أبناء اليوم
يكاد يكتمل انقراض جيل كامل من ابناء الجنوب العربي، او سموه ما شئتم، يكاد ينقرض وهو يخوض نضالا موحدا من شرق المهرة الى باب المندب طوال ثلاثون عاما سقط خلالها آلاف الشهداء والجرحى وسجن ونفي آلاف من كل جغرافيا الجنوب دون ان يميز غدر الخصوم بين أبناء الجنوب العربي، وقتل المهري بجانب العدني والحضرمي بجانب الابيني والشبواني بجانب الضالعي واللحجي بجانب السقطري وافترشوا، قبل ذلك الارض، والتحفوا السماء في ساحات النضال السلمي دون ان يتميز اي منهم عن الآخر الا في التسابق على التضحية.
من يخوض المعترك السياسي والعسكري من الجنوبيين هم جيل الأبناء الذين ترعرعوا في كنف وحدة الضيم والضم والالحاق وهم الذي يخوضون حربا مباشرة منذ ٢٠١٥م ويدرك القاصي والداني ان هذه الحرب كانت في الجنوب او على حدوده دون تمييز، ولم يبق من جيل الآباء الا القلة ممن حولتهم حرب ١٩٩٤م الى (خليك في البيت) ونشاء جيل اليوم وهو يرى والده منفيا او يشارك والدته في اعمال المطبخ.
نسمع اليوم بعض المتثيقفين الذين يمايزون بين أبناء الجغرافيا الجنوبية باستدعاء خطايا تاريخية عاشها الجنوب العربي وهي خطايا اقل كثيرا من خطايا عاشها وطنهم واصبح التمييز فيه قائم على مسميات تنزل حد الدونية من قبيل (خضعي) و (لقلقي) وما هو أسوأ من ذلك.
الواقع ان اقل ما يمكن ان يقال عن هؤلاء انهم فقدوا البوصلة إذ تركوا ما يعانية وطنهم واتجهوا جنوبا يفسرون ويفلسفون الجنوب رغم انهم يدركون ان شوائب مجتمعهم اولى بهذه الفلسفة الاجتماعية من الجنوب العربي، وبلغ الأمر بهم ان يسوقون تلك المفاهيم المغلوطة لدى الاشقاء والاصدقاء.
نحن في الجنوب متحررون اخلاقيا من كل صور التمييز فلا نؤمن بمسميات العبد والسيد ولا بالمزين والقبيلي ولا بالرعوي وصاحب الارض، والاشقاء في الجوار يدركون هذه الحقيقة ويلمسونها فأبناء الجنوب اكثر قربا من محيطهم العربي ولا يظنن احد ان الاشقاء سيزجون أبناءهم دفاعا عن طموحات شخصية ويكفي ما قدموه من دماء ابناءهم ومن امكانات مهولة التهمتها بطون تجار الحروب.
هناك من يعملون على ذر الرماد في العيون بالتشكيك باهمية حقوق الجغرافيا والجيرة التي تربط الجنوب العربي بالمملكة لكن ابناء الجنوب على مختلف مشاربهم، يدركون ان عمقنا العربي في الجوار وعلى راسها المملكة العربية السعودية هو حصن الامان وان كل من الجنوب العربي والجوار العربي كل منهم يشكل عمقا للآخر ولن يكرر ابناء الجنوب خطيئة الانسلاخ عن محيطنا العربي كما حدث خلال الحرب الباردة التي لم يكن للجنوب فيها لا ناقة ولا بعير.
طوال سنوات الحرب الممتدة منذ ٢٠١٥م دفع ابناء الجنوب كثير من الدماء والدموع وعاشوا كل صور المعاناة بما في ذلك التجويع وتحمل الناس تلك المعاناة على امل ان تحدث (الشرعية المفترضة) تحول ما أما حربا واما احداث تحسن في المعيشة حتى ان الكهرباء القليلة التي تنتجها مولدات كهرباء عدن كانت تذهب لما يسمونه (الخط الساخن) الذي يضئ (عش الشرعية) في معاشق وعدن غارقة في الظلام والحال كذلك في حضرموت وكل محافظات الجنوب.
أيعقل بعد كل ذلك ان ياتي وينكر على أبناء الجنوب ان يعلنوا ياسهم من أدوات الشرعية في الوصول إلى خط النهاية وان يقرروا مصيرهم بأيديهم ويعلنون استعدادهم لدعم اي معركة لتحرير اليمن.
وختاما. نهمس في اذن د رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي ان أبناء الجنوب جزء من مسؤولياتك الاخلاقية فلا يجوز ان تحرض عليهم، وان ابناؤ عدن لا زالوا جوعى ولم يصلهم خير مليار الفاصوليا بعد، وان السفراء الذين تقابلهم لن يدين ايا منهم تحركات أبناء الجنوب وحقهم في تغيير واقع بائس يعانونه منذ ١٩٩٤م، وان الاشقاء لن يزجوا بأبنائهم في حرب (مجاملات) فمصالحهم مصانة ويقدسها أبناء الجنوب كما يقدسون مصالح وطنهم، الجنوب العربي.
وكفى.
