عبدالله البليلي.. مأساة شاب يمني طموح انتهى به الأمر منتحرا في أحد السجون
خنقت ظروف الحرب في اليمن طموحات الشاب عبدالله البليلي التي كانت تتضمن أن يصبح وزيرا للخارجية في بلاده، قبل أن ينتهي به الأمر "منتحرا" في السجن.
وكان الشاب غادر العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لقبضة ميليشيا الحوثي، نحو مدينة مأرب الخاضعة لسيطرة حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان مسلمون)، للحصول على جواز سفر صادر عن مناطق الحكومة الشرعية بهدف السفر خارج البلاد.
ولم تكن ظروف الرحلة التي قطعها قبل أسبوعين من صنعاء إلى مأرب، بواسطة حافلة للنقل الجماعي، اعتيادية؛ إذ ظل خلالها يحذّر عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك" من وجود خطر يهدد حياته، واحتمالية وجود من يلاحقه ويتربص به، ونشر صورته مع الحافلة ورقمها.
كما كتب بلاغًا عبر صفحته إلى النائب العام والرأي العام، تحدث فيه عن إمكانية وجود قتلة داخل الحافلة، محمّلًا ميليشيا الحوثي واثنين من قياداتها وثلاثة من أقاربه، ذكرهم بالاسم، المسؤولية الكاملة عما قد يحدث له، ثم انقطعت تحديثات صفحته، وبقي مصيره مجهولًا لأيام.
لاحقا، تعددت الروايات بشأن مقتل البليلي وظروف لحظاته الأخيرة، لتتقاطر معها منشورات الرثاء من زملائه ومعلميه في كليتي الطيران بصنعاء التي حاز فيها على تقدير الامتياز، وقسم العلوم السياسية في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، التي تبيّن من خلالها وجود مشاكل بينه وبين بعض أقاربه المباشرين النافذين لدى ميليشيا الحوثي؛ إثر خلاف مرتبط بالميراث وهو ما عرضه لملاحقات وتهديدات أمنية.
وبعد مرور 10 أيام على رحلته المميتة والغامضة، كشفت سلطات مأرب، الخميس الماضي، عن اعتقاله في السابع من مايو/ أيار الحالي، على مدخل المحافظة "بعد الاشتباه به"، ونقله إلى شرطة الروضة، ليقدم في اليوم التالي على الانتحار شنقًا في حمام غرفة الحجز، مستخدمًا بنطاله، بحسب البيان.
وقال نائب رئيس منظمة "مواطنة لحقوق الإنسان" المحلية، عبدالرشيد الفقيه، الجمعة، إن هذه الواقعة الأليمة "تحمل سلطات مأرب مسؤولية مراجعة نمط الاحتجاز الشائع في نقاطها الأمنية، ومراجعة أماكنه العديدة، والإفراج عن المحتجزين تعسفياً".
وذكر عبر منصة "إكس" أن "ملابسات وفاة البليلي تتطلب تقريرًا للطب الشرعي، كجهة مختصة بالقول الفصل".
ونفى أقارب الشاب ما تردد عن إصابته بمرض نفسي، مشيرين إلى إصابته بمشاكل صحية كارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون، وتعرضه لضغوط الواقع المظلم من دون عمل ولا أمل ولا أفق مستقبلي، طبقًا لما نقلته صحيفة "النداء" المحلية.
وعلق الناشط أنيس، في منشور على "إكس"، بالقول إن "عبدالله البليلي خشي القتل على يد الحوثيين وأنهى حياته داخل حجز لحكومة الشرعية في مأرب التي كانت أمله للنجاة.. بيان الشرطة اعتراف بمدى التجاوزات بحق المسافرين".
في حين قالت الناشطة مها الثريري إن قضية البليلي دُفنت معه "كما تم دفن العديد من القضايا من قبل، والقادم في اليمن أعظم وأشد بشاعة. لله الأمر من قبل ومن بعد، وعند الله تجتمع الخصوم".