كيف يدعم الحوثيون القرصنة في المحيط الهندي؟

كيف يدعم الحوثيون القرصنة في المحيط الهندي؟

منذ نوفمبر الماضي، وقعت أكثر من 20 حادثة قرصنة واختطاف في خليج عدن وحوض الصومال؛ ما أدى إلى تفاقم الضغوط المالية على شركات الشحن، بحسب تقرير لموقع "المونيتور".

وشهد خليج عدن وحوض الصومال تجددًا في أعمال القرصنة في الأشهر الأخيرة، حيث تم تسجيل أكثر من 20 عملية قرصنة واختطاف منذ نوفمبر الماضي. في وقت يقول فيه الخبراء إن الهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي الموالية لإيران في البحر الأحمر، أدت إلى تحويل الاهتمام الدولي عن مكافحة القرصنة.

وأكد الموقع الأمريكي في تقريره، أن هذا الأمر ترك فراغًا أمنيًّا واضحًا في المحيط الهندي.

قلق من تدهور الأوضاع

وأعرب المسؤول في لجنة المحيط الهندي "راج موهابير"، وهي منظمة حكومية دولية تربط دول جزر جنوب غرب المحيط الهندي، للموقع، عن قلقه من تدهور الأوضاع، مشيرًا إلى أن جماعات القرصنة استغلت هذه الفرصة لمعاودة نشاطها.

كانت البحرية الهندية اتخذت إجراءات استباقية، حيث ألقت القبض على 35 قرصانًا صوماليًّا من السفينة روين الأسبوع الماضي، بعد ثلاثة أشهر من اختطافها قبالة سواحل الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.

وارتفعت وتيرة حوادث القرصنة هذه منذ نوفمبر الماضي، تزامنا مع بدء ميليشيا الحوثي في اليمن تكثيف هجماتها على سفن الشحن ردًّا على الحرب في غزة، حسب مزاعمها.

التأثير على التجارة البحرية

من جانبه، يسلط الخبير البحري والأمني "إيان رالبي" الضوء على التأثير الكبير لهجمات الحوثيين على التجارة البحرية، قائلًا للمونيتور، إن هذه الهجمات رفعت مكانة الميليشيا دوليًّا، وجذبت انتباه المتعاطفين معهم.

وعلى الرغم من تصرفاتهم، لم تواجه ميليشيا الحوثي عواقب كبيرة، وهو ما شجعهم على الاستمرار.

في الوقت ذاته، يشير "رالبي" إلى استغلال القراصنة انشغال القوى الدولية في مواجهة الحوثيين، من أجل مزاولة أنشطتهم مجددًا.

ومع تركيز الأصول البحرية الدولية أنشطتها في المقام الأول على حماية السفن من هجمات ميليشيا الحوثي، يرى القراصنة فراغًا يمكنهم الاستفادة منه، ما يسمح لهم بالعمل بثقة متزايدة.

وعلى الرغم من الجهود الجديرة بالثناء التي تبذلها البحرية الهندية بالتصدي بقوة لحوادث القرصنة، فإن القرصنة لا تزال مستمرة والقراصنة يعملون بجرأة أكبر، على حد تعبيره.

عدم الاستقرار في الصومال

ويسهم عدم الاستقرار في الصومال أيضًا بتفاقم تهديد القرصنة، وبالتحديد التوترات بين الصومال وإثيوبيا، بشأن صفقة الميناء التجاري على البحر الأحمر بين إثيوبيا وأرض الصومال الانفصالية؛ إذ تسبب التوتر بين الصومال وإثيوبيا في حدوث اضطرابات في مقديشو، ودفع دول المنطقة إلى الانحياز إلى أحد الطرفين.

ويحذر الخبير الأمني "رالبي"، استنادًا إلى عمله كمستشار للأمن البحري لحلف شمال الأطلسي، من أن عدم الاستقرار هذا يمكن أن يعيد خلق ظروف مماثلة لتلك التي سهلت انتشار القرصنة في المنطقة قبل حوالي خمسة عشر عامًا.

غير أن كبير محللي شؤون شرق أفريقيا في مجموعة الأزمات عمر محمود، يرى أن أعمال القرصنة قبالة الساحل الصومالي، لا تزال أقل بكثير من ذروتها، برغم الزيادة المثيرة للقلق لتلك الأنشطة في الآونة الاخيرة.

ويعزو "محمود" هذا الارتفاع إلى من وصفها بالشبكات الإجرامية الانتهازية في الصومال التي تستغل البيئة الحالية لمعاودة أنشطتها.

علاوة على ذلك، يشير كبير المحللين إلى أن العوامل المحلية والفراغ الناجم في المحيط الهندي؛ بسبب هجمات ميليشيا الحوثي، وفّرا للقراصنة بيئة عمل أكثر ملاءمة، للعودة الى أنشطة القرصنة.

تأثير القرصنة على التجارة العالمية

وتشير التقديرات إلى أن القرصنة تكلف الاقتصاد العالمي حوالي 25 مليار دولار سنويًّا، والعديد من القراصنة هم من الصومال. وهناك أيضًا قراصنة يعملون في خليج غينيا، وجنوب شرق آسيا، ومنطقة البحر الكاريبي، وخليج المكسيك.

غير أن هجمات القراصنة أقل تدميرًا للتجارة العالمية بكثير من هجمات ميليشيا الحوثي. فبشكل أساسي، يتم استهداف سفن الصيد القريبة من الشاطئ، وتنتهي غالبا بدفع فدية، بحسب ما قال الدكتور "بيتر فيجو جاكوبسن" من كلية الدفاع الملكية الدنماركية، للموقع.

فمن وجهة نظره، أدت الهجمات إلى رفع أقساط التأمين وتكلفة استئجار حراس مسلحين. ولكن دفع ما بين 10 آلاف و20 ألف دولار لكل رحلة، ليس بالأمر الذي من شأنه أن يعطل التجارة العالمية.

في المقابل، أجبرت هجمات ميليشيا الحوثي، السفن على اتخاذ مسارات أطول حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا لتجنب البحر الأحمر، ما أدى إلى تكاليف مالية كبيرة لصناعة الشحن وتجارة النقل البحري.

إيقاف القراصنة

يقول الخبراء، إن العمليات الفعالة التي تقوم بها القوات البحرية الدولية وأنظمة الملاحقة القضائية، جعلت القرصنة غير مجدية في الماضي. ومع ذلك، فإن عودة القرصنة في المحيط الهندي تشكل تحديًا متعدد الأوجه وسط الاضطرابات الإقليمية والتداعيات الاقتصادية العالمية.

وهو ما يستدعي العمل والتعاون المستمرين لمعالجة الأسباب الجذرية ومنع ظهورها مرة أخرى، فيما تبرز الحاجة إلى الالتزام بإرشادات الحماية الذاتية، بما في ذلك استخدام الحراس المسلحين، والحفاظ على وجود بحري دولي مستمر لمنع تفاقم تهديد القرصنة الحالي، بحسب "المونيتور".