البركاني من الجزائر يعيد رسم اليمني رغم أوجاعه للعالم
البركاني من الجزائر يعيد رسم اليمني رغم أوجاعه للعالم
كتب رشيد سيف
في كلمته القوية والمؤثرة أمام المؤتمر الـ36 للاتحاد البرلماني العربي المنعقد في الجزائر، ألقى رئيس البرلمان اليمني، الشيخ سلطان البركاني، خطابًا شجاعًا ومليئًا بالتحدي، معبرًا عن استيائه العميق من الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، وخصوصًا الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل في حربها ضد المدنيين الفلسطينيين.
منذ البداية، لم يتوان البركاني عن انتقاد الولايات المتحدة بشدة، مبرزًا مدى الدعم العسكري والمالي الهائل الذي تقدمه لإسرائيل. وأوضح أن الولايات المتحدة أرسلت الأساطيل وحاملات الطائرات إلى المنطقة، ووفرت 42 مليار دولار من الدعم المالي، بالإضافة إلى الأسلحة والذخائر. ووصف هذه الإجراءات بأنها تعبر عن عدم خجل الولايات المتحدة من المشاركة في حرب ضد مدنيين عزل على مساحة لا تزيد عن 360 كم.
واستنكر البركاني ما اعتبره تناقضا واضحا في موقف الولايات المتحدة، حيث تدعي عدم موافقتها على العمليات العسكرية الكبرى في رفح، بينما تستمر في إرسال السلاح وتقديم الدعم الكامل لإسرائيل. ووصف هذا الموقف بأنه محدود الذكاء، مؤكدا أن الولايات المتحدة توافق ضمنيًا على الحرب والإبادة في رفح.
وتحدث البركاني عن الدور الأمريكي ليس فقط في الحرب العسكرية والاقتصادية والنفسية، بل أيضا في الحرب الدبلوماسية، حيث تستخدم الفيتو لمنع دولة فلسطين من الحصول على عضوية الأمم المتحدة. وأضاف أن الولايات المتحدة تتصدى للمحاكم الدولية وأحكامها عندما تتعلق بجرائم إسرائيل.
ثم انتقل البركاني للحديث عن الضمير العالمي، مشيرا إلى الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات والمدن في أمريكا وأوروبا وآسيا وأفريقيا، رغم القمع البوليسي. وأشاد بالشجاعة التي أظهرها المحتجون دفاعًا عن حقوق الفلسطينيين ضد وحشية إسرائيل.
ولكن ما أثار حزنه وألمه هو الموقف العربي المذل، حيث قارن بين اليقظة الضميرية في الجامعات الغربية والخمول الذي يسود الجامعات والشوارع العربية. وقال إن الجامعات العربية تبدو جثثًا هامدة، بينما تظل المدن والميادين العربية خاوية على عروشها، على الرغم من الأحداث الجارية في غزة والقدس والنقب.
واستحضر البركاني قصصًا من التاريخ، مثل استجابة المعتصم لصرخة المرأة في عمورية، مؤكدًا أن العرب في الوقت الحاضر لم يستجيبوا لصرخات الفلسطينيين. واستشهد بأبيات شعرية لتوضيح مدى الخيبة التي يشعر بها تجاه الموقف العربي الراهن، قائلًا إنهم لم يصنعوا شيئًا لغزة والأقصى، وصارت سيوفهم كلها خشبًا.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن العالم يشهد إبادة جماعية ووحشية غير مسبوقة ضد الشعب الفلسطيني، الذي يعيش دون طعام أو ماء أو دواء أو سكن أو أمن. وشدد على أن البرلمانات والحكومات العربية تسقط الواجب بتصريحات وبيانات استنكار لا ترقى إلى مستوى التحديات التي تواجهها فلسطين.
أبرز البركاني أن القضية الفلسطينية تمثل جوهر الهموم العربية، حيث قدمها على الرغم من معاناة بلاده اليمن، التي تعاني هي الأخرى من ويلات الحرب والأزمات. هذا الموقف يعكس الروح القومية العربية التي يحضر بها البركاني، مشددًا على أهمية الجرأة والشجاعة في هذا الوقت الحرج.
أظهر البركاني من خلال كلمته ضرورة التحلي بالشجاعة والجرأة في مواجهة التحديات، وكأنه يقول للمؤثرين الآخرين في الشرق الأوسط والعالم العربي أين شجاعتكم؟
بمعنى آخر كأنه يقول :"يجب على الجميع أن يقفوا بحزم ويعملوا بجدية من أجل إنهاء الظلم والمعاناة التي تواجهها الشعوب العربية، وخاصة الفلسطينيين".
أخيرا.. بكلمته الجريئة، ألقى البركاني الضوء على مأساة فلسطين المستمرة، وحث على ضرورة اتخاذ خطوات فعلية بدلاً من الاكتفاء بالبيانات والتنديدات. وأظهرت كلمته التزاما قويا بالعدالة والدفاع عن حقوق الإنسان، مشددًا على أن العالم بحاجة إلى تضامن حقيقي وإجراءات ملموسة لدعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والعدالة.