كيف استغل الحوثيون حرب غزة لزيادة عسكرة المجتمع اليمني والهروب من المأزق الاقتصادي؟

كيف استغل الحوثيون حرب غزة لزيادة عسكرة المجتمع اليمني والهروب من المأزق الاقتصادي؟

استخدم الحوثيون أزمة غزة للقفز إلى الصفوف الأمامية لـ "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، ويمكن القول إنهم الشريك الوحيد في تدويل الصراع بشكل حقيقي من خلال هجماتهم ضد السفن على مداخل قناة السويس. 

 

وأظهرت الحركة جرأة ومرونة في مواجهة الضربات الجوية الأمريكية البريطانية. ومن المرجح أن يخرج الحوثيون من الحرب كجيش إرهابي أكثر ثقة وطموحاً وعدوانية، مع ميل إلى أعمال التحدي الاستفزازية والملفتة للنظر ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

 

بحلول 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، واجه الحوثيون بيئة استراتيجية ثنائية الانقسام: فمن ناحية، لم تواجه الحركة أي احتمال حقيقي لهزيمة عسكرية في الحرب الأهلية، مع وجود أدلة متزايدة تشير إلى وجود أفضلية ورسوخ لموقف الحوثي في عملية السلام.

 

ولم تكن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مستعدتين لاستئناف دعمهما العسكري للمجلس الرئاسي، وقد سعت الولايات المتحدة إلى إنهاء سريع للحرب من أجل الدخول في اتفاق تطبيع ثلاثي مخطط له يشمل إسرائيل والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

 

وفي الوقت نفسه، تربع الحوثيون على قمة اقتصاد منهار واعتمدوا بالكامل على خطة إنقاذ اقتصادي بتمويل سعودي للحد من التوتر المجتمعي المتزايد في مناطق سيطرتهم.

 

وبالتالي لم يكن هناك أفضل توقيتا وملاءمة من صراع جديد-وهو البيئة المفضلة للقيادة الحوثية العسكرية في المقام الأول- كوسيلة لزيادة عسكرة المجتمع، وإظهار القوة العسكرية للحوثيين في لحظة مهمة في مفاوضات السلام المدعوم من السعودية، بالإضافة إلى صرف انتباه المواطنين عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية.

 

 وكشفت هجمات البحر الأحمر الحوثيين كمعتدين بالنسبة للعديد من المراقبين الدوليين الذين كانوا ينظرون إليهم في السابق على أنهم ضحايا في مواجهة المملكة العربية السعودية في صراع ما بعد عام 2015.

 

وأعادت الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين كإرهابيين مصنفين خصيصاً ويُنظر إليهم الآن على أنهم يعرضون السلام والاستقرار والبيئة البحرية في المنطقة للخطر، مع زيادة التركيز على علاقاتهم مع إيران وسجلهم الفظيع في مجال حقوق الإنسان.

 

وهذا سيجعل من الصعب على الحوثيين - إن لم يكن مستحيلاً- استخدام الخوف من المجاعة في اليمن كسلاح مرة أخرى، كما فعلوا في 2018-2020 لإيقاف الهجوم الواعد للتحالف الذي تقوده السعودية على ساحل البحر الأحمر .

 

ونتيجة لذلك، قد يصبح الحوثيين أكثر عرضة للعمليات المعلوماتية والعقوبات الاقتصادية واسعة النطاق، والتي يمكن أن تزيد من عزلتهم وتحديات أمنهم الداخلي.

 

ومن وجهة نظر المؤلف الطويلة في مراقبة تطور حركة الحوثيين، فإن التهديد الذي يخشونه أكثر من غيره هو خطر تحول التوازن العسكري في الخطوط الأمامية ضدهم.

 

وإذا استمرت عزلة الحوثيين، فقد يجد شركاء المجلس الرئاسي، ربما بعد اتفاق سلام رسمي، نفسه مدعوما بشكل أفضل من قبل الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى، كوكيل لاحتواء وردع توسع الحوثيين.