الفنان “الحاوري” يروي مسيرته مع “تقليد الأصوات” وردود أفعال ساسة قلدهم أبرزهم الرئيس “صالح”

“محمد الحاوري” الفنان الذي أتقن تقليد الأصوات، مجسدا ببراعة فريدة شخصياتٍ حاضرة في رسم المشهد اليمني (إيجابا أو سلبا) الأمر الذي جعل من تقليده للأصوات أكثر من مجرد فن؛ بل نافذة إلى واقعنا وتاريخنا، حيث يتشابك الضحك مع الألم، والانتقاد مع الفهم العميق لتفاصيل الأحداث والشخصيات التي طالما كانت حديث الشارع.

الفنان “الحاوري” يروي  مسيرته مع “تقليد الأصوات” وردود أفعال ساسة قلدهم أبرزهم الرئيس  “صالح”

التقاه/ إسحاق الحميري:

في هذا الحوار ، يأخذنا الحاوري عبر دهاليز تجربته، ليكشف لنا عن بداياته التي تشع بالبساطة والصبر، وعن تفاصيل ردود الفعل التي تلقاها من الشخصيات التي قلدها، وحتى تأثير مقاطعه في أوساط الجمهور اليمني المتعطش للحقيقة.

 

*-بداية، من هو محمد الحاوري الشخصية الفنية التي برزت مؤخرا بشكل لافت في التواصل الاجتماعي؟

في البداية، شكراً لكم على الاستضافة، إنه من دواعي سروري الحديث عن مسيرتي الفنية البسيطة

أنا محمد علي حمود صالح الحاوري، من قرية الحاوري في مديرية همدان، محافظة صنعاء.

متزوج وأب لخمسة أبناء، ثلاث بنات وولدين. درست الإعلام والعلاقات العامة في جامعة العلوم والتكنولوجيا بنظام الانتساب، وعملت كمقدم برامج لأكثر من 18 برنامجاً على قناة سهيل، تشمل البرامج الميدانية والكوميدية والحوارية.

وأخيراً تفرغت لصناعة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

*نود أن تعرف المتابعين على بداياتك في مجال تقليد الأصوات.. كيف بدأت هذه الرحلة الإبداعية؟

يمكن القول إن البداية كانت في المرحلة الإعدادية، كنت أحب تقليد حركات وأصوات من حولي، وبدأت بتقليد والدي.

كانت لدي حركة معينة جعلت أفراد العائلة يضحكون، وهذا شجعني كثيراً، ثم جاء التأثير الكبير من الأستاذ يحيى علاو – رحمه الله – من خلال برنامجه الشهير، بدأت بتقليده في الإذاعات المدرسية، خاصة في فقرة الأسئلة والجوائز التي كنت أقدمها.

بعدها، في فترة المعاهد العلمية، كنت أقلد أساتذتنا الذين جاءوا من مختلف البلدان، كالسودان ومصر والعراق، حيث كان لديهم نبرات مميزة وملهمة، مما حفزني على تطوير موهبتي.

أحد زملائي قال لي: “لماذا لا تقلد الشخصيات المشهورة مثل الرؤساء؟”، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك قنوات فضائية، لكنني كنت أستغل عودتي للبيت في عطلة الخميس والجمعة للتركيز على التلفزيون، حيث كانوا يبثون جلسات مجلس النواب من العصر حتى المغرب. بدأت بتقليد صوت الشيخ عبد الله – رحمه الله – ثم صوت علي عبد الله صالح.

 

*عُرفت بتقليد الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.. كيف كانت ردود الفعل التي تلقيتها؟

كان من الصعب تقليد شخصيات سياسية بشكل علني. وفي ذلك الزمن لم تكن هناك هواتف حديثة، لذا لم يظهر تقليدي للرئيس صالح إلا في عام 2011، حيث بدأت بتقليد صوته في انتقاد الأخطاء.

لم أواجه تهديدات بالقتل، لكن تلقيت بعض السبّ. التهديدات الحقيقية جاءت فقط عندما بدأت بتقليد شخصية “عبد الملك الحوثي”. أما بالنسبة لعلي عبد الله صالح، فقد أحب الناس أدائي له، خاصة نبرته وحركاته. كنت أحصل على إعجاب أكثر من أي شيء آخر.

 

 

 

*-هل علم الرئيس صالح بتقليدك له؟

نعم، وصلتني الأخبار من مقربين له مؤخرا وكان يتابع مقاطعي ويضحك أحيانًا وكان يقول لهم هذا موهبة لو تخلى عن السياسة..

في إحدى المرات بعد خطابه في 2016، قمت بتقليد صوته ونشرت قناة الحدث المقطع فقالت لي مصادر مقربة إنه استاء عندما قلدته لكنه كان يضحك ويقول، “ليش ما حد غيري يقلده.

 

*-ما هي أكثر شخصية نجحت في تقمصها ولقيت إعجاباً واسعاً؟

في الفترة الأخيرة، شخصية يحيى الراعي كانت الأبرز ربما، لأن لا أحد قد قلدها قبلي وانتشرت بشكل كبير، لكن في البداية، شخصية علي عبد الله صالح كانت الأكثر تأثيراً؛ لأنه كان صاحب كاريزما قوية، والناس، كباراً وصغاراً، كانوا يتابعون حركاته. كانوا ينادونني “الزعيم” حتى عندما أكون في البيت، وهذا يعكس مدى تأثير الشخصية فيني.

 

*-ركزت على تقليد شخصيات قيادية في جماعة الحوثي مؤخرا. كيف كان صدى تلك المقاطع في مناطق الحوثيين؟

ردود الأفعال كانت كبيرة، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين.. أخي أحمد يدير صفحتي وأخبرني أن 60% من الجمهور هم من صنعاء.

ردود الفعل تظهر مدى وصول تأثير مقاطعي هناك، بعض الشخصيات كانت تستاء من تقليدي لها، مثلًا، شخصية المفتي شرف الدين توقّف عن الظهور على الشاشة بعد أن قلدته، كما أخبرني أحدهم.

في ردود فعل كثيرة لكن من الحوثيين شخصياً “لايوجد” أي تواصل ولا يشرفنا التواصل بهم ليس لأجل شيء ولا حقد مننا، وإنما لأنهم ميليشيا واغتصبوا الدولة بقوة السلاح، وهذا يجعلنا نقاطهم ونقاومهم حتى يرجعوا إلى صوابهم أو ننتصر عليهم.

 

*هل كان هناك ردود فعل بارزة أو غريبة؟

نعم، الرد الأكثر غرابة كان من حسين الأملحي. رغم أنه معروف بلسانه الطويل، رد في فيديو وقال إنه يعترف بموهبتي.

أما ردود فعل الشخصيات الأخرى، فكثير منها يأتي عبر رسائل من مقربين لهم.. مثلًا، قلدت شخصية الحريزي بعد أن شاهدته يمدح الحوثي.. تلقيت رسائل من المهرة يشكون أنني أسأت إلى المهرة وأهلها، لكنني قلدته لأنه مدح الحوثي فقط.

مرة تواصلت بالحريزي، فعلت له مقلب بصوت علي محسن، وكنت أحاول ألمح له إنه إحنا فعلناك يا حريزي قائد الحدود مش تسلم الجمل بما حمل، ووصلت له الرسالة بطريقة ساخرة لكنه عرفني، وقال: والله لو ما كنت داري إنك مش في عمان لا أقول إنه علي محسن حقيقة.

هناك شخصيات أخرى وصلت لي ردود أفعالهم مثلا شخصية يحيى الراعي اتصل بي أحد القيادات المقربة، يقول لي لا تسخى على الشيخ يحيى هو مضغوط عليه أو مش هو راضي بالحوثي لكنه أمر واقع.

أذكر مره عبدالقادر هلال – الله يرحمه – عندما حضرت في حفل وهو موجود، وكنت حينها في 2012 أقدم برنامج ” كوبي” أقلد كل يوم شخصية، فقام عبدالقادر هلال يتكلم وقال: أرجوا من الأخ محمد الحاوري أن يركز على نبرة صوتي لكي أرى تقليده لي في حلقات البرنامج حقه فضحك الجميع وصفق.

بعدها أخذني قال لي ليش ما قد قلدتني.

قلت له أنا ما قد تابعتك كثير، فقال: خلاص أنا عاد أبلغ ابني يرسل لك في سي دي أو في ذاكرة المقاطع حق الخطابات لأجل تقلدني.

هذا يعني إن بعضهم يعرف ويقدر موهبتك وما يزعل أبداً بالعكس، هو منذهل من تقمصك ويتمنى إنك تقلده.

 

أذكر مرة تزوجوا أولاد الشيخ حميد الأحمر محمد الله يرحمه وعبدالله، فقلدت الشيخ عبد الله، والشيخ صادق، والمشايخ كلها، وكان هذاك اليوم قحطان موجود أيضاً قلدته بحركة وهو بيقول لهم تفضلوا عشاء فقلدته وهم كلهم صفقوا.

اليوم الثاني حضرنا في المقيل ولقاني الشيخ حمير وقال وأنا ليش ما قلدتني أمس في السمرة.

هذه الردود تشعرني أن الناس الواعيين تنظر لتقليدي أنه ليس إساءة، وإنما أنت أحياناً تأثر بالشخصية، إذا كانت هذه الشخصية مشهورة وتحاول تجسدها للناس.

 

*-لماذا يقلد محمد الحاوري الأصوات؟

تقليد الأصوات موهبة وفن مثلها كالفن التشكيلي، فبما أن هناك رسام يرسم شخصيتك هناك آخر يقلد صوتك وعنده موهبة يقلد صوتك.

أنا أستخدم تقليد الأصوات لإيصال رسالتي بحكم موقفي، وليس ذلك استنقاص من الشخص الذي أقلده، فبعضهم يكون من الحب وإيصال رسالة إيجابية، وبعضهم أقلده لأوصل رسالة هو يخفيها أصلاً، أظهر الحقيقة بصوته وصورته لعله يشاهدها كما يشاهد المرآة، ويعرف أننا ندرك أنه يكذب.

تقليد الأصوات بطريقة فكاهية مؤثرة وتجذب المشاهدين، فالبعض لايؤثر فيه الكلام الواقعي، لكن البعض ولو يكرهك أو هو ضدك في الفكر لكنه يتابعك عندما تقلد صوت شخص من الناس، لأنه يسمع مدى درجة التطابق في جسيد الشخصية، والملامح، كيف تفاصيل وجهك في تقليد الشخصية، فيقارن حتى وإن كان ضدك في التوجه، وعبرها توصل أنت الرسالة.

 

 *-ما هي الشخصية التي يشعر المتابعون أنك أجدت تقليدها؟

إذا كان بشكل عام فهو علي عبدالله صالح صوتاً وحركة وصورة، حتى أنني أحيانا أتأثر بحركاته بدون ما أشعر، أنادي لشخص بصوت علي عبدالله صالح، وهم يضحكوا اللي جنبي مثلاً أخي اسمه أحمد علي، أقوله يا أحمد بصوت والده ومن بجانبي يعرفون أنني أقصد ابن علي.

أكثر واحد حتى الآن يشعر المتابعون وأننا أنني أجدت شخصيته هو الرئيس علي عبدالله صالح.

 

*-ما هو السر الذي جعل شخصية صالح الأبرز في مسيرتك الابداعية؟

لأنه حكم اليمن ثلاثين سنة وكان يظهر على التلفزيون، بشكل مستمر حتى أصبح الناس يحفظون ملامحه وحركاته، فعندما تقلد شخص مشهور ينتبه الناس.

من ضروريات التأثير أنك تختار صوت مميز تكون الصورة الذهنية عند المشاهد متشبعة من صوته وحركاته، لكن إذا اخترت شخية غير معروفة فلن ينتبه لك أحد مهما عملت.

هناك من يلاحظ علي أن شخصية علي عبدالله صالح طاغية، وأحيانا الجمهور يلاحظ أنني انتقل إلى تقليد علي عبدالله صالح بشكل عفوي.

 

 

*-كيف تساهم مقاطعك في نشر الوعي خاصة في ظل ما تعيشه اليمن من حرب جراء انقلاب جماعة الحوثي؟

ما أقوم هو أقل ما أقدمه، فأنا واحد من الضحايا اللذين شردهم الحوثي بسبب رأيهم وموهبتهم. شردني من بيتي وجعلني أفارق أبي وأهلي هذه السنين كلها، فهذا أقل شيء نفعله، بحيث نستخدم قدراتنا في فضح وكشف أساليب زيفهم وكذبهم ودجلهم على الناس.

 

وأنا تأتيني ردود فعل واسعة أشعر أن الرسالة وصلت، فمن خلال تقليدي للأصوات أظهر الأشياء التي يخفوها، وأوضحها بأسلوبي وطريقتي، والهدف من ذلك توعية الناس والمجتمع، لأنه إذا سكت أهل الحق ظن أهل الباطل أنهم أهل الحق.

 

هم يستخفون بالناس ويتعاملوا معهم بسذاجة، بالذات في موضوع غزة، وعندما تبين أكاذيبهم وخدعهم بأسلوبك الساخر يكون لرسالتك أثر وتصل.

 

*-ما هي الشخصيات المدرجة في قائمة تقليدك حالياً؟

لا أعمل بمقاولات، لكنني أتابع الأحداث الساخنة. أختار الشخصيات حسب الظروف وأقدم الرسالة المناسبة.

 

*-كيف تطورت موهبتك من تقليد الأصوات؟

في البداية كان التقليد مجرد تسلية وإعجاب، لكن مع الوقت أصبحت أرى ردود فعل إيجابية من الناس، كنت ألاحظ الضحك والإعجاب عند تقليد شخصيات معروفة، فقررت أن أبدأ بنشر بعض المقاطع على الإنترنت.

أول مقطع حصل على انتشار واسع دفعني إلى مواصلة العمل في هذا المجال، ووجدت أن تقليد الشخصيات وتقديم محتوى كوميدي هو وسيلة فعّالة لإيصال الرسائل والتوعية بشكل بسيط ومحبب للجمهور.

 

 

ما الذي شكله لك انتقالك إلى النشر عبر التواصل الاجتماعي؟

المقاطع التي أنشرها سهلة وأرى أن الناس كلهم يتصفحوا المقاطع الصغيرة، أضف إلى أنه لا توجد قنوات في مأرب، معنا مكتب واحد في قناة سهيل، فوجدت أن التواصل الاجتماعي وسيلة ناجعة لإيصال رسالتي.

 

جهزت لي غرفة في البيت خاصة بالكرومة وأخي أحمد تعلم للمونتاج والتصوير، وفي البداية كنا تصور بالتلفون، لكن أحدهم تفاعل وعرف أن العمل بالتلفون فأعطاني كاميرا وأنا هنا أقدم له الشكر، وأود أن أذكر إسمه لكنه رفض وقال إن توفيره للكاميرا هو حب للوطن والجمهورية.

نحن نعمل المقاطع بشكل بسيط وسهلة لكي توصل الرسالة، والحمد تحقق انتشار كبير، ونرصد ذلك من خلال ردود الفعل.