بسبب قصف ثلاث طائرات مجهولة.. دخلت المجر حربا وخسرت 900 ألف مواطن
الحكومة المجرية اتجهت لإعلان الحرب على الاتحاد السوفيتي باليوم الذي تلى قصف مدينة كاسا
(الأول) طه رمضان:
بعد مضي أقل من عامين عن إبرامها لاتفاقية مولوتوف ريبنتروب (Molotov-Ribbentrop) مع الاتحاد السوفيتي، اتجهت ألمانيا يوم 22 حزيران/يونيو 1941 للتدخل بالأراضي السوفيتية ضمن ما عرف بعملية بربروسا (Barbarossa). ومع بداية هذا الاجتياح الألماني، تكبد الجيش الأحمر السوفيتي خسائر فادحة واضطر للتراجع لمئات الكيلومترات.
وبعد 5 أيام فقط عن بداية عملية بربروسا، أعلنت المجر الحرب على الاتحاد السوفيتي بسبب حادثة كاسا (Kassa). فوسط ذهول المجريين، تعرضت بلادهم يوم 26 حزيران/يونيو 1941 لقصف جوي شنته طائرات مجهولة. ووسط حالة من التخبط، اتهمت السلطات المجرية موسكو باستهداف أراضيها.
قصف مجهول المصدر
أثناء متابعتهم لتطورات التقدم الألماني على الجبهة الشرقية، صدم المجريون يوم 26 حزيران/يونيو 1941 عند سماعهم لخبر تعرض مدينة كاسا لقصف جوي شنته ثلاث طائرات مجهولة. وفي الأثناء، أسفر هذا القصف عن سقوط عشرات القتلى والجرحى ودمّر قسما من مباني المدينة.
طائرة سوفيتية من نوع توبوليف تي بي 3
وبشكل سريع، تحدث المحققون العسكريون المجريون الذين تنقلوا لمدينة كاسا عن قيام طائرات سوفيتية من نوع توبوليف تي بي 3 (Tupolev TB-3) بإلقاء قنابلها على المدينة متسببة في سقوط ضحايا مدنيين. وفي الأثناء، شكك قسم كبير من المجريين في حقيقة هذه التقارير مؤكدين على وجود مؤامرة ألمانية للزج ببلادهم في الحرب على الجبهة الشرقية. وعلى الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة تدين موسكو، لم تتردد الحكومة المجرية باليوم التالي في إعلان حالة الحرب مع الاتحاد السوفيتي.
أدولف هتلر رفقة القائد المجري ميكلوس هورثي
900 ألف قتيل مجري بالحرب العالمية
وبتصريحاتهم، اتهم المحققون السوفييت الألمان بالوقوف وراء هذه العملية التي وصفوها بالمفبركة. وبناء على ذلك، أكد السوفييت على استخدام ألمانيا لطائرات سوفيتية، استولت عليها أثناء تقدمها بأراضي الاتحاد السوفيتي، لشن الغارة الجوية على كاسا.
من جهته، قدّم المسؤول العسكري المجري أدام كرودي (Ádám Krúdy)، الذي تواجد بأحد المطارات القريبة من كاسا، تصريحات تحدث من خلالها عن مشاهدته لطائرات ألمانية من نوع هاينكل هي 111 (Heinkel He 111) فوق سماء كاسا أثناء عملية القصف. وأمام هذا الوضع، تلقى أدام كرودي أوامر بالتزام الصمت وتجنب تقديم تصريحات مماثلة مستقبلا.
طائرة ألمانية من نوع هاينكل هي 111
عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، ظهرت تقارير إضافية حول قيام السوفييت بقصف المدينة بالخطأ. فبدل التوجه نحو الأراضي التشيكية، أخطأت الطائرات السوفيتية هدفها وألقت قنابلها على مدينة كاسا المجرية. إلى ذلك، رفض المسؤولون السوفييت هذه التصريحات. وأثناء محاكمات نورمبرغ، قدّم السوفييت تقارير حول اعترافات لعدد من كبار العسكريين المجريين أكدوا من خلالها على وجود مؤامرة بين السلطات الألمانية والحكومة المجرية لزج المجر في حرب ضد الاتحاد السوفيتي.
وعلى الرغم من عدم تحديد المسؤول عن عملية قصف كاسا، وجدت المجر نفسها طرفا بالحرب العالمية الثانية. وخلال هذا النزاع العالمي، قتل نحو 900 ألف مجري كان من ضمنهم ما لا يقل عن 600 ألف مدني.