تحليل: سر توقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر منذ أسبوع

تحليل: سر توقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر منذ أسبوع

(الأول)متابعات:

منذ إغارة الاحتلال الإسرائيلي على منشآت تخزين الوقود في ميناء الحديدة، أوقفت مليشيا الحوثي كافة أنشطتها الهجومية في البحر الأحمر، على الرغم من استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي كانت مليشيا الحوثي تقرنها دائما بهجماتها ضد السفن، ما يفتح الباب أمام تساؤلات مُلحة حول سر توقف الهجمات مباشرة بعد القصف الصهيوني الذي كان من المفترض أن يحدث ردة فعل. هل يشير هذا التوقف إلى تغيير في استراتيجية إيران، أم أنه يعكس مخاوف أعمق من التصعيد العسكري؟

هنالك بالفعل مخاوف إقليمية من اتساع دائرة التصعيد في المنطقة، والعدوان الإسرائيلي على اليمن عزز هذه المخاوف بشكل أكبر، وقد تكون هنالك صفقة من نوعٍ ما ساهمت في خفض التصعيد البحري؛ لكن الأمر برمته معقودٌ بالقرار الذي ستتخذه إيران التي تدفع عملاءها في العادة الى الانسحاب من المشهد المحتقن كلما أحست بخطر يحيق بهم.

ورغم اشتراط مليشيا الحوثي مراراً وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مقابل وقف هجماتها في البحر الأحمر، أخذت التطورات المتسارعة تكشف الأبعاد الأصلية لهذه الهجمات بعيدًا عن الخطاب المزيّف التي اتبعته مليشيا الحوثي في سباق كسب التأييد والتعاطف منذ أشهر.

كشفت الأحداث الأخيرة عن تناقض صارخ في هذا الموقف، فبعد أسبوع من وقف الهجمات على نحوٍ مفاجئ، تبين أن الحوثيين لم يكونوا صادقين في ادعاءاتهم حول الأهداف الحقيقية وراء قصفهم السفن بالصواريخ والطائرات المسيرة والزوارق المفخخة، والتي تتجاوز بلا شك مسألة دعم القضية الفلسطينية إلى أدوار وظيفية في إطار الأهداف الاستراتيجية لإيران، والتي يعمل عليها وكلاؤها في المنطقة بمن فيهم مليشيا الحوثي.

خلال اليومين الماضيين، وسّع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بنك أهدافه في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي. شمل القصف الجوي جزيرة كمران ومطار الحديدة بشكل أعنف، بينما لم ترد مليشيا الحوثي على أي من هذه الهجمات كما دأبت في استهداف السفن التجارية في أعقاب تعرضها للقصف الجوي الأمريكي.

ما هو مؤكد حتى اللحظة، ويتأكد الآن أكثر، أن الاستهدافات الحوثية المتكررة للسفن المبحرة عبر البحر الأحمر وخليج عدن، لم تكن أبدًا ذات علاقة بمناصرة القضية الفلسطينية وسكان غزة. استخدم الحوثيون هذا الشعار لصبغ هجماتهم ببعد إنساني لصيق بالوجدان العربي والإنسانية العالمية، يكسب المليشيا نوعا من التضامن والمؤازرة تساعدها على تسويق نفسها في الداخل والخارج؛ لكن الأهداف الحقيقية وراء هذا التصعيد كانت منبثقة أساسا من استراتيجية أوسع تديرها إيران لصالح مشروعها التوسعي من خلال أدواتها في المنطقة باستخدام عناوين متعددة في مقدمتها "مناصرة القضية الفلسطينية".