لجنة أنشأتها بريطانيا لتقسيم فلسطين.. في القرن الماضي
(الأول) متابعات
ما بين عامي 1936 و1939، عاشت فلسطين أثناء فترة الانتداب البريطاني على وقع الثورة العربية التي خلفت آلاف القتلى والجرحى.
وخلال تلك الفترة، تحرك الفلسطينيون وحملوا السلاح بوجه الاحتلال البريطاني مطالبين بالاستقلال وإنهاء سياسة الانتداب واستقطاب اليهود وتوطينهم وبيع الأراضي. وقد اندلعت هذه الثورة حينها في خضم الإضراب الكبير الذي شهدته المنطقة حيث شهدت الأراضي الفلسطينية، التي كانت تحت الانتداب البريطاني، منذ أبريل 1936 إضراباً استمر لنحو 6 أشهر وشل العديد من القطاعات.
أمام هذا الوضع المعقد بفلسطين، اتجهت السلطات البريطانية لإرسال لجنة ملكية للمنطقة للتحقيق في مجريات الأحداث وتحديد أسباب التوتر بالأراضي الفلسطينية. وانطلاقاً من ذلك، ظهرت لجنة بيل (Peel Commission) التي لقبت أيضاً باللجنة الملكية الفلسطينية. وقد لقبت هذه اللجنة بهذا الاسم نسبة للورد وليام بيل (William Peel) الذي تزعمها بناء على طلب من رئيس الوزراء البريطاني حينها ستانلي بالدوين (Stanley Baldwin).
وبتقريرها الصادر يوم 7 يوليو 1937، تحدثت لجنة بيل لأول مرة عن استحالة تطبيق قرارات الانتداب الصادرة عن منظمة عصبة الأمم. بالتزامن مع ذلك، تحدثت هذه اللجنة عن حتمية تقسيم أراضي فلسطين بين العرب واليهود وإنشاء دولتين بها. ومع إطلاعها على تقرير لجنة بيل، قبلت الحكومة البريطانية بأبرز ما جاء به. وفي 1938، أنشأت الحكومة البريطانية لجنة وودهيد (Commission Woodhead) للنظر في القضية وتقديم مقترح تقسيم لفلسطين.
ردود الفعل بعد التقرير
أثار تقرير لجنة بيل غضب عرب فلسطين الذين أدانوه بشدة. وبتصريحاتها، تحدثت اللجنة العربية العليا، التي نشأت عام 1936 بقيادة مفتي القدس أمين الحسيني، عن رفضها لفكرة إقامة دولة لليهود على أرض فلسطين. في المقابل، طالبت هذه اللجنة بمنح فلسطين استقلالها وانسحاب البريطانيين كما تحدثت في الآن ذاته عن ضمان حقوق جميع المقيمين على أرض فلسطين المستقلة سواء كانوا من المسلمين أو اليهود. كذلك طالبت اللجنة العربية العليا البريطانيين بإنهاء سياسة هجرة اليهود لفلسطين وبيع الأراضي ووصفت إقامة دولة لهم بأرض فلسطين كضرب من ضروب الخيانة والتنكر للوعود السابقة التي قدمت لعرب فلسطين.
من جهة ثانية، أثار تصريح لجنة بيل ردود فعل مختلفة لدى أعضاء المنظمة الصهيونية. فعلى الرغم من قبولهم بمبدأ التقسيم، رفض أعضاء هذه المنظمة خلال المؤتمر الصهيوني لعام 1937 ما جاءت به لجنة بيل. ولاحقاً، طالبت الوكالة اليهودية، التي ظهرت عام 1908 ووصفت بالجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية، بعقد مؤتمر موسع لكامل أطياف الحركة الصهيونية للتشاور حول موضوع فلسطين المقسمة أو الموحدة. وبتصريحاتهم خلال هذا المؤتمر، تحدث بعض من قادة الحركة الصهيونية بن غريون وحاييم وايزمان عن أهمية الحصول على دولة بأرض فلسطين قبل البدء بالتوسع.