ما الجديد في كتابة السيرة الذاتيَّة؟ 

مسعود عمشوش

تُعد السيرة الذاتيَّة من أهم أنواع أشكال الكتابة الوظيفية، إذ أنه من الصعب تجنُّب كتابتها على الأقل مرة واحدة في حياتك، وذلك للحصول على وظيفة محددة، أو منصب أعلى، أو حتى لتكون علامة تتباهى بها المؤسسة التي تنتسب إليها. وهي أداة ترويجية وتسويقية فعّالة. وهناك من يفضّل تسمية هذا النوع من السيرة الذاتية الوظيفية (CV) التي تقدم لطلب الوظيفة، بـ(البيانات الشخصية)، وذلك لتمييزها عن (السيرة الذاتية) الأدبية التي تعدُّ جنسا فنيا يدخل ضمن أشكال كتابة الذات مثلها مثل اليوميات والمذكرات. 

وتُعرّف السيرة الذاتية الوظيفية بأنّها تقديم تعريفي شخصي مركز يُبرِز مهارات الفرد، ويُمكنه من التعريف عن نفسه وتسويقها بشكلٍ احترافي ومهني لأصحاب العمل المحتملين. وينبغي أن تحتوي السيرة الذاتية الجيّدة على المعلومات الشخصية للفرد، والتاريخ المهني، والمهارات، والإنجازات، والاهتمامات أو الهوايات، وغيرها من المعلومات التي تُؤهله لشغل وظيفة أو منصب أو مهمة ما.

ومن المؤكد أن كتابة السيرة الذاتية الوظيفية قد شهدت مؤخرا تطورات مهمة، وإضافات لا يمكن إغفالها. وأصبح هناك نوعان من السير الذاتية؛ أحدهما خاص بحديثي التخرج الباحثين عن أوّل فرصة للعمل، وهناك السيرة الذاتية للذين سبق أن مارسوا وظيفة أو أكثر ويسعون للدخول في منافسة للحصول على وظيفة جديدة أو منصب أعلى، أو للقيام بمهمة محددة.

في السابق كان هناك من يحاول أن يجعل من سيرته الوظيفية فرصة لاستعراض تفاصيل كثيرة في حياته، حتى تلك التي ليس لها علاقة بعمله أو وظيفته، ويثقل بها الموقع الرسمي لمؤسسته. والأرجح أنها لا تقرأ إلا من باب الفضول. أما اليوم فمن غير المقبول تقديم سيرة ذاتية وظيفية في أكثر من صفحتين مهما بلغ عدد إنجازاتنا ومناصبنا السابقة ومؤلفاتنا. والأفضل التركيز على ما يميّزنا عن الآخرين، ويبرز قيمتنا المهنية وأفضليتنا. والمستحسن ألا تتجاوز سيرة حديث التخرج صفحة واحدة.

محتويات السيرة الذاتية:

في رأس أي سيرة ذاتية يتم وضع البيانات الشخصية، التي تتضمن الاسم الثلاثي أو الرباعي وتحته الصفة أو التخصص الرئيس، والعنوان، أي المدينة والبلاد التي تسكن فيها، والبريد الإلكتروني الذي يُفضّل أن يكون باسمك الحقيقي وخاليا من الرموز، (وبالنسبة لمنتسبي الجامعات والمراكز البحثية ينبغي وضع البريد الالكتروني الخاص بالمؤسسة)، ورقم الهاتف، وعنوان موقعك الالكتروني، وعنوان حسابك في لينكدِن، وحسابك في Researsh-gate إن وُجِد. 

وفي السابق كان هناك من يطلب تضمين السيرة الوظيفية تاريخ ومكان الميلاد والحالة الاجتماعية وعدد الأولاد، لكن اليوم لم يُعد ذلك مطلوبا في السيرة الذاتية، وإذا أراد صاحب العمل معرفتها سيطلبها منك خلال المقابلة الشخصية. ويحق للمرأة رفض ذلك الطلب.

وبعد تلك البيانات الشخصية تُذكر المؤهلات العلمية والأكاديمية مع التركيز على تلك التي لها علاقة بالوظيفة المطلوبة. وترتب من الأحدث للأقدم، ويذكر التخصص الدراسي، واسم الجامعة، وتاريخ التخرج والمعدل في حال كان من ضمن اشتراطات الوظيفة المستهدفة، والدورات والمشاريع. ويمكن ذكر شهادات التميّز والتفوق العلمي.

ثمّ تذكر الخبرات والوظائف والمناصب السابقة من الأحدث للأقدم، مع تبيان التواريخ. وبالنسبة لحديثي التخرج يكفي ذكر المؤهلات الأخرى من دورات وأعمال تطوعية، والمهارات الأخرى التي اكتسبوها أثناء فترات التأهيل المختلفة، لاسيما المرتبطة باللغات الأجنبية والبرامج الالكترونية الحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات وغيرها، مع تحديد مستوى اتقان اللغات الأجنبية. وتذكر كذلك المهارات المرتبطة بالتواصل الفعّال مع العملاء، والعمل ضمن فريق، وبدوام طويل، والقدرة على التعامل مع الملفات المختلفة باحترافية.

وفي نهاية السيرة الذاتية يُسمّى شخصان من غير الأقارب، مثل: مدراء سابقين، أو زملاء عمل، أو مدرسين، مع ذكر وسيلة للتواصل معهم، كأرقام هواتفهم، وبريدهم الإلكتروني ليرجع إليهم صاحب العمل لمعرفة تفاصيل أكثر عن المتقدم للوظيفة من حيث الخبرة والكفاءة. ويشترط بعض أصحاب العمل تقديم رسالة تزكية أو أكثر، تشهد لك بالخبرة والكفاءة، ويستحسن أن تكون من أحد أساتذتك أو زميل عمل أو مديرك السابق. أمّا في بلادنا فيمكنك اختصار الطريق وإحضار، بدل رسالة التزكية، توجيه صريح من المسئول الأعلى أو من الشيخ أو من ذاك الوزير، وإذا استطعت من رئيس الوزراء نفسه.

وعادةً تُشفع السيرة الذاتية بخطاب تقديم أو تغطية، لا يقلّ أهميةً عن السيرة الذاتية نفسها، إذ أنه أول ما سيراه موظف الموارد البشرية، ويُحدّد بموجبه ما إذا كان سيقرأ السيرة أو يتركها جانباً. وعادةً يبيّن صاحب السيرة الذاتية في خطاب التغطية أسباب تقدمه للوظيفة أو المنصب أو المهمة، واستعداده لتوفير أي معلومات أو وثائق إضافية. ويعبّر فيها كذلك عن رغبته في خدمة المؤسسة والإسهام في الارتقاء بها.

وعلى مقدم السيرة الذاتية أن يختار المفردات التي تتوافق مع مهاراته وتجاربه. وينسقها بشكل جذاب وجميل، ويختار الخطوط والألوان المناسبة، فاليوم، في العصر الرقمي، لن يكون مقبولا كتابة سيرة ذاتية سيئة ورتيبة. ومع ذلك، يجب ألا ينسى المتقدم أن الشكل لا يحل مطلقا محل المضمون، وأن عليه أن يكون صادقًا فيما يكتبه ويتجنب المبالغة والتدليس؛ فالسيرة الذاتية الجامحة قد تؤدي إلى نتائج سلبية.

وأخيراً، لا تنسى أن تضع في أعلى صفحة سيرتك الذاتية صورة حديثة شمسية لك. وإذا كنت ستتقدم للعمل في شركة هندسية أو منظمة غير حكومية يستحسن أن تكتب سيرتك باللغة الإنجليزية، أو باللغتين العربية والإنجليزية.