ثورة ساركوزي النابليونية من سجن (لا سانتيه) إلى قصر (الإليزيه).. فيلم فرنسي بسيناريو أمريكي؟!
(الأول) متابعة خاصة:
في تطور درامي قد يغير المشهد السياسي الفرنسي برمته، خرج الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من محنته القضائية في سجن "لا سانتيه" ليتحوّل من سجين إلى "بطل تراجيدي"، ممهداً الطريق لعودة سياسية مدوية، ومقدماً بشكل غير مسبوق "شهادة جمهورية" لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
ويشير الصحفي سيرج رافي، في تحليله بمجلة "لوبوان"، إلى أن ساركوزي (السجين رقم 320535)، استغل فترة محكوميته القسرية ليطلق "قنبلة" سياسية، معلناً أن اتحاد اليمين حتمية لا مفر منها. ويرى ساركوزي، في كتابه الذي يحمل طابعاً "حميمياً"، أن ناخبي التجمع الوطني والجمهوريين أصبحوا "توأمين متطابقين تقريباً" من الناحية الأيديولوجية والبرنامجية.
القضاء كآلية للقيامة السياسية
يرى رافي أن تجربة السجن لم تهزم ساركوزي، بل جددت شبابه ومنحته شرعية جديدة. ويؤكد أن "هذه القيامة السياسية، يدين بها إلى حد كبير للقضاة أنفسهم"؛ فبإنزال العقوبة المهينة به، قاموا عملياً "بغسل خطاياه كلها تقريباً"، محوّلين إياه إلى بطل وطني. وبدلاً من أن يكون ساركوزي مجرد شخص مذلول، أصبح يوصف بـ "إدمون دانتيس" (الكونت دي مونت كريستو) أو حتى "نابليون في المنفى في جزيرة إلبا".
لقد حوّل ساركوزي "محنته القضائية" ومعاناته الشخصية إلى "أغنية ملحمية" من خلال كتابه شبه الصوفي، كما يصفه الكاتب. وليس من قبيل الصدفة أن أول ما فعله عند خروجه هو التوجه إلى مزار لورد والاستحمام في مياهه، في فعل "سياسي بشكل رهيب" يرمز إلى التطهير وتذكير بالجذور المسيحية لفرنسا.
على خطى ترامب والاستعداد لـ 2027
ويشير التحليل إلى أن القياس على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليس عبثياً. فساركوزي، كترامب المثقل بالسهام القضائية، لم ينهر تحت النيران، بل حوّل التهم إلى سلاح قتالي ووقود انتخابي.
ساركوزي، الذي يستعد لجولة توقيع لكتابه "يوميات سجين" ستجوب فرنسا، مدفوع برغبة في العودة إلى الواجهة عبر طريق توحيد اليمين، وليس للعب أدوار ثانوية. ويكمن الفارق الجوهري في أن اليمين الفرنسي التقليدي اليوم في حالة "موت دماغي"، بينما يبحث التجمع الوطني عن غطاء وشرعية جمهورية. وساركوزي يقدم نفسه كالجسر والقائد القادر على توحيد اليمين بكل أطيافه، مستعداً لتمثيل "المئة يوم" النابليونية في الانتخابات القادمة.
