دعوة قيادي الحوثي للتحالف مع " الإخوان " .. ما الأهداف وراء ذلك التحالف ؟
دعا عضو المكتب السياسي في حركة "أنصار الله" (الحوثي) في اليمن، محمد البخيتي، الثلاثاء 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وتحديداً حزب الإصلاح اليمني، إلى "وحدة الصف وإنهاء الصراع بينهما" (حزب الإصلاح والحوثيين)، بينما قوبلت دعوته بالرفض، وفق تصريح رسمي حصلت عليه "لـ"عربي بوست".
دعوة القيادي الحوثي حزب الإصلاح إلى التحالف رَبَطها بـ"مواجهة العدوان الغربي على فلسطين"، وفق تعبيره.
لا يبدو أن الأمر قد أقنع حزب الإصلاح، الذي رأى أن "الموضوع لا يستحق التناول والتعليق"، مشككاً بدوافع الدعوة إلى التحالف مع الحوثيين، وفق نائب رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب، عدنان العديني، في ردٍّ مقتضب لـ"عربي بوست".
كان البخيتي قال في رسالته التي نشرها عبر حسابه على منصة "إكس"، حول دوافع رسالته، إن "الدافع ليس تحقيق مكاسب سياسية من خلال طرح مطالب تعجيزية، بل يعود إلى تكالب الباطل في العالم على غزة، بهدف إبادة أهلها وكسر إرادة مقاومتها، التي تُعد امتداداً مشرفاً لكم وللأمة بأسرها".
وطالب عضو المكتب السياسي في جماعة الحوثي بـ"تأمين ظهر محور المقاومة في اليمن وسوريا والعراق، من خلال التنسيق لتهدئة الأوضاع الداخلية، بهدف تحقيق الاستقرار والتقارب والإعداد للتحرك المشترك في حال اتساع رقعة المعركة، وتشجيع تركيا على اتخاذ مواقف أقرب لمحور المقاومة منها لأمريكا وحلف الناتو".
ودعا قيادات حزب الإصلاح (المصنف انتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين) في الصف الأول والثاني والثالث، إلى "قرار حاسم بمباركة وتشجيع من قيادات الإخوان ومفكريهم على مستوى العالم".
ولم يردّ المتحدث الرسمي باسم حزب الإصلاح وقيادات أخرى في الحزب على طلبات "عربي بوست" للتعليق على ما أورده القيادي في جماعة الحوثيين.
"لا مصلحة للإصلاح"
من جهته، قال محلل عسكري يمني إنه "لا يمكن أن يكون هناك تحالف بين الإصلاح والحوثي أبداً، فليست هناك قواسم مشتركة ونقاط تقارب بينهما، فضلاً عن غياب أي تغير في سياسة الحوثي بحيث يذهب الطرفان للتحالف".
وأضاف المحلل العسكري في تصريح لـ"عربي بوست"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أنه على المستوى الميداني "لن يحقق الجانبان أي إنجازات كبيرة، خاصةً في المحافظات الجنوبية، التي ستكون مغلقة أمام الإصلاح والحوثي، وسيعزز الجنوبيون قبضتهم على تلك المحافظات، وسيجدون المبرر هو تحالف الإصلاح والحوثي، وأنهما وجهان لعملة واحدة، بالتالي ليس للإصلاح مصلحة في ذلك".
لكن بالنسبة للحوثي فإن مناطق الإصلاح هي ما تحول بينه وبين المناطق الجنوبية، ويعد التحالف معه تهديداً للمحافظات الجنوبية حتى العاصمة المؤقتة عدن، وهو الأمر الذي اعتبر المحلل العسكري أنه لن يقبل به الجنوبيون.
لذلك أوضح أن "ما تبقى من قواعد الإصلاح في المحافظات الجنوبية ستتعرض لضرب عنيف من الجنوبيين الانفصاليين، في حال تحالفهم مع الحوثيين، وهذا الأمر لن ينظر إليه الإصلاح على أنه يصب في صالحه".
ولم تحسم المعارك المتكررة والطويلة في كل من مأرب وشبوة المحافظتين النفطيتين، واستعصت كل منهما على الجماعة الحوثي حتى الآن، وهما المحافظتين اللتين شهدتا مقاومة كبيرة من حزب الإصلاح والقوات الحكومية والقوات المحلية المدعومة إماراتياً وسعودياً.
تابع بشأن الأسباب التي تحول أيضاً بين تحالف الحوثي والإصلاح، أن الأخير "سيخشى من أن يظهر الحزب كأنه براغماتي دون مقابل، وأنه ضحى بكثير من المنجزات دون أي استحقاق".
وأشار إلى أنه "لا يزال المئات من أعضاء وكوادر الحزب معتقلين في سجون الحوثي، ومن بينهم عضو الهيئة العليا للحزب، محمد قحطان منذ 2015، ولا تزال هناك ضحايا كثر من حزب الإصلاح على ذمة الحوثي"، معبراً عن استغرابه من اقتراح القيادي الحوثي دون حتى مبادرة بإطلاق سراح معتقلي الإصلاح، مشدداً على "استحالة تحالفهما معاً"، وفق تقديره.
وقال إن "قواعد الإصلاح الشعبية مثخنة ومثقلة بالدم من جماعة الحوثي، وأي تقارب معها سيُعدّ تنازلاً عن تضحيات وحقوق وقيم ومبادئ، يدافع عنها قواعد الحزب ومحبوه ومساندوه، الذين كافحوا في المواجهة ضد انقلاب الحوثي".
أهداف سياسية
تعليقاً على رسالة القيادي في جماعة الحوثي، البخيتي، رأى رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث في اليمن، عبد السلام محمد، أن "خطاب البخيتي الهدف منه سياسي، لكن تم تغليفه بأهداف عسكرية وأمنية".
وقال في تصريح لـ"عربي بوست" إن "البخيتي أراد من رسالته طمأنة الإسلاميين في اليمن، رغم أن هناك مؤشرات عدة على توجه الحوثيين لمهاجمة محافظة مأرب (الغنية بالنفط شمال شرقي البلاد) قريباً، في وقت يعتقد أن هناك تقارباً بين الحوثيين وبينهم".
وتابع رئيس مركز "أبعاد" اليمني أنه "متوقع استخدامه كحيلة من حيل الحروب"، وفق تقديره.
وأشار الباحث السياسي اليمني إلى أن "رسالة البخيتي تستند إلى رؤية إيرانية قديمة، مفادها أنه لا بد من تحييد الإخوان المسلمين، في وقت كانت طهران حاضرة بقوة في الحرب على الجماعة والمشاركة الفاعلة في إسقاطها في المراحل الماضية، والقضاء عليها، كما حدث في العراق ودول أخرى"، وفق قوله.
بحسب محمد، فإنه "عندما تعتقد إيران أن جماعة الإخوان بدأوا في كسب بعض النقاط لصالحهم، تبدأ وحلفاؤها بالحديث عن المصالحة والتقارب معها".
وقال إن "خطاب البخيتي لم يكن خطاباً حوثياً، وإنما هو إيراني، جاء مع شعور طهران بتدني شعبيتها في الشارع العربي، بسبب موقفها السلبي مما يحدث في غزة".
"تلطيف الأجواء"
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبد الرقيب الهدياني، إن "الحوثيين في اليمن يتعرضون لإحراج كبير أمام قواعدهم، بسبب انكشاف خطابهم التعبوي والإعلامي بأنهم محور مقاومة، وأن شعارهم يرتكز على الموت لإسرائيل".
وأضاف الهدياني، وهو عضو في حزب الإصلاح اليمني، في تصريح لـ"عربي بوست": "اليوم يقف الحوثيون أمام تحدٍّ كبير لن يستطيعوا تجاوزه، إذ إن غزة وما حصل فيها وضعهم أمام حرج كبير"، مشيراً إلى أن "لسان حال أتباع الحوثي يقول: هذه فلسطين، وهذه غزة، وهؤلاء هم اليهود الإسرائيليون، فماذا فعلتم لهم؟"، على حد تساؤله.
ولفت إلى أن "جماعة الحوثي تعتقد أن الخطاب الإعلامي المعادي لها يأتي من تيار الإخوان المسلمين، أو من حزب الإصلاح في اليمن".
وتابع بأن "هذه الرسالة من البخيتي تأتي لتلطيف الجو، ولجرّ هذه الجبهة الإعلامية المضادة لهم والمؤلمة، للحيلولة دون هذا النشاط الذي يعمّق فضائح جماعته بشأن فلسطين"، وفق تعبيره.
يذكر أن اليمن يشهد أطول فترة هدوء منذ اندلاع الحرب قبل نحو 9 سنوات، إثر الهدنة الأممية في اليمن، المستمرة منذ الثاني من أبريل/نيسان 2022، لمدة شهرين، استمرت بالتمدُّد حتى اليوم.
يشار إلى أن جماعة الحوثي في اليمن تعلن منذ نحو أسبوع، ولأكثر من مرة، أنها قامت بإطلاق دفعات كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة، وعدد كبير من الطائرات المُسيّرة على أهداف مختلفة للاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ أكثر من شهر يشنّ الجيش الإسرائيلي حرباً على غزة، دمر خلالها أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها، واستشهد على إثرها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم 4324 طفلاً، وأصيب أكثر من 26 ألفاً، كما استشهد 163 فلسطينياً واعتقل 2280 في الضفة الغربية، منذ بداية معركة طوفان الأقصى، بحسب مصادر رسمية.