ماذا حقق العرب من السلاح الإيراني؟

ماذا حقق العرب من السلاح الإيراني؟

ماذا حقق العرب من السلاح الإيراني؟

كتب وجدي السعدي

إيران والعرب.. مصالح متقاطعة أم خيانة مستترة؟

لطالما كان الصراع العربي الإسرائيلي أحد أهم القضايا التي شكلت واقع المنطقة لعقود طويلة في هذا السياق، تظهر إيران كلاعب محوري في منطقة الشرق الأوسط، حيث قدمت الدعم العسكري لعدة دول وحركات عربية، منها لبنان وسوريا والعراق وحماس في فلسطين والحوثيين في اليمن, لكن السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هو: هل كان هذا الدعم خدمة للعرب أم لمصالح إيران الخاصة؟

قد يقول البعض إن إيران قدمت السلاح والدعم لهذه الجهات بهدف نصرة القضايا العربية، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك تماماً,  إن تقديم السلاح من إيران لم يكن يوماً حباً في العرب، بل كان وفقاً لمصالح إيران الاستراتيجية وأحياناً بالتنسيق مع القوى الغربية التي تقف خلف إسرائيل.
 هذا الدعم استُخدم لتحقيق أهداف زعزعة الاستقرار في المنطقة، وهو الهدف المشترك بين إيران والقوى الغربية، بما في ذلك إسرائيل.

في الحقيقة، إيران كانت تدرك أن زعزعة استقرار الدول العربية يخدم مخططاتها التوسعية، ويتيح لها التغلغل في شؤون هذه الدول, ومن خلال دعمها لبعض الجماعات والأنظمة في المنطقة، تمكنت من تكريس نفسها كقوة إقليمية، بينما كانت نتائج هذا الدعم كارثية على الشعوب العربية.لو ألقينا نظرة سريعة على الدول التي تلقت الدعم الإيراني في صراعها مع إسرائيل مثل لبنان، سوريا، العراق، وفلسطين، لوجدنا أنها قد تعرضت للدمار بشكل غير مسبوق,  فبدلاً من أن تكون الأسلحة الإيرانية أداة لتحرير الأراضي أو لتحقيق انتصارات استراتيجية ضد إسرائيل، كانت في الواقع سبباً في تفاقم الأوضاع الداخلية في هذه الدول، حيث تحولت إلى ميادين صراع دموي مستمر.

كم من الإسرائيليين أو الأمريكيين سقطوا بسبب السلاح الإيراني مقارنةً بعدد العرب الذين سقطوا في هذه الحروب؟ إذا قارنا الأرقام، نجد أن الخسائر في صفوف العرب، من المدنيين والعسكريين، كانت هائلة، في حين لم تتأثر إسرائيل وأمريكا بشكل كبير,  بل العكس، ازداد تأثير إيران في المنطقة، بينما تدهورت أوضاع الدول العربية التي دعمتها، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.


إلى جانب دعم الجماعات المسلحة، تورطت إيران في العديد من عمليات الاغتيال التي طالت قادة وسياسيين بارزين في الدول العربية ومن أبرز هذه العمليات:
اغتيال الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
كما استهدفت إيران عدداً كبيراً من العلماء والخبراء والقادة العسكريين في العراق ولبنان واليمن، وهو ما يعكس رغبتها في إضعاف هذه الدول والتخلص من أي تهديد محتمل لمصالحها.


من المفارقات المثيرة في هذا السياق أن إيران كانت من أوائل الدول الإسلامية التي اعترفت بإسرائيل بعد إعلان قيامها عام 1948, ففي عهد الشاه محمد رضا بهلوي، تم توقيع اتفاقيات ومعاهدات مع إسرائيل، واستمرت هذه العلاقات حتى بعد الإطاحة بالشاه خلال الثورة الإسلامية عام 1979,  وعلى الرغم من الخطاب المعادي لإسرائيل الذي تتبناه إيران اليوم، فإن علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي لا تزال قائمة بطرق غير مباشرة، مما يثير تساؤلات حول صدق مواقفها تجاه القضية الفلسطينية.

في الواقع، كان لهذا الاعتراف الإيراني المبكر بإسرائيل تداعيات دبلوماسية كبيرة, فقد قام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بقطع العلاقات مع إيران في ذلك الوقت، وسحب السفير المصري من طهران وأغلق السفارة الإيرانية في القاهرة، في إشارة إلى رفضه القاطع لهذا التحالف الخفي.

الصراع العربي الإسرائيلي معقد، وتداخله مع المصالح الإيرانية يضيف بعداً آخر لهذا التعقيد, من لا يقرأ التاريخ جيداً لا يمكنه فهم الحاضر أو التنبؤ بالمستقبل, وما يجري اليوم في المنطقة هو امتداد لسياسات متشابكة تعود لعقود مضت,  فإذا كانت إيران تدعي دعمها للقضايا العربية، فإن الحقائق على الأرض تقول غير ذلك,  الدعم الذي قدمته إيران لم يساهم في تحرير أي أرض عربية، بل كان له الأثر الأكبر في دمار سوريا، لبنان، العراق، واليمن، وزيادة معاناة شعوبها.

إن الخطر الأكبر يكمن في أن المنطقة قد تستمر في دوامة الصراعات ما لم يكن هناك وعي حقيقي بما يجري خلف الكواليس، وتفكيك التحالفات الخفية التي تهدد استقرارها ومستقبلها.