات عقل واعية وفكروا بمآلات آلاف الطلاب اليمنيين المقيمين في الأردن وعشرات الآلاف من المرضى الذين لاسبل أمام عافيتهم إلا المملكة الأردنية الهاشمية، إنها طريقهم الوحيد المؤدي إلى العالم والدرب الوحيد العائد بهم إلى وطنهم المسلوب....!
حرروا أنفسكم وبلدكم من رجس الحوثي وعودوا معززين مكرمين للاستقرار فيه، بدل الإقامة هنا وهناك عالةً على رعاة مؤقتين، أو طالبين للجوء في عالم صار يرفض الوافدين الغرباء عنه، ثم التفتوا لقضية فلسطين وباقي القضايا العربية، لتكون مواقفكم حقيقية مشرفة تتماشى مع عروبيتكم وقوميتكم المزعومة..!