قراءة تفصيلية لاجتماعات وفد اليمن مع صندوقي النقد الدولي والعربي.. إصلاحات شاملة أم حلول مؤقتة؟

تحليل (الأول) المحرر الاقتصادي:
في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي في اليمن، عقد وفد حكومي يمني رفيع، برئاسة نائب وزير المالية هاني وهاب ومحافظ البنك المركزي أحمد المعبقي، اجتماعات في العاصمة الأمريكية واشنطن مع مسؤولي صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي. تركزت المناقشات حول تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية الشاملة ومعالجة المديونية المستحقة على اليمن، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين الحكومة اليمنية والمؤسسات المالية الدولية.
الإصلاحات المالية: مسار نحو التعافي
أكّد المسؤولون اليمنيون في الاجتماعات على أهمية الإصلاحات المالية والنقدية التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية. وأشاروا إلى أن هذه الإصلاحات أسهمت في تحسين كفاءة الإنفاق العام، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وترسيخ مبدأ المساءلة. كما تم التطرق إلى خطة وزارة المالية للانتقال التدريجي من نظام إحصائيات مالية الحكومة لعام 2001 إلى النظام المحدّث لعام 2014، ضمن التزامات اليمن في إطار مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولي.
من جهة أخرى، شدّد محافظ البنك المركزي أحمد غالب على ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية في مجال تحصيل الموارد العامة وترشيد الإنفاق لضمان استمرار نجاح الإصلاحات الاقتصادية والمالية.
تفاهمات الديون: معالجة التحديات المالية
تناولت الاجتماعات أيضًا ملف معالجة المديونية المستحقة على اليمن تجاه صندوق النقد العربي. بحث الجانبان آليات تعزيز التعاون والتنسيق المشترك، ومواصلة دعم جهود الإصلاح المالي والنقدي بما يسهم في استقرار وتعافي الاقتصاد الوطني.
يُذكر أن الحكومة اليمنية كانت قد كثّفت مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بمليارات الدولارات، وذلك على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين لعام 2025.
تقييم الخبراء: تحديات وآفاق
يرى الخبراء الاقتصاديون أن الإصلاحات المالية والنقدية في اليمن تمثل خطوة هامة نحو استعادة الاستقرار الاقتصادي. مع ذلك، يشيرون إلى أن نجاح هذه الإصلاحات يتطلب تنفيذ إصلاحات هيكلية أعمق، مثل تحسين تحصيل الإيرادات العامة، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد، ومكافحة الفساد.
فيما يتعلق بتفاهمات الديون، يُعتبر تسوية المديونية خطوة إيجابية نحو تخفيف الضغوط المالية على الحكومة، إلا أن الخبراء يحذرون من أن الاعتماد على القروض الخارجية دون تنفيذ إصلاحات هيكلية قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة المالية على المدى الطويل.1️⃣
الإصلاحات المالية.. خطوة ضرورية لكنها جزئية
الإيجابيات:
الانتقال إلى نظام إحصاءات مالي أحدث يعكس رغبة في الشفافية والمساءلة، ما يسهم في تحسين ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين.
دعم صندوق النقد الدولي ساعد في تحسين كفاءة الإنفاق العام وتعزيز الحوكمة، وهو أمر أساسي في بيئة اقتصادية متأثرة بالصراع.
التحديات:
الإصلاحات الحالية غالبًا ما تكون تركيزها على الإدارة المالية قصيرة المدى، مثل الإنفاق والشفافية، وليس بالضرورة معالجة جذور ضعف الإيرادات أو الفساد الهيكلي.
يحتاج الاقتصاد اليمني لإصلاحات هيكلية أعمق، مثل تطوير أنظمة تحصيل الضرائب وتحسين بيئة الاستثمار، لتكون الإصلاحات فعّالة ومستدامة.
تفاهمات الديون.. تهدئة الضغوط المالية
الإيجابيات:
تفاهمات الديون مع صندوق النقد العربي توفر فرصة لتخفيف الضغوط المالية الفورية، مما يمنح الحكومة هامشًا أكبر للاستثمار في الخدمات الأساسية.
دعم التمويل الخارجي يمكن أن يساعد في استقرار العملة وتحسين احتياطيات البنك المركزي.
المخاطر:
الاعتماد على القروض الخارجية دون إصلاحات هيكلية قد يؤدي إلى دورة دين مستمرة يصعب كسرها.
أي تأجيل للإصلاحات قد يزيد من المخاطر المالية على المدى المتوسط، خصوصًا إذا ظلت الإيرادات المحلية ضعيفة.
الرأي الاستراتيجي للخبراء
الخبراء الاقتصاديون يوصون بالجمع بين الإصلاحات وتفاهمات الديون:
استخدام الدعم المالي الخارجي كرافعة لتنفيذ إصلاحات هيكلية وليس كحل مؤقت.
تعزيز الشفافية والحوكمة وتطوير الإيرادات المحلية لضمان الاستدامة الاقتصادية.
أهمية دعم صندوق النقد الدولي والفني لتدريب الكوادر الحكومية وتعزيز نظم البيانات المالية.
كلمة أخيرة
تُظهر الاجتماعات الأخيرة بين الحكومة اليمنية وصندوقي النقد الدولي والعربي التزامًا جادًا بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة تضمن استدامة التعافي الاقتصادي وتخفف من حدة المديونية.
التحدي الأكبر: تحقيق توازن بين معالجة الدين الحالي واستدامة الاقتصاد من خلال إصلاحات حقيقية على مستوى الموارد والحوكمة.