ندوة في اليمن تكشف اتساع دائرة العنف ضد المرأة وتطالب بإنهاء الحرب ودعم الضحايا قانونياً ونفسياً
(الأول) خاص
نظّمت مؤسسة تهامة للحقوق والحريات مساء الأحد 21 ديسمبر 2025 ندوة موسعة عبر منصة زووم لمناقشة تصاعد العنف ضد المرأة في اليمن، بمشاركة مختصات في قضايا المرأة والعنف والدعم النفسي، وسط تأكيدات بأن الحرب المستمرة جعلت النساء الحلقة الأضعف في مواجهة الانتهاكات.
شهدت الندوة حضوراً نوعياً شاركت فيه حمامة الصنوي، مدير الإدارة العامة للمرأة في مكتب رئاسة الجمهورية، وسميرة الفهيدي مديرة مكتب مستشارة رئاسة الجمهورية لشؤون المرأة، والمحامية شذى علي أحمد الناشطة الحقوقية، والدكتورة أمل البان المتخصصة في الدعم والتعافي النفسي من العنف، ومنال مجاهد مسؤولة المرأة والطفل في مؤسسة تهامة.
طرحت المشاركات خلال النقاش صورة قاتمة لواقع المرأة اليمنية التي تعيش بين الحرب والنزوح والابتزاز الإلكتروني وضغوط الاقتصاد والانفلات الأمني. ورأت حمامة الصنوي أن النساء كنّ يعانين أصلاً قبل اندلاع الحرب، لكن المعاناة تضاعفت بعد تفكك مؤسسات الدولة وغياب التمثيل الرسمي، وقالت إن المرأة لا حضور لها في مواقع القرار ولا حتى في المستويات الإدارية الأدنى، معتبرة أن كل فئات المجتمع تقع اليوم داخل دائرة العنف رجالاً ونساءً وأطفالاً.
في الاتجاه ذاته أكدت سميرة الفهيدي أن دور الدولة يبدأ من إنهاء الحرب، فطالما ظل الصراع قائماً ستظل الانتهاكات مستمرة بحق الجميع، مشيرة إلى أن اليمن وقّعت اتفاقيات دولية لحماية المرأة من العنف لكنها بقيت حبيسة النصوص ولم تتحول إلى إجراءات واقعية أو سياسات ملزمة، ما جعل المرأة تواجه مصيرها دون حماية قانونية فعلية.
وتطرقت المحامية شذى علي أحمد إلى توسع جرائم الابتزاز الإلكتروني ضد النساء والفتيات بهدف الحصول على المال أو تحقيق رغبات غير مشروعة، وقالت إن هذه الجرائم تنتشر بسرعة في مجتمع يعاني من هشاشة اقتصادية ونفسية، ودعت الضحايا إلى سرعة التواصل مع الجهات الأمنية المختصة التي تتعامل بسرية وحزم مع البلاغات، مؤكدة أن دعم الأسرة ضروري حتى لا يتحول الضحية إلى فريسة سهلة للخوف أو الانعزال.
أما الدكتورة أمل البان فذهبت إلى ما هو أبعد من مفهوم العنف التقليدي، موضحة أن الضرب والشتائم ليسا سوى جزء من المشهد، وأن العنف النفسي والإعلامي والاجتماعي قد يكون أكثر خطورة. وأشارت إلى أن تعرض النساء يومياً لنشرات أخبار مليئة بالحرب والقتل والاقتصاد المنهار يولّد شعوراً بالقلق والعجز، وأن المنشورات السلبية على مواقع التواصل الاجتماعي تشكل نوعاً من العدوان المؤذي، معتبرة أن تهامة تحديداً تتميز بضعف نفسي وهشاشة ناتجة عن سنوات من الإهمال والصدمات، ودعت إلى توفير برامج علاج نفسي ومساندة مجتمعية.
وتحدثت منال مجاهد عن أوضاع المرأة الريفية التي تعيش على حافة العنف والفقر وغياب الخدمات الأساسية وفرص التعليم، مشيرة إلى أن النساء في المناطق النائية غالباً ما يواجهن الانتهاكات بصمت بسبب العادات الاجتماعية وانعدام القنوات الحقوقية التي تلجأ إليها المرأة لحماية نفسها.
وخرجت الندوة بجملة مطالب أبرزها ضرورة رفع الحرب عن اليمن كمدخل أساسي لحماية المرأة، والعمل على توفير حماية قانونية للضحايا، وزيادة برامج التوعية ضد الابتزاز، وفتح مساحات آمنة للدعم النفسي خصوصاً للفتيات، إضافة إلى تعزيز تمثيل النساء في مواقع صنع القرار وإشراكهن في صياغة السياسات بدل الاقتصار على الظهور الرمزي.
وأكدت مؤسسة تهامة للحقوق أنها ستواصل تقديم مبادرات وبرامج تستهدف تمكين النساء ومساندة الفتيات قانونياً ونفسياً، وتوسيع نطاق الندوات التدريبية والمعرفية عبر المنصات الرقمية لتعويض محدودية الوصول في مناطق النزاع، في محاولة لخلق وعي اجتماعي يمهد لواقع أكثر حماية وعدلاً للمرأة اليمنية.
