بعد 6 سنوات على مقتل صالح.. معادلة سياسية هشة ومتقلبة.. أين أسرة صالح ومؤتمره الشعبي؟!
بعد مرور ست سنوات على مقتل الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح، لا تزال جماعة الحوثي تواجه تحديات تثبيت نفوذها بشكل مستقر واستفرادها في الحكم في شمال اليمن، على الرغم من نجاحهم في إزاحة أبرز حلفائهم، والمتمثل في حزب المؤتمر الشعبي العام من السلطة.
التطورات السياسية والاجتماعية في اليمن، تشير إلى وجود علاقات معقدة بين الحوثيين وحلفائهم السابقين، حيث يظل التحالف بين الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام بلا مبادئ توافقية وبنية قوية، إذ يحاول الحوثيين تقوية سيطرتهم عبر تقييد حركة المؤتمر وزيادة القمع، وفي الوقت نفسه، يسعى المؤتمر إلى الاستثمار في التوترات الاجتماعية والتحالفات لتحقيق أهدافه.
على الرغم من استخدام الحوثيين للقمع وتشكيل هياكل حكومية بديلة في العاصمة صنعاء، يظل لديهم تحدي في توسيع نفوذهم إلى المناطق التي كانت تشكل قاعدة صالح القوية. الشظف الاجتماعي وتغيير ولاءات القوى الاجتماعية أدى إلى تحول في الديناميات بين الحوثيين والمؤتمر، وهو ما يعزز المنافسة بينهما.
يتعين على الحوثيين مواجهة التحديات المستمرة من خلال تحسين تمثيلهم السياسي والإداري، والتعامل بفعالية مع الضغوط الشعبية والتحديات الاقتصادية، كما يتعين على حزب المؤتمر استغلال التحالفات والشبكات الاجتماعية لزيادة تأثيره ومواجهة سياسات القمع. تظل هذه الديناميات في شمال اليمن معقدة وقد تتطلب استراتيجيات جديدة ومرونة للأطراف المعنية لضمان تحقيق تثبيت النفوذ بشكل مستدام في المنطقة.
وتعكس الأحداث الأخيرة أن نتائج جولة الصراع الدامي في ديسمبر 2017 أسهمت في إنشاء معادلة سياسية هشة ومتقلبة في شمال اليمن، ففي ظل استمرار الحروب والتصعيد العسكري، يظل تحقيق استقرار سياسي واجتماعي أمرًا صعبًا.
ويواجه الحوثيون ضغوطًا داخلية وخارجية، حيث يتطلب تثبيت نفوذهم تلافي التحديات القائمة في البنية السياسية والاقتصادية، بما في ذلك التصدي للفساد وتحسين إدارة الموارد، من جهة أخرى، يتعين على حزب المؤتمر البحث عن استراتيجيات جديدة للتأقلم مع التغيرات في المشهد السياسي والاجتماعي، وتعزيز شبكات الدعم والولاءات.
المستقبل يتوقف أيضًا على تفاعل القوى الإقليمية والدولية، حيث تظل تدخلاتها ودورها في دعم أو عرقلة الأطراف المختلفة تؤثر على الديناميات المحلية، في هذا السياق.
وفي إطار سياستها الممنهجة لتثبيت هيمنتها، يتحمل الحوثيون مسؤولية تصعيد الأوضاع الداخلية والقمع السياسي والاقتصادي. تُظهر استراتيجيتهم في تحقيق تماسك الجبهة الداخلية من خلال تصعيد إجراءات القمع، بدءًا من إزاحة القوى الممثلة في السلطة وصولاً إلى ربط مخاوفهم بتحالفاتهم وإدارتهم الفاشلة، محملين أي توتر اجتماعي بعدو يُصبح تهديدًا لسلطتهم.
تأتي هذه السياسات في إطار محاولة الجماعة تجنب المسؤولية تجاه الأوضاع الاقتصادية السيئة، حيث تتجنب مواجهة الانتقادات الشعبية من خلال تحميل الآخرين مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، حيث تهدف الخطوات الأولى للتغيير التي أعلن عنها زعيم الحوثيين إلى تثبيت سلطتهم وتجنب مواجهة النقمة الشعبية، بالإضافة إلى تقليص الخصم السياسي والاجتماعي.
وتركّز الجماعة على تعزيز سيطرتها على السلطة القضائية من خلال تغيير تركيبتها وتفعيل دور الأمناء الشرعيين، مع إجراء اغتيالات تطال عدة قضاة، ولكن دون تحقيق هيمنة فعّالة على قراراتها. وبالتالي، يُعتبر تفكيك المؤسسة القضائية مرحلة حيوية لتحقيق أهداف الحوثيين.
فيما تشير الخطوة الثانية إلى تغيير السلطة التنفيذية من خلال إقالة حكومة بن حبتور، والتي تهدف إلى تحقيق أهداف الجماعة وتقليص دور “المؤتمر” وفشل إدارته لمؤسسات الدولة، ويُسلط النص الضوء على استخدام الحوثيين للقمع وحملات الاعتقال للتصدي لأي تحركات اجتماعية أو احتجاجات، ما يظهر وضوحًا في اعتقال أكثر من ألف مواطن وكوادر تربوية.
بالتالي، يمكن اعتبار الحوثيين مسؤولين عن تصاعد التوترات الداخلية واستخدامهم للعنف وحملات القمع لتحقيق أهدافهم السياسية وتثبيت هيمنتهم، بالمقابل يسعى الحزب – جناح صنعاء، إلى النأي بنفسه عن مشاركة الحوثيين في الحكم الصوري.
فيما تحاول قيادة حزب المؤتمر المنضوية ضمن معكسر الشرعية لملمة شتاتها داخل الوطن وخارجه، لإعادة عائلة صالح إلى المشهد بزعامة نجلة المقيم في الإمارات أحمد علي ونجل شقيقه عضو مجلس الرئاسة اليمني طارق صالح والذي يدير قوات عسكرية في الساحل الغربي بدعم وتمويل من الإمارات.
وبين جناح صنعاء التابع للحوثيين، والجناح الموالي للحكومة اليمنية، لا يزال حزب المؤتمر منقسماً على الرغم من محاولات عديدة لتوحيد صفوفهم.