من أسقط صنعاء؟

من أسقط صنعاء؟

من أسقط صنعاء؟

كتب قاسم القاضي

ترددت الكثير من الأسئلة تقول: من أسقط صنعاء؟ وكأننا نتحدث عن تاريخ قديم مضى عليه مئات السنين. عندما نتحدث عن كل الأحداث التي مرت بها البلاد حديثًا، لا يستطيع أحد تحريف الحقائق لأنها أحداث ما زالت في ذاكرة كل الناس. وعندما نتحدث عن إسقاط صنعاء، يُضاف إلى السؤال: من أسقط العواصم العربية؟ من أسقط بغداد؟ من أسقط طرابلس؟ ومن، ومن، ومن؟ هذه حلقات متصلة بسياسة خارجية بحتة، وإن كان هناك من سهل لهم تحقيق ذلك.

لهذا فإن الجواب هو: من أسقط النظام هو من أسقط صنعاء. لم تسقط صنعاء عند دخول الحوثيين، بل سقطت حينما سقط النظام. وهل نستطيع القول بأن صنعاء حينما دخلها الحوثيون كانت محكمة ومسيطر عليها بعد كل الفوضى العارمة التي اجتاحت البلاد؟ تلك لمن أراد الحقيقة بحياد. لقد تم إسقاط النظام بسلطاته وجيشه وأمنه. وتلك ليست من أهداف الجماهير التي خرجت، وإن رافقتها بعض الشعارات. وإنما كانت أهداف الشعب إزاحة الرئيس عن السلطة فقط وتحقيق عمل ديمقراطي لتداول السلطة. ولم تكن أهداف الشعب تدمير كل شيء وتغيير كل من عمل مع النظام السابق، حتى وإن كان من أقرب الناس للرئيس السابق. كان يجب الاحتفاظ بكل التشكيلات واحترام الأنظمة والقوانين وعدم الخوض في أي هيكلة للجيش والأمن خاصة في الوقت القريب على أقل تقدير. وكان يجب على الرئيس الجديد وحكومته العمل بشكل عقلاني وسياسي في الحفاظ على الدولة ونظامها المعمول به منذ أكثر من ثلاثين عامًا.

وبدلًا من اتجاه الحكومة الجديدة نحو الاهتمام بالخارجية ونجاح عملها وإحراز نجاحات متقدمة في العلاقات الخارجية والاعتراف الدولي بها وزرع الثقة مع نظام جديد، وقبل أن يتم تحقيق تلك المكاسب، ذهبوا للعمل على تمزيق الجيش والأمن وتصنيفه حسب رغبات الجهات الحزبية التي أتت منتقمة بشكل شخصي وفضلوا مصالحهم عن المصلحة الوطنية. ومن أهم الأسباب التي أسقطت صنعاء هي فقدان القرار السياسي والتحكم بالأمور التي فرضها عليهم المجتمع الدولي. أصبح البديل الذي أسقط النظام عاجزًا عن السيطرة على مجريات الأحداث المتسارعة.

تلك حيثيات كانت سبب الفشل وهي ما أتاح للحوثيين التمرد ومنحهم القوة. عفاش ليس لديه القدرة ولا حتى المصلحة بإسقاط صنعاء. من أسقطوا النظام قد عجزوا عن إدارة الدولة والتحكم بقرارها السيادي. وأهم أسباب الفشل كذلك هو لهفة المعارضين للحكم والسلطة، مما أفقدهم السيطرة على عقولهم. كانوا في لهفة وعجالة، وكأنهم يدركون أن الوقت لن يدوم لهم، وأن السلطة والوصول إليها أكبر من مستواهم. بالفعل كانت السلطة كبيرة على أحزاب المعارضة، لأن المسؤولية لا تشبه المعارضة. هذا هو التاريخ الحقيقي لمن أراد المعرفة، وهو تاريخ سيدونه كل من تحدث بحياد وواقعية.