الحمد لله، أخيراً صحينا!!

الحمد لله، أخيراً صحينا!!

د. مسعود عمشوش

الحمد لله أخيراً صحينا وأدركنا أن الوظيفة الحكومية لم تعد اليوم هي الوسيلة المثلى لضمان الحصول على دخل مستقر، ومعاش لنا ولمن نعيلهم، اليوم وبعد التقاعد وبعد الوفاة.

وقبل 1990 كنّا، في عدن، نعرف أن معظم الموظفين في صنعاء لديهم مصادر دخل أخرى، وأنّ الراتب الحكومي مجرد (...) ولا يساوي حق ربطة قات، بعكسنا نحن موظفي عدن الذين منذ خطوة 22 يونيو 1969 التتويهية أصبحنا لا نعيش إلا على راتب الحكومة، المخفض! والسبب: المبالغة في التطبيق الغريب لما فرضه اليساريون المتطرفون الغرباء على عدن وما حولها من قوانين أنهت أو كادت أن تنهي كل ما له علاقة بالقطاع الخاص، واستولوا على عمارات الناس ومصانعهم ومؤسساتهم التجارية. 

ولا شك أن من أكبر أخطاء اليسار المتطرف جعل السكان كلهم عالة على القطاع العامة، أي على الخزانة العامة للدولة.

وأعتقد أننا في الجنوب لم نصحو ولم نتبيّن مباشرة خطورة الاعتماد شبه الكلي على الخزانة العامة، وظل كثير من الخريجين وغير الخريجين يجرون خلف الوظيفية العامة. والسلطات الحكومية من جهتها لم تتردد في تعيين مئات الآلاف (بل ربما أكثر من مليونين) في الوظائف المدنية والعسكرية. وهناك جزء كبير منهم في وظائف وهمية وكثير بأسماء وهمية، وفي الغالب المستلم هو المدير أو الشيخ أو القائد. ولن أصدق من يقول إن مؤسساتنا الحكومية لا تعاني من التشبع في الموظفين، الذين لا يظهرون في الغالب إلا في كشوفات الرواتب والحوافز. أما في المكاتب والمعسكرات فلن ترى إلا جزءا يسيرا منهم. وكثير من محاسبي المرافق، لا سيما العسكرية، يسلّمون 80% من الرواتب عبر الصرافين. والحال لن يتغير بالآلية الجديدة. وللازدواج الوظيفي قصة أخرى. 

المهم، اليوم يبدو (وليس مؤكدا) أن كثيرا من الناس في الجنوب قد (صحوا). فاليوم أصبح الجنوب ممتلئا بالمستشفيات والجامعات والمدارس الخاصة، التي تعتمد، بنسبة 70%، على أسماء موجودة في كشوفات رواتب القطاع العام، المدني والعسكري، وليس في مرافقه. وقريبا سيصبح الراتب الحكومي في عدن أيضا مجرد (...) ولا يساوي حق الباخمري!!! والذي لا يريد منّا أن (يصحو) ويدرك هذه المتغيرات سيموت جوعا هو ومن يعيل. ويبدو أن هذه الصحوة هي أبرز نتائج الأزمة التي عصفت ولا تزال تعصف ببلادنا. 

فخزانة الدولة مصفّرة، ولا راتب حكومي في الأفق، ولا في البنك المركزي. وأعداد الموظفين والعسكر مهوّلة ومخيفة، وتتجاوز أعداد الموظفين والعسكر في ألمانيا الاتحادية وفي كندا. ونصيحة لوجه الله: إن معك زلط تعالج في مستشفى خاص، وسجّل أولادك في أي مدرسة أو جامعة خاصة.