ضغوط مالية وإحتكار العمل الانساني.. ما وراء إعلان الحوثيين عن شبكة تجسس في صنعاء؟
أعلن ميلشيات الحوثي الاثنين إنهم اعتقلوا "شبكة تجسس" تعمل تحت غطاء المنظمات الإنسانية، بعد احتجاز عشرات من عمال إغاثة بينهم 11 من موظفي الأمم المتحدة الأسبوع الماضي.
وزعمت الجماعة المدعومة من إيران أن الشبكة مرتبطة بوكالة المخابرات المركزية وتنفذ أنشطة "تجسس" في اليمن لسنوات، في البداية من خلال سفارة الولايات المتحدة قبل أن تعلق عملياتها في صنعاء في عام 2015.
ورأى مراقبون، أن اعلان ميلشيات الحوثي ربما يأتي في إطار سعي الجماعة المدعومة من إيران إنهاء عمل المنظمات المحلية والدولية بمناطق سيطرتها، في الوقت الذي تتعرض لضغوط اقتصادية من قبل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.
واعتبر تقرير لوكالة فرانس برس أن إعلان يوم الاثنين يعرض للخطر العمليات الإنسانية الحيوية في المناطق التي يديرها المتمردون الحوثيون في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، حيث يعتمد أكثر من نصف السكان على المساعدات.
ووصف محمد الباشا، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي الاستشارية، اتهامات التجسس بأنها "ذريعة"، قائلاً إن الخطوة تهدف إلى "القضاء بشكل منهجي على المنظمات غير الحكومية في اليمن".
وقال في تعليق نشر قبيل إعلان المتمردين الحوثيين، بأن الاعتقالات تهدف إلى إجبار "المنظمات الأجنبية أو أعضاء المجتمع الدولي الذين يسعون إلى إدارة أو تمويل أو تنفيذ مشاريع داخل البلاد" على التعامل حصريا مع الهيئات التي يديرها الحوثيون.
وفي تغريدة منفصلة للباشا على منصة إكس، لفت إلى أنه في العقد الماضي، شاهد آلة الدعاية الحوثية تولد الإثارة عندما يزعمون أنهم أحبطوا شبكة تجسس أو أنشطة تجسس.
وقال "هذه المرة، التغطية مكثفة بشكل خاص، إنه تكتيك حكومي كلاسيكي: تحويل الانتباه عن القضايا الحقيقية من خلال التركيز على مسائل أخرى".
سُعار حوثي
واعتبرت الباحثة اليمنية، ميساء شجاع الدين "أن تزايد قمع الحوثي منذ بداية حرب غزه، سواء لأن العالم منشغل بفظائع الإسرائيليين في غزه أو بسبب غطاء الشعبية لهجماته بزعم نصرة غزه".
وقالت في تغريدات على منصة إكس، - تعليقاً على اعلان الحوثيين شبكة التجسس – "هذه القائمة بما فيها من معاهد لغة تعني عزلة شاملة لمناطق الحوثي، وتأتي بعد موجة ترهيب واسعة جراء الاعتقالات الكبيرة التي بدأت منذ الأسبوع الماضي".
وأضافت: "الحوثيون في حالة سعار فعلي، وهذه لم تكن متنفسات لبقايا المجتمع المدني بصنعاء، بل أيضا كانت مفيدة اقتصاديا لهم".
من جانبه قال الكاتب عدنان الجبرني، أن ما نشره الحوثيين "لا يمكن وصفه بأنه اعترافات تجسسية مخابراتية بالمعنى المهني، وهو أقرب الى شغل "صحافة استقصائية" مع فارق ان المُعد هنا يمارس التعذيب لينتزع اعترافات على مقاس فرضياته المسبقة".
وأضاف في منشور بمنصة إكس "يجعلون المتهم يقوم بنفسه بتحليل وتفسير تصرفاته وفقا للمفهوم الذي تريد الجماعة تسويقه، وحرصت الجماعة على تقسيم الاعترافات الى ملفات تتناسب مع مسارات التعبئة التي تشتغل عليها".
وأشار الجبرني "أن الهدف تعبوي في سياق ترهيب الناس، والتغطية على حملة الاختطافات الأخيرة لموظفين بالمنظمات وغيرهم، وقطع الطريق على أي تضامن أو ضغط، ووصمهم مسبقاً بالتجسس".
ضغوط مالية
أما وكالة الأسوشيتد برس، فقالت في تقرير لها بأن الاعتقالات تأتي في الوقت الذي يستهدف فيه الحوثيون، الشحن عبر ممر البحر الأحمر خلال الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
وأضافت "وفي الوقت نفسه، واجهت سلطتهم ضغوطًا مالية متزايدة، وقامت الجماعة بقمع المعارضة في الداخل، بما في ذلك الحكم مؤخرًا على 44 شخصًا بالإعدام".
وبحسب تقرير الوكالة، ساعدت هجمات الحوثيين على السفن في صرف الانتباه عن مشاكلهم في الداخل والحرب المتوقفة. لكنهم واجهوا خسائر متزايدة في الأرواح والأضرار الناجمة عن الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تستهدفهم منذ أشهر.
وقال التقرير بأنه لايزال من غير الواضح ما الذي أدى بالضبط إلى الاعتقالات الأخيرة. ومع ذلك، يأتي ذلك في الوقت الذي واجه فيه الحوثيون مشكلات تتعلق بالحصول على ما يكفي من العملة لدعم الاقتصاد في المناطق التي يسيطرون عليها.
حيث طالبت الحكومة اليمنية في مدينة عدن الجنوبية جميع البنوك بنقل مقراتها هناك كوسيلة لوقف أسوأ انخفاض على الإطلاق في قيمة العملة وإعادة ممارسة سيطرتها على الاقتصاد.
ومازالت ميلشيات الحوثي تواصل حملات الملاحقة والاختطافات لموظفي المنظمات المحلية والدولية، بعد أيام من إعلانها أحكام إعدام بحق عشرات المختطفين لديها، أبرزهم عدنان الحرازي، مدير ومالك شركة برودجي للأنظمة