لماذا جعلت إسرائيل من مجمع الشفاء هدفا عسكريا؟

لماذا جعلت إسرائيل من مجمع الشفاء هدفا عسكريا؟

وأجرت القوات الإسرائيلية أعمال تفتيش لمبنى الجراحات والطوارئ وقبو مجمع الشفاء الطبي، وفق مدير عام مستشفيات غزة محمد زقوت، بينما نشرت وكالة “رويترز”، شريط فيديو من الداخل، يظهر غبارا ودمارا في غرف بالمبنى من جراء القصف الإسرائيلي.

وكان العاملون الطبيون يسعلون بسبب الغازات التي رافقت الانفجارات.

وتتعرض مستشفيات غزة لهجمات، حتى صار متداولا مصطلح “حرب المستشفيات” شمالي القطاع، نتيجة تعرضها المتكرر ومحيطها للقصف، مما ينذر بتفاقم الوضع الكارثي والوبائي في ظل الحصار ونفاد الوقود.

اقتحام “الشفاء” يتصدر “إكس”

تصدر وسم “#أنقذوا_مستشفى_الشفاء” قائمة الأعلى تداولا عبر منصة “إكس”، “تويتر” سابقا، عقب اقتحامه، وندد مغردون “بالممارسات ضد المستشفى الذي يؤوي الآلاف من المرضى والنازحين والكوادر الطبية”.

كما تداول المغردون صورا تظهر العديد من الأطفال الخدج في مستشفى الشفاء، الذين يحدق بهم الموت في أي لحظة من جراء خروج المجمع الطبي عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي ونفاد الوقود، منددين “بالصمت العالمي إزاء جرائم إسرائيل في قطاع غزة، واستهداف المستشفيات، ما تسبب في خروج نحو 25 منها عن الخدمة بشكل كامل”.

لماذا حولت إسرائيل مجمع الشفاء لهدف عسكري؟

وفق حديث نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح صبري صيدم، لـ”سكاي نيوز عربية”، فإن إسرائيل وضعت السيطرة على مستشفى الشفاء “عنوانا لسقوط غزة”.

وحسب بعض التقارير والمنصات، فإن أسباب استهداف المستشفى هي “فشل الجيش الإسرائيلي في إحراز أي نصر عسكري حتى الآن أو تحرير أي أسير من قبضة حركة حماس، فضلا عن خضوعه لضغوط الرأي العام الإسرائيلي، دفعاه لتحويل المستشفى لهدف عسكري ومحاصرته بالدبابات، ومن بين تلك الأسباب:

 البحث عن شكل من النصر يظهر أنه دمّر مركز قيادة حماس داخل نفق مزعوم تحت مجمع الشفاء، كما روّج للرأي المحلي والغربي بأن المجمع الطبي يحتوي على مخازن لأسلحة حماس، فحوّله إلى محور عملياته العسكرية.

مجمع الشّفاء الطبي تحوّل منذ 2007 إلى قلعة نضال ضد إسرائيل، من حيث استضافته وفود كسر الحصار واحتضانه مؤتمرات صحية، فضلا عن بنائه لشراكات قوية مع المنظمات الدولية والصحية، وتحوّله في الحرب الحالية إلى مركز للمؤتمرات الصحفية.

 إسرائيل تسعى إلى كسر رمزية هذا المعلم الطبي بإلحاق أكبر قدر من الأذى والمشقّة بالفلسطينيين النازحين للاحتماء بمحيطه، لحرمانهم مِن الرعاية التي تقدّمها تلك المنشأة الطبية لهم.

كيف يُمكن أن تشكّل عملية “الشفاء” تحديا لإسرائيل؟

وفق تحليل نشره مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الأربعاء، فإن اقتحام الشفاء الطبي يمثّل تحديا أمام الموقف الإسرائيلي في الحرب بغزة، كما يمكن فهم ذلك في ضوء:

دخول المستشفى يشكّل فرصة للجيش الإسرائيلي لتعزيز روايته بشأن استخدام حماس للمنشآت الطبية بالقطاع كبنية تحتية لأغراض عسكرية، للرد على الانتقادات الدولية لاستهداف المستشفيات.

 الاقتحام يفتح نافذة جديدة لزيادة الانتقادات الدولية لإسرائيل وزيادة الضغط عليها، في حال عدم قدرتها على تقديم أدلة تعزز روايتها.

 يمثّل اختبارا لمصداقية المعلومات الاستخباراتية التي تمتلكها إسرائيل، خاصة بعد نشر الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو لما يزعم أنها “غرفة عمليات حماس” تحت المستشفى.

إسرائيل أمام تحدي ضرورة توفير معلومات موثوقة تدعم موقفها إقليميا ودوليا.

سياسة العقوبات الجماعية

من جهته، يقول مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” إن اقتحام ومحاصرة مستشفى الشفاء وبقية المنشآت الطبية في غزة، “عمل عدائي” يستهدف الفئات المحمية وفق اتفاقيات جنيف، وهم المرضى والجرحى والطواقم الطبية، والمدنيون من أصحاب الأمراض المزمنة من الشيوخ والأطفال والنساء، مضيفا في بيان:

تلك السياسة تتوّج سياسة العقوبات الجماعية التي تنتهجها إسرائيل من خلال عدوانها المستمر على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.

 المرضى والجرحى يتعرضون لسياسة “إعدام جماعي”.

 رفع العلم الإسرائيلي على الشفاء الذي يعالج أطفالا خدج وشيوخا وجرحى ونساء، لا يعد نصرا عسكريا إنما وحشية بحق المدنيين الأبرياء.

كسر رمزية الصمود

اعتبر الخبير العسكري الروسي، سيرغي ليونكوف، خلال حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، “أن إسرائيل تريد كسر رمزية تحوّل مجمع الشفاء الطبي كعنوانٍ لصمود حماس”.

وأضاف أن “المشفى يأخذ حاليا دور حكومة غزة، سواء في مخاطبة الرأي العام أو احتضان المؤتمرات الصحفية التي تفضح جرائم إسرائيل، ومن ثم لا بد من إسكات صوته عبر تحويله لثكنة عسكرية إسرائيلية”.

ويضيف الخبير الروسي:

 نرى تناقضات واضحة في الرواية الإسرائيلية، فمنذ البداية كان المستشفى يضم مقرا لقادة حماس، وبعد الاقتحام تبدّلت الرواية إلى أنه يضم أنفاقا.

 منذ أيام، يتعرض مستشفى الشفاء ومحيطه وسائر مستشفيات القطاع لاستهداف مستمر بالقصف الإسرائيلي، بزعم وجود مقاتلي حماس بداخله، وهو أمر ثبُت عدم صحته.

المجتمع الدولي الداعم لإسرائيل، لم يعمل على تفنيد تلك المزاعم، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تكثيف عدوانه وشن “حرب مستشفيات” في غزة.

 إسرائيل تبحث عن نصر وهمي، لذا حوّلت الشفاء إلى هدف عسكري، وتعد الآن رواية مصطنعة جديدة لمواجهة أي انتقادات دولية.