الانتخابات الأمريكية.. كيف تؤثر على العالم؟!
رغم أن العالم لا يختار رئيس الولايات المتحدة، لكنه سيتحمل «عواقب» اختيار الأمريكيين لنائبة الرئيس كامالا هاريس أو الرئيس السابق دونالد ترامب، في الاستحقاق الذي سيجرى خلال الشهر الجاري.
(الأول) متابعة خاصة:
بدءا من الحروب في غزة وأوكرانيا إلى تغير المناخ والتجارة العالمية، قضايا عالمية، ستتغير بوصلتها، وفقًا لساكن البيت الأبيض الجديد، كون المرشحين شديدي التباين في سياساتهما الداخلية والخارجية.
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز»، إن هذه الانتخابات تستقطب العالم بقدر ما تستقطب الولايات المتحدة ــ لكن بطرق غير متوقعة في بعض الأحيان.
فكيف ستؤثر الانتخابات الأمريكية 2024 على العالم؟
الكيان الإسرائيلي:
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه لو كان بمقدور الإسرائيليين التصويت، فسيعطون أصواتهم لصالح ترامب بأغلبية كبيرة ــ وهو ما تشير إليه استطلاعات الرأي بوضوح شديد. لكن أيا كان الفائز، فإن التأثير البعيد الأمد ربما يكون محدودا.
وأشارت إلى أن المجتمع الإسرائيلي، ناهيك عن الحكومة، أصبح أكثر معارضة لقيام دولة فلسطينية وحل الدولتين مما كان عليه الحال منذ عقود. ومن غير المرجح أن يغير أي رئيس أمريكي هذا الموقف.
وربما تفرض هاريس حال نجاحها المزيد من الضغوط على إسرائيل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وفتح محادثات مع الفلسطينيين، لكن من غير المرجح أن تقطع الدعم العسكري لإسرائيل، تضيف الصحيفة الأمريكية.
على الخط الموازي، كان ترامب أقل انزعاجا من سماح إسرائيل للمستوطنين اليهود بالعودة إلى غزة، وهو ما ترغب الحكومة الإسرائيلية في القيام به، إضافة إلى أنه يتحدث عن خط «أكثر عدوانية» تجاه إيران من هاريس، وهو ما يرضي العديد من الإسرائيليين.
ورغم ذك، إلا أن ترامب استبعد مؤخرا محاولة الإطاحة بالنظام الإيراني، مما جعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يشعر بأنه قادر على الاستفادة بشكل أكبر من إدارة هاريس.
أفريقيا:
بحسب «نيويورك تايمز»، فإن هناك اختلافات مثيرة للاهتمام في الكيفية التي ينظر بها الناس في أفريقيا إلى هاريس وترامب، فرغم أن ترامب «استخف» ببعض الدول الأفريقية، إلا أن البعض يراه زعيمًا قويًا ينجز الأمور.
وتشتهر هاريس، في أفريقيا، بقضاء بعض الوقت في زامبيا عندما كانت تكبر، باعتبارها حفيدة دبلوماسي هندي يعمل هناك. وكونها من أصل أفريقي يتردد صدى ذلك بعمق، فيُنظر إليها على أنها تنتمي إلى القارة إلى حد كبير.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن بايدن - وربما هاريس – يريدان أن تتخلص الدول الأفريقية من الكربون، لأن العديد منها لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري للحصول على الطاقة. ومن غير المرجح أن يركز ترامب على هذا، وبالتالي قد تكون رئاسته مرغوبة بالنسبة للدول التي تريد الاستمرار في حرق الفحم والنفط والغاز، بدلاً من الانجرار إلى التحول إلى الطاقة النظيفة.
روسيا وأوكرانيا:
هذه الانتخابات لها أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا؛ فالأوكرانيون يخشون أن يفرض ترامب -حال نجاحه- اتفاق سلام سريع لصالح روسيا، معربين عن آمالهم في أن تفوز هاريس، لتستمر في دعمهم في ساحة المعركة.
لكن في روسيا، فالرئيس فلاديمير بوتين يرى أن الاختلاف بين ترامب وهاريس بشأن أوكرانيا أقل كثيرا مما يُتصور، فهو يعتقد أن ترامب وهاريس سيكونان أقل التزاما بأوكرانيا من بايدن.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن بوتين يريد التوصل إلى اتفاق، وهو ما يستطيع أن يسميه «انتصارا»، معتقدًا أنه يمكن التوصل إلى هذه الصفقة بالتفاوض مع الرئيس الأمريكي المقبل، مشيرة إلى أنه رغم إعلانه دعم هاريس، إلا أن هذا الأمر يبدو مخالفاً للمنطق.
وهناك طريقة واحدة من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز مكانة بوتين، حال فوز ترامب: فهو يعني أن أمريكا ستصبح أقل انخراطا في العالم وفي أوروبا، التي يرى بوتين أنها مجال اهتمامه الشرعي.
الصين:
تقول «نيويورك تايمز»، إنه أيا كان الفائز، فإن الرئيس الأمريكي القادم سيكون من أشد المعارضين للصين، لكن المسؤولين الذين تحدثت إليهم الصحيفة الأمريكية في بكين منقسمون حول أي مرشح سيكون أفضل للصين. وتتركز المقايضة حول قضيتين: التعريفات الجمركية وتايوان.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن المسؤولين الاقتصاديين الصينيين يدركون أن ترامب دعا إلى فرض تعريفات جمركية شاملة على الصادرات الصينية، ما قد يشكل تهديداً خطيراً للاقتصاد الصيني، كونها تعتمد بشكل كبير على الطلب الأجنبي، وخاصة من أمريكا، للحفاظ على تشغيل مصانعها وتشغيل عمالها.
في الوقت نفسه، يرى عالم السياسة الخارجية الصيني أن فوز ترامب في الانتخابات له فوائد؛ فبكين تشعر بأنها مقيدة بشكل متزايد بالجهود الأمريكية، وخاصة من جانب إدارة بايدن، لتعزيز التحالفات مع العديد من جيران الصين: اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند وفوق كل شيء تايوان.
ومن المرجح أن تواصل هاريس هذه الجهود، أما ترامب فهو أقل التزاما ببناء التحالفات الدولية والحفاظ عليها، كما أبدى اهتماما أقل بالدفاع عن تايوان، وهو أمر مرحب به للغاية في بكين، تضيف «نيويورك تايمز».
أوروبا والناتو:
بالنسبة لأوروبا، فإن هذه الانتخابات تعد بمثابة نهاية حقبة، مهما كانت النتيجة؛ ففوز ترامب إما أن يكون «كابوسا أو هدية»، وهذا يتوقف على من تتحدث إليه في أوروبا، ذلك أن مجموعة الأوروبيين المتنامية من القوميين ــ في المجر وإيطاليا وألمانيا وأماكن أخرى ــ تنظر إلى ترامب باعتباره زعيم حركتهم، ما يعني أنه إذا استعاد البيت الأبيض، فسوف يعمل على تطبيع وتنشيط خطهم المتشدد في التعامل مع الهجرة والهوية الوطنية.
في غضون ذلك، يشعر أغلب زعماء أوروبا الغربية بقلق عميق؛ فحديث ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على كل ما يباع لأمريكا، بما في ذلك الصادرات الأوروبية، قد يؤدي إلى كارثة بالنسبة للاقتصاد الأوروبي.
ليس هذا فحسب، بل إن ترامب تحدث مرارا وتكرارا عن الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، بحسب «نيويورك تايمز»، التي قالت إنه، حتى لو لم تنسحب الولايات المتحدة رسميا من «الناتو»، فإن ترامب قد يقوض مصداقية التحالف بشكل قاتل، بالإشارة إلى تصريحاته السابقة التي قال فيها: «لن أذهب للقتال من أجل دولة أوروبية صغيرة».
أما إذا فازت هاريس، فهناك شعور بأنها ستكون -أيضا- مشغولة بالداخل وأكثر اهتماما بالصين، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنها (هاريس) ستتوقع من الأوروبيين أن يفعلوا المزيد من أجل أنفسهم.
وأكدت أن هناك شعورا ملموسا في أوروبا بأن بايدن كان ربما آخر رئيس أمريكي مرتبط شخصيا بتحالف تشكل في الحرب الباردة.
التجارة العالمية:
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الانتخابات هي، من بين أمور أخرى، استفتاء على نظام التجارة العالمي بأكمله، حيث يتخذ الناخبون الأمريكيون خيارا يمكن أن يؤثر على العالم بأسره.
ففي حال انتخابها، ستحافظ هاريس على التعريفات الجمركية المستهدفة على السلع الصينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، تقول «نيويورك تايمز»، مشيرة إلى أنه إذا فاز ترامب، فإنه سينفذ وعوده «الأكثر صرامة»، بتحديد مستويات تعريفات لم تحدث منذ ما يقرب من قرن من الزمان: 10 إلى 20% على معظم المنتجات الأجنبية، و60% أو أكثر على السلع المصنوعة في الصين.
وأشارت إلى أن هذا من شأنه أن يؤثر على واردات الولايات المتحدة التي تزيد قيمتها على ثلاثة تريليونات دولار، وربما يتسبب في اندلاع حروب تجارية متعددة، حيث ترد الدول الأخرى بفرض تعريفات جمركية.
المكسيك:
ستواجه المكسيك تحديات كبيرة إذا انتُخِب ترامب؛ فالتوترات ستتصاعد على الحدود بينها والولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي أشارت إلى أنها (المكسيك) ستختبر تهديد ترامب باستخدام الجيش الأمريكي على أراضيها.
ورغم كون المكسيك أكبر شريك تجاري لأمريكا، إلا أنها تواجه تعريفات جمركية باهظة، تقول «نيويورك تايمز»، مشيرة إلى أنها في الوقت نفسه، تتوقع نظام هجرة صارمًا بغض النظر عمن سيفوز.
وفي عهد هاريس، قد يعني هذا استمرار سياسات إدارة بايدن التي أصبحت أكثر تقييدًا بمرور الوقت، فيما وعد ترامب بترحيل 11 مليون شخص، معظمهم إلى أمريكا اللاتينية ــ رغم أن الخبراء يشككون في إمكانية تحقيق مثل هذا الإنجاز.
وفيما تتمتع المكسيك ببعض النفوذ، لكنّ قادتها قد يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي في ظل «جرأة» ترامب، بحسب الصحيفة الأمريكية.
المناخ:
إذا انتُخِبت هاريس، فمن المرجح أن تواصل سياسات بايدن في التحول إلى الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون. أما إذا فاز ترامب فقد لا يلغي سياسات عهد بايدن بالكامل، لكنه قد يتراجع عن عشرات التدابير التي تنظم الانبعاثات من السيارات ومحطات الطاقة، مما يضعف قدرة البلاد على خفض الانبعاثات بسرعة كافية.
وتعد الولايات المتحدة ثاني أكبر دولة مصدرة للانبعاثات في الوقت الحالي بعد الصين، ما يعني أن خطواتها المستقبلية في ذلك الصدد، ستؤثر على قدرة العالم بأسره على تجنب تغير المناخ الكارثي.