جهود وزير النقل تثمر في استعادة النشاط التجاري الحيوي لميناء عدن وزيادة قدرته التنافسية
جهود وزير النقل تثمر في استعادة النشاط التجاري الحيوي لميناء عدن وزيادة قدرته التنافسية
الأول /خاص
تقرير/ صديق الطيار
بعد حالة ركود مر بها ميناء عدن الاستراتيجي خلال السنوات الماضية، جراء ظروف الحرب المستعرة في البلاد منذ تسع سنوات، بالإضافة إلى قيود فرضت عليه سابقاً، ها هو الميناء الأضخم في المنطقة والمنفذ الرئيسي البحري للبضائع المتجهة إلى اليمن، يبدأ بالتعافي ومعاودة نشاطه التجاري والتنموي الريادي مجدداً، بزخم يتناسب مع أهميته الاستراتيجية العالمية لقربه من خط الملاحة الدولية.
وشهد الميناء خلال الشهرين الماضيين نشاطاً حيوياً ملحوظاً في عمليات المناولة والشحن والتفريغ، بعد دخول 14 باخرة في رصيفه، بحسب إفادة وزير النقل الدكتور عبدالسلام حُميد، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ خليج عدن الدكتور محمد علوي امزربة..
ومن المتوقع أن يشهد الميناء خلال الأيام القادمة زيادة في حركة السفن والبضائع، بما من شأنه تعزيز النشاط الاقتصادي والتجاري وفرص الاستثمار في مدينة عدن والمحافظات الأخرى الواقعة تحت سلطة
الحكومة الشرعية المحررة من قبضة مليشيات الحوثي الانقلابية الإرهابية المدعومة من إيران.
* نقل التفتيش إلى ميناء عدن
استئناف ميناء عدن لنشاطه التنموي والتجاري حالياً لم يكن بمحض الصدفة ولم يأتِ بشكل عفوي، بل هو ثمرة جهود جبارة ومساعٍ حثيثة بذلتها قيادة وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، ممثلة بمعالي الوزير الدكتور عبدالسلام حُميد الذي كرس معظم وقته وجهده منذ توليه قيادة الوزارة قبل ثلاث سنوات للاهتمام بالقطاع البحري وتُرجِمت جهوده بنقل آلية تفتيش السفن التجارية إلى ميناء عدن، بالتنسيق مع قيادة دول التحالف العربي، والذي أعلن عنه قبل نحو شهر نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي - رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزبيدي، وذلك بعد توفير وسائل ومعدات الكشف وتعيين مفتشين متخصصين من الجهات ذات العلاقة، بالتعاون والتنسيق مع قوات التحالف، وذلك بهدف تحريك النشاط الملاحي في ميناء عدن، والتخفيف من أعباء التجار والمستوردين من ابتزاز المليشيات الحوثية وتحويل تجارتهم عبر ميناء عدن بدلا من ميناء الحديدة.
وكانت السفن المتجهة لليمن تخضع للتفتيش في ميناء جدة السعودي، في حين تتخذ الأمم المتحدة من جيبوتي مقراً لآلية "أنفيم" للتفتيش والتحقق من البضائع والسلع المتجهة إلى الموانئ الخاضعة للحوثيين، للتأكد من عدم انتهاك الحظر الذي يفرضه مجلس الأمن على إمدادات السلاح.
* زيادة القدرة التنافسية
وتكمن أهمية نقل إجراءات تفتيش السفن التجارية إلى ميناء عدن، في زيادة القدرة التنافسية للميناء الاستراتيجي الحيوي، وتحسين مكانته باعتباره واحدًا من أهم وأعرق الموانئ في العالم، وسيؤدي نقل تفتيش السفن إليه لتحسين مكانته وسمعته العالمية، وزيادة الثقة في الميناء كوجهة رئيسية للتجارة البحرية والتجارة الدولية، وفقاً لمراقبين.
* انخفاض تكاليف الشحن
كما سيسهم قرار نقل التفتيش إلى ميناء عدن في انخفاض تكاليف الشحن للسفن والحاويات، والذي بدوره سوف يسهم في انخفاض المستوى العام للأسعار بدرجات متفاوتة، ويعود بالنفع للمواطن الذي يعاني من أزمة اقتصادية ومعيشية قاسية.
كذلك سيعمل القرار على وصول أسرع للسفن الواردة لميناء عدن، الأمر الذي سيشكل أهمية كبيرة للقطاع الخاص الذي لطالما انتظر هذه الخطوة منذ سنوات، من أجل تقليص تكاليف الشحن البحري، وتخفيف الأعباء، وتحقيق الاستقرار السلعي في الأسواق المحلية.
* مصدر جذب لخطوط الملاحة
ووفقاً لخبراء اقتصاديين، فإن نقل آلية تفتيش السفن إلى ميناء عدن يشكل مصدر جذب لخطوط النقل الملاحية، كما أنه سيسهم في عودة الأنشطة اللوجستية والتموينية لميناء عدن التي توقفت منذ انقلاب مليشيات الحوثي على الشرعية الدستورية في البلاد قبل تسع سنوات، فضلاً عن أنه ضربة قاسية لهذه المليشيات الإرهابية التي عمدت طيلة السنوات الماضية على شن حرب اقتصادية شعواء لتجفيف إيرادات الحكومة الشرعية.
* قرار في الوقت المناسب
وجاء قرار نقل آلية تفتيش السفن إلى ميناء عدن في الوقت المناسب، نتيجة لما يشهده جنوب البحر الأحمر من إرهاب حقيقي وتعطيل للملاحة الدولية في الممر البحري الاستراتيجي "باب المندب" من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من طهران، ونتيجة للمخاطر الحقيقية في البحر الأحمر فإنه يُنتظر أن يتحول الكثير من التجار ومستوردي السلع والناقلين عبر البحار إلى الاستيراد والتصدير عبر ميناء عدن، بعد أن كانوا مضطرين قبل الأحداث الإرهابية التي يشهدها البحر الأحمر حالياً، إلى استخدام ميناء الحديدة، رغم محاولات ابتزاز من قبل مليشيا الحوثي التي تفرض جبايات مضاعفة على المستوردين.
* تسهيلات وتذليل للصعوبات
وكانت وزارة النقل ممثلة بالوزير الدكتور عبدالسلام حُميد أصدرت عقب الإعلان عن نقل آلية تفتيش السفن إلى ميناء عدن بياناً، أهابت من خلاله بالتجار والمستوردين وشركات الشحن والخطوط الملاحية بتسيير رحلات مباشرة لسفن البضائع من بلد المنشأ إلى ميناء عدن، مؤكدة أنها ستقدم كل التسهيلات لتذليل أية صعوبات أو عراقيل تواجه التجار والمستوردين، باعتبار أن ميناء عدن هو المنفذ الرئيسي البحري للبضائع المتجهة إلى الجمهورية اليمنية، والذي يتميز بإمكانيات وأرصفة بأحجام مختلفة، ووسائل شحن وتفريغ لاستقبال سفن الحاويات وسفن البضائع العامة، والصب والمواد السائلة.
* المحطة الأنسب لاستقبال البضائع
وأوضحت وزارة النقل أن ميناء عدن يعتبر آمناً، ويمتثل لشروط المدونة الدولية لأمن السفن ومرافق الموانئ.
وأكدت انه نظراً للوضع الأمني في جنوب البحر الأحمر، وما تواجهه الخطوط الملاحية من الخطورة، فإن ميناء عدن سيكون المحطة الأنسب لاستقبال البضائع مباشرة دون المرور بموانئ أخرى.
* تخفيض أسعار السلع
واعتبرت الوزارة أن استخدام ميناء عدن يساعد على "اختصار الوقت في الإبحار والانتظار في دخول السفن إلى الموانئ وخروجها منها، وعمليات الشحن والتفريغ والاستغناء عن استخدام السفن المساعدة ذات الأحجام الصغيرة لنقل الحاويات، وللتخفيف من كلفة الشحن التي ستنعكس إيجاباً على تخفيض أسعار السلع بكافة أنواعها، وخصوصاً المواد الغذائية التي تمس حياة المواطنين"، وفقاً للبيان.
* وزير النقل يؤكد جهوزية ميناء عدن
وكان وزير النقل الدكتور عبدالسلام حُميد، نفذ يوم أمس الأربعاء نزولاً إلى ميناء عدن، للاطلاع على سير العمل بمحطة الحاويات، وإجراءات التفريغ والمناولة عبر أرصفة الميناء وساحات التخزين للحاويات..
وجاءت زيارة الوزير حُميد بعد قرار نقل تفتيش السفن إلى ميناء عدن، الذي جاء ترجمة لجهود حثيثة بذلتها وزارة النقل ومؤسسة موانئ خليج عدن، وايصا بالتزامن مع وجود السفينتين العملاقتين MSC GINA و GFS RANNA.
وصرح الوزير أن الميناء يشهد تعافياً ونشاطاً ملحوظاً، مشيراً أنه شهد في شهر ديسمبر من العام الماضي دخول 12 باخرة، وفي شهر يناير من العام الجاري بلغت 14 باخرة، وأن من المتوقع زيادة عدد الخطوط الملاحية خلال الايام القريبة القادمة.
وأكد أن الميناء عدن أصبح جاهزاً من حيث القدرات والتجهيزات الفنية والاشراف والمتابعة على سير الحركة الملاحية، إضافة إلى اتخاذ اجراءات متعلقة بتقديم المزايا والتسهيلات للمرتادين والمتعاملين مع الميناء.
واستعرض الإجراءات والخطوات التي تمت لتحسين النشاط التجاري بعد تنفيذ قرار نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس الزُبيدي بشأن إزالة النقاط غير القانونية والميازين المحورية داخل الميناء وعلى خطوط النقل بين المحافظات الجنوبية.
ووجه وزير النقل دعوة لكل الخطوط الملاحية وشركات الاستيراد الكبرى بأن ميناء عدن أصبح جاهزاً لاستقبال مختلف السفن وتقديم الخدمات الملاحية للقادمين والمغادرين.
وأوضح أن هجمات المليشيات الحوثية الانقلابية على البحر الاحمر وخليج عدن والبحر العربي أثر بدرجة كبيرة على حركة السفن التجارية في الممرات البحرية الدولية، وما نجم عنها من ارتفاع في أجور النقل وأسعار التأمين، مؤكداً أن وان اليمن ليست وحدها المتضررة جراء ذلك بل دول الاقليم والعالم، داعياً المجتمع الدولي للتصدي لهذه الأعمال الارهابية ضد خطوط الملاحة الدولية حفاظاً على مصلحة العالم والممرات الملاحية الدولية.
وفي الزيارة اجتمع وزير النقل بقيادة مؤسسة موانئ خليج عدن واللجنة المختصة بالتفتيش بميناء عدن، وممثلين من الغرفة التجارية والصناعية والملاحية والجهات المنتدبة بالميناء، حيث ناقش الاجتماع سير نشاط اللجنة في الميناء والتحديات التي تواجهها وكيفية التغلب عنها.
وأكد الاجتماع أهمية وضع آلية عمل مشتركة وتعزيز التنسيق بين الجهات والأطراف العاملة بالميناء لضمان استكمال الاجراءات الخاصة بتسهيل المعاملات، والإفراج السريع عن البضائع والبدء بالترتيبات المتعلقة بإنشاء نظام النافذة الواحدة، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة لتسهيل
الحركة التجارية.
* مميزات ميناء عدن
يتميز ميناء عدن بأنه في الأساس ميناء ترانزيت وإعادة شحن، وله علاقة بالتجارة العابرة، بالإضافة إلى عمليات المناولة والشحن والتفريغ، بينما نشاط بقية موانئ اليمن واردات فقط..
كما لا يمكن مقارنة ميناء عدن بأي من الموانئ اليمنية من حيث الأعماق والمساحات والإمكانيات، إذ يمتلك محطة للحاويات على أعلى مستوى، تُقارن بالمحطات في الموانئ الدولية المجاورة، ولديه أكبر مخازن للمشتقات النفطية كميناء نفطي هو الأوحد في البلد، إضافة إلى صوامع غلال هي الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وأرصفة المعلا التي تصل قدرتها إلى 5 مليون طن في السنة، في حين أن ميناء الحاويات تصل قدرته إلى مليون طن سنوياً.
كما أن ميناء عدن، الأقرب إلى الخط الملاحي الدولي، ويقدم خدمات أخرى غير عمليات المناولة والشحن والتفريغ، إذ يمكنه تقديم ترسانة صناعية لأعمال الصيانة، وتقديم خدمات "البانكر" لكل أنواع البواخر، ولا يمكن مقارنة ذلك بإمكانيات ميناء الحديدة، سواء قبل الحرب أو بعده باعتبار الأفضلية لميناء عدن.
هذا بالإضافة إلى أن ميناء عدن يتطلب مدة يوم واحد فقط للسفينة لإنهاء جميع الأعمال المتعلقة بها، في حين أن ميناء الحديدة يتطلب الأمر أسبوعاً وأكثر، بالإضافة إلى إجراءات حوثية غير منظمة، ورسوم وجبايات إضافية تحت مسميات نهب كثيرة.