أسمنت يمكنه تحويل منزلك إلى بطارية عملاقة... كيف؟
تزيد مشاريع، مثل الأسمنت منخفض الانبعاثات، والخرسانة التي تخزن الطاقة، من احتمالات مستقبل تلعب فيه مكاتبنا وطرقنا ومنازلنا دورًا مهمًا في عالم مدعوم بالطاقة النظيفة.
وربما تكون الخرسانة مادة البناء الأكثر استخدامًا في العالم، ومع قليل من التغيير والتبديل، يمكنها أن تساعد بتزويد منازلنا بالطاقة أيضًا.
ويعمل الباحثون في مختبر جامعة كامبريدج في ماساتشوستس الأمريكية، على تطوير كتلة خرسانية مظلمة وغير ضارة، يمكنها أن تمثل مستقبل تخزين الطاقة.
مصادر الطاقة المتجددة
وتتعدد مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة التي تمنحها لنا الشمس، والرياح، والبحر.
ومع ذلك، فإن الشمس ليست مشرقة دائمًا، والرياح لا تهب دائمًا، والمياه الساكنة لا تتدفق دومًا.
وهذا يعني أننا بحاجة إلى تخزين تلك الطاقة في البطاريات، لكن البطاريات بدورها تعتمد على مواد مثل الليثيوم، الذي قد يكون المعروض منه أقل بكثير مما هو مطلوب لتلبية الطلب الناجم عن سعي العالم إلى إزالة الكربون من أنظمة الطاقة والنقل.
وبينما يوجد 101 منجم لليثيوم في العالم، يشعر المحللون الاقتصاديون بالتشاؤم بشأن قدرة هذه المناجم على مواكبة الطلب العالمي المتزايد.
ويشير المحللون البيئيون إلى أن تعدين الليثيوم يستخدم الكثير من الطاقة والمياه، مما يحد من الفوائد البيئية للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
كذلك، يمكن أن تؤدي العمليات المستخدمة في استخراج الليثيوم في بعض الأحيان إلى تسرب مواد كيميائية سامة إلى إمدادات المياه الجوفية.
المكثف الفائق
ووجد باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا طريقة جديدة لإنشاء جهاز لتخزين الطاقة يعرف باسم المكثف الفائق، المؤلف من 3 مواد أساسية رخيصة الثمن، هي: الماء، والأسمنت، ومادة تسمى أسود الكربون.
ويتميز المكثف الفائق بكفاءة عالية في تخزين الطاقة، وقد يلعب دورًا مهمًا في التلوث من الاقتصاد العالمي.
ويتصور الباحثون عدة تطبيقات لمكثفاتهم الفائقة، قد يكون أحدها إنشاء طرق تقوم بتخزين الطاقة الشمسية، ثم إطلاقها لإعادة شحن السيارات الكهربائية لاسلكيًا أثناء سيرها على الطريق.
فالإطلاق السريع للطاقة من المكثفات الفائقة المصنوعة من الأسمنت الكربوني من شأنه أن يسمح للمركبات بالحصول على دفعة شحن سريعة لبطارياتها.
وهناك خيار آخر يتمثل في تخزين الطاقة في إسمنت المنازل لاستخدامها بمدِّ المنازل بالطاقة.
ولكن هذه الطريقة لا تزال في أيامها الأولى. ففي الوقت الحالي، يمكن للمكثف الخرساني الفائق تخزين ما يقل قليلاً عن 300 واط/ساعة لكل متر مكعب.
وفيما قد يبدو تخزين الطاقة منخفضًا مقارنة بالبطاريات التقليدية، لكن أساس المنزل الذي يحتوي على 30 أو 40 مترًا مكعبًا من الخرسانة يمكن أن يكون كافيًا لتلبية احتياجات الطاقة اليومية للمنزل.
طريقة العمل
ويعمل المكثف الفائق بخاصية غير عادية لأسود الكربون.
وهذا يعني أنه عندما يتم دمج أسود الكربون مع مسحوق الأسمنت والماء، فإنه ينتج نوعًا من الخرسانة المليئة بشبكات من المواد الموصلة، تأخذ شكلاً يشبه الجذور الصغيرة المتفرعة باستمرار.
وتتكون المكثفات من لوحين مصنوعين من الأسمنت الأسود الكربوني الذي يتم نقعه في ملح إلكتروليتي يسمّى كلوريد البوتاسيوم.
ويفصل بين اللوحين غشاء، وعندما يتم إطلاق تيار كهربائي على الصفائح المنقوعة بالملح، تتراكم الأيونات الموجبة والأيونات السالبة على الألواح.
ولأن الغشاء يمنع تبادل الأيونات المشحونة بين الألواح، فإن فصل الأيونات يخلق مجالًا كهربائيًا.
وبما أن المكثفات الفائقة يمكنها تجميع كميات كبيرة من الشحنات بسرعة كبيرة، فقد تكون مفيدة لتخزين الطاقة الزائدة التي تنتجها المصادر المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
مشكلات يجب تخطّيها
مثل أي تقنية جديدة، هناك مشكلات يجب التغلب عليها، فإضافة المزيد من أسود الكربون يسمح للمكثف الفائق بتخزين المزيد من الطاقة، ولكنه أيضًا يجعل الخرسانة أضعف قليلاً أيضًا.
وفي سياق متصل، وعلى الرغم أن المكثفات الفائقة المصنوعة من الأسمنت الكربوني يمكن أن تساعد في تقليل اعتمادنا على الليثيوم، إلا أنه لها تأثيرها البيئي الخاص. فإنتاج الأسمنت مسؤول عن 5% إلى 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النشاط البشري على مستوى العالم.
ومع ذلك، يبدو أن هذا ابتكار واعد، ويفتح العديد من السبل المحتملة المثيرة للاهتمام حول استخدام البيئة المبنية نفسها كوسيلة لتخزين الطاقة للوصول إلى مستقبل أنظف وأكثر استدامة.