التصحيح والإصلاح والنوايا الصادقة
علينا أن نستمر في طريق التصحيح والإصلاح حتی وإن اقتصر الأمر علی الكتابة والإعلام، فتشكيل الوعي مهم جداً لأنه هو بداية ومنطلق أي تحول كبير أو عظيم بالإمكان أن يحدث فيما بعد.
إذا تحدثنا عن الدولة مثلاً، فإن عملية التصحيح والإصلاح لابد وأن تبدأ من القمة إلى القاعدۃ، هذا أمر مسلم به، لكن السؤال: من سيقوم بذلك إن كان من هم في القمة غير متحمسين لهذا العمل النبيل، وإن كان من هم في القاعدۃ مطحونين بالأزمات أو لا يفقهون أهمية هذه العملية وأثرها الإيجابي الجمعي علی حياتهم كشعب، وعلی أمن الأوطان واستقرارها وازدهارها؟!
من سيقوم بهذا الفعل إذن؟ المسألة بحاجة إلى وقفة ومراجعة حقيقية من الجميع، كأفراد وجماعات وقوی وطنية، سواءً أكانت في القمة أو في القاعدۃ. رغم أني أصبحت مؤمناً حد اليقين أن عملية التصحيح والإصلاح مسألة قدرية ربانية، يمكن أن تحدث لفرد أو لأفراد أو لجماعة أو لتيار، ثم تتحول إلى حالة إلهام وثقافة عامة وسلوك حياتي ينتشر ويوثر في كل مكان من الوطن أو الأمة أو العالم، مع إيماني باهمية وجود القاٸد الملهم، ذي الطاقة الإيجابية الموثرۃ التي تنشد السلام والخير والكرامة والعدالة للشعب كله والبشرية كلها.
وبما أن المسألة قدرية ربانية فهذا لا يعني أننا نستكين وننتظر، بل علينا أن نبادر ونبدأ خطوات التصحيح والإصلاح في داخلنا أولاً ثم في الدولة والمجتمع، فالله يبارك النوايا والأعمال الطيبة إن كانت خالصة لوجهه الكريم، أو بها المنفعة الخيرۃ للأوطان والشعوب والإنسانية كلها. علينا أن لا نتوقف عن العمل المفيد والخير الصادق، لأننا لا نعلم أيهما سيكون سبباً في فتح الأبواب لنا نحو الفرج العظيم الذي ينتظره الجميع علی كوكب الأرض.
إذن، رمضان محطة مهمة للمراجعة والتأمل، وهذه المحطة معني بها الجميع داخل هذه الأمة المسلمة، بهدف تصحيح وإصلاح النوايا والأعمال والمعاملات، فالدين هو المعاملة والأعمال الصالحة تكون بالنوايا الخيرۃ والصادقة. فمن يدري في أن تكون هذه الأمة المريضة والناٸمة اليوم علی عتبات تحول كبير وفرج عظيم وميلاد جديد وصحوۃ أبدية في الغد القريب، تتغير وتصلح بها أحوالها وأحوال البشرية كلها، وتزول معها كل التحديات والمخاطر التي تهدد الكاٸن البشري وجودياً، وتهدد معه الحياۃ والعيش الطبيعي والمشترك. إذن علينا أن نراجع ونعمل ونقيم دون توقف، والله سيكون معنا وسيبارك أعمالنا ما دامت من أجل الإنسان أينما كان.