كيف تبني توافقاً بين مؤسستك واستراتيجيتك؟
بقلم جيم شليكسر Jim Schleckser، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة بروجكت Project
لقد كتبَ الكثير من الموادِ حول تطويرِ الاستراتيجيّةِ، وهنا نتحدّثُ عن مدوناتٍ وكتبٍ لا نهاية لها في هذا الموضوعِ. وهذا لا يُفاجئنا، نظراً لأن بناء استراتيجيّةٍ جديدةٍ ورائعةٍ لمؤسستكَ أمرٌ ممتعٌ. فمن لا يريد استخدام عقله في عملٍ يجد فيه طرقاً لتغيير العالم؟
ولكن ثمّة مشكلةٌ. فعلى الرّغم من جميع الأبحاثِ والحبرِ المُهدر على تطوير الاستراتيجيّةِ، إلّا أنّ النّتائج متخلّفةٌ كثيراً. يتبيّن أنّ معظم الاستراتيجيات -من 30 إلى 70%- إما تفشل أو تسفر عن نتائج ضعيفة. هذه الأرقام مثيرةٌ للتّأمل، والسّبب ليس سوء الاستراتيجيّة نفسها، إنّما انهيارها أثناء (قصور) تنفيذها. وكما يقول المثل القديم: "بدون تنفيذٍ ناجحٍ، تبقى الاستراتيجيّة مجرّد خيالٍ."
ويُخبرنا ذلك أنّه بقدرِ ما يكون تطويرُ الاستراتيجيّةِ ممتعاً، يجب أن نقضي المزيدَ من الوقتِ فيما نحتاجُ إلى القيامِ به لضمان تنفيذِ الاستراتيجيّة.
نقص في التنسيق والتوافق
المتسبّب الرّئيسيّ في فشل الاستراتيجيّة -حيث تنحرفُ الأمور عن المسارِ الصّحيح- هو عندما لا يُنشئ الأشخاصُ الذين يطورون الاستراتيجيّة توافقاً وتنسيقاً مع الأشخاصِ المكلّفين بتنفيذها. وفي معظمِ الحالات، تتحمّل القيادة العليا مسؤوليّةَ تطوير الاستراتيجية، ثم يسلّمونها لمديري المستوى المتوسّط لتنفيذها.
الأمرُ بسيطٌ، أليس كذلك؟ حسناً، ليس كذلك، لأنّه هنا تحدثُ المشكلةُ. إذا شعر مديرو المستوى المتوسّط بأنّهم قد تمّ تجاهلهم واستبعادهم من تطوير الاستراتيجيّة، فإنّهم لن يشاركوا في التّنفيذ، لأنّ العمليّة تفتقر إلى ما يُسمّى "العدالة الإجرائيّة". إذ إن الأشخاص الذين لا يشعرون بأنّ قيادتهم تنصت إليهم وتسمعهم يميلون عادةً إلى إظهار سلوكيّاتٍ سلبيّةٍ.
وتتضمّن هذه السّلوكيّات مثالين رئيسين:
المماطلة والتّلكؤ: هذا حين يهزّ الأشخاص رؤوسهم كعلامةٍ للموافقة، ويتظاهرون بأنّهم يتّبعون الخطّة، حتى وهم يبطئون العمل، أو حتى يتخذوا خطواتٍ لإيقافه عن طريق عدم فعل شيءٍ. هؤلاء الأشخاص ليسوا متحمسين أو ملتزمين، لذا لا يهتمون فيما إذا أُنجزَ العملُ أم لا. احتجاز المعلومات: عندما لا يشاركُ الأشخاص في الخطّة، فقد يمتنعون عن تقديمِ المعلوماتِ الرّئيسيّة التي يحتاجها تنفيذ هذه الخطّة. وتكون المعرفةُ متاحةً لهؤلاء الأشخاص، إما رقميّاً أو في رؤوسهم، لكنّهم يمتنعون عن مشاركتها، مع علمهم أنّهم بذلك قد يقضون على الاستراتيجيّة في مهدها. إنّها في الواقع وسيلةٌ سلبيّةٌ عدوانيّةٌ للاحتجاج على عدم مشاركتهم في إعدادِ الإستراتيجيةِ في الأصلِ.
تتمثّل النتيجة النّهائيّة لمثل هذه السّلوكيات في عدم توجيه جميع السّهام التّنظيميّة في نفس الاتجاه. وبعبارةٍ أخرى، حتى إذا كانت الخطّةُ رائعةً، ولكنّها لا تحصل على موافقةٍ، فإنّها أصبحت بلا قيمةٍ. إذاً، كيف يمكنك الحصول على تأييدِ مديري المستوى المتوسّط للاستراتيجيّة؟
لعبة التقاط الكرة
هناكَ عبارةٌ يابانيةٌ تُعرف بـ "كيتشيبورو" "kyatchibōru" ، والتي تترجم إلى "التقط الكرة". فكّر في شخصين يرميان الكرة ذهاباً وإياباً.
هذا التّشابهُ البسيطُ يحمل تداعياتٍ كبيرةٍ عندما يتعلّق الأمر بالاستراتيجيّة، وهو جزءٌ ممّا يُطلق عليه اليابانيون "هونشين كانري" "Honshin Kanri" أو نشر السياسات. الفكرةُ هي أنّ فريق القيادة الذي يقوم بإعداد الاستراتيجيّة يجب أن يقومَ برمي الكرة، أو الاستراتيجيّة، لمديري المستوى المتوسّط بينما يمنحهم صلاحية تغييرها أو تعديلها قبل أن يعيدوا رميَها.
تصبح هذه عمليّةٌ تكراريّةٌ -رمي الاستراتيجيّة ذهاباً وإياباً- حتى يصبح الجميعُ سعداءَ، ويضمن القيام بذلك تأييد الخطّة مع استبعادِ السّلوكياتِ المدمرةِ التي يُمكن أن تقضيَ عليها.
بطبيعةِ الحال، توجد بعض الجوانب السّلبية في هذا التّعامل مع الاستراتيجيّةِ، فهو بطيءٌ ويمكن أن يستغرقَ وقتاً طويلاً للاستكمال. ومن تجربتي، بعض الأشخاص ليس لديهم صبرٌ لذلك. ولكنّهم يتجاهلون هذا النّهج في بناء التزامٍ نحو الاستراتيجيّة على مسؤوليتهم. إذ بدون هذا النّهج، ستكون استراتيجيتك، مهما كانت رائعةً، شبهُ عقيمةٍ.
لذا، عندما تُوجّهُ مؤسستكَ نحو المسارِ الاستراتيجيّ الصّحيح، لا تحاول الاستعجال إذا لم تحصل أوّلاً على تأييدٍ حقيقيّ من الأشخاصِ الذين تطلبُ منهم تنفيذها.