أين راتب أبي؟
أين راتب أبي؟ ولماذا تأخر كل هذه الفترة؟ وماذا لو لم يتم إعطاؤه راتبه؟ كيف سنأكل؟ وكيف سنشرب؟ وماذا عساه أن يفعل لأجلنا؟
لستُ وحدي من يسأل هذه الأسئلة الموجعة، فهناك الكثير والكثير من أطفالنا يسألون نفس هذه الأسئلة، فمن يجيبهم؟
من يرد على كل هذه الأسئلة الموجعة والمحزنة؟ من أطفال بات أكبر همهم متى سيستقر صرف مرتب والدي نهاية كل شهر؟
يقول لي أحد الأطفال، وهو لم يبلغ الثانية عشرة من عمره:
"يا عم، أخبرني لماذا يتأخر مرتب والدي كل هذه الفترة؟ يا عم، هل تعلم أنه ليس لدينا أي مصدر دخل غير هذا الراتب؟
وأنت تعلم أن أبي قد استُشهد في هذه الحرب الظالمة. يا عم، أتَعلم أننا في بعض الأيام، حينما يتأخر مرتب والدي، نأكل في اليوم والليلة وجبة واحدة، أنا وإخوتي؟
وتقف أمي قريبًا منا، تنتظر أن نكمل الأكل حتى تأتي هي وتأكل ما تبقى، هذا إن بقي شيء، وإلا فتجلس تنظر إلينا وهي تبتسم."
"يا عم، أليس مرتب والدي هو جزاؤه لما قدّم في خدمة هذا الوطن والدفاع عنه؟ فلماذا يتم تأخيره علينا هكذا؟
يا عم، أليس أبي قدّم دمه وأفنى شبابه وتركنا دون أحد، فداءً لهذا الوطن الغالي؟"
فبدأ صوت هذا الطفل يتغير، والدموع تملأ عيناه،
فقال كلمات والدموع تذرف من عينيه:
"يا عم، أليس في هذا الوطن كله أناس يشعرون بمعاناتنا؟"
كلمات هذا الطفل، الذي لم يبلغ الثانية عشرة من عمره، والله قد فطرت قلبي وأدمت فؤادي،
مسحت على رأسه، وقبّلته، وأخذت أُطبطب عليه وأقول له:
"لا تخف يا ولدي، إن الله معنا."
ما هي إلا مرحلة وفترة قصيرة تمر بها البلاد، وسوف يعود كل شيء كما كان وأحسن، إن شاء الله.
وسرعان ما ذهب هذا الطفل والتحق بباقي الأطفال، يلعبون في تلك الساحة التي أمامي،
إذ بسؤال يدور في مخيلتي:
ماذا إن توقفت الحكومة عن صرف مرتبات المواطنين؟
ماذا عساه المواطن الغلبان أن يفعل أمام هذه التغيرات الحرجة التي تمر بها البلاد؟
وإلى متى سيظل هذا المواطن يعاني من هذه التغيرات الحرجة التي تعصف بالبلاد؟ وكم هو صبره على هذا الأمر؟
تساؤلات عدة تعشعش في أذهان كل مواطن يعيش في الأراضي المحررة، وهموم وأحزان تسيطر على معظم الناس،
ويبقى السؤال الذي إلى هذه اللحظة لم يستطع أي مسؤول في هذه الحكومة الإجابة عليه:
لماذا يتم محاربة المواطن في لقمة عيشه؟