الخيال العلمي أصبح واقعا.. الكشف عن تصميم طائرة مذهل لرحلات أكثر راحة
(الأول) وكالات:
خلال العقود الأخيرة، ارتفعت الانبعاثات الناجمة عن الطيران بوتيرة أسرع من الانبعاثات الناجمة عن السكك الحديدية، أو الطرق، أو الشحن، وذلك بسبب الطلب العالمي المتزايد على السفر الجوي.
وتُعد الحلول التي يمكن أن تعكس هذا الاتجاه بطيئة، وعلى سبيل المثال وقود الطيران المستدام، الذي يمكنه خفض الانبعاثات على متن الرحلات الجوية بنسبة 80% عند إنتاجه واستخدامه بشكل صحيح، قد يمثل ثلثي الانخفاض في الانبعاثات اللازمة للطيران للوصول إلى هدفه المتمثل في تحقيق صافي صفر بحلول عام 2050.
ولكن هذا الوقود غير متوفر، وفي أفضل السيناريوهات، لن يمثل وقود الطيران المستدام سوى 0.53% من إجمالي استخدام وقود الطائرات في عام 2024، وهو ما يقل كثيرا عن المستويات المطلوبة لإحداث تأثير.
تهدف طائرة الركاب "Horizon" إلى تقليل الانبعاثات بنسبة 50%، وزيادة الحمولة بنسبة 40%، وذلك بفضل شكل جسمها ذي الأجنحة المختلطةCredit: Natilus
بينما تسعى شركات الطيران والهيئات التنظيمية لإيجاد أفكار لإزالة الكربون من الصناعة، يقترح بعض المهندسين أن هناك حاجة إلى نوع جديد تمامًا من تصميم الطائرات لتوفير قدر كبير من استهلاك الوقود وبالتالي خفض الانبعاثات.
ويعتمد هذا التصميم على التخلص من الشكل التقليدي للطائرة، أي "الأنبوب والجناح" الذي كان بمثابة الدعامة الأساسية للطيران التجاري لمدة 100 عام، لصالح تصميم يُسمى "جسم الجناح المخلوط"، حيث تشغل مساحة الجناح جزءًا كبيرًا من جسم الطائرة، ما ينتج عنه طائرة ذات مظهر مميز.
في عام 2020، أنشأت شركة "إيرباص" نموذجًا صغير الحجم يتم التحكم فيه عن بعد للجناح المختلط، لاختبار تصميم زعمت الشركة أنه قد يوفر ما يصل إلى 20% من الوقود. وفي عام 2023، أعلنت شركة "JetZero" التي يقع مقرها في كاليفورنيا عن خطط لطائرة بتصميم مماثل، بسعة تزيد عن 200 راكب ولديها هدف طموح للدخول في الخدمة بحلول عام 2030.
والآن، انضمت شركة "Natilus" التي يقع مقرها في سان دييغو إلى السباق بطائرة "Horizon"، وهي طائرة ذات أجنحة مختلطة من المفترض أن تحمل أيضًا حوالي 200 راكب مع إنتاج نصف الانبعاثات واستخدام وقود أقل بنسبة 30% من طائرات "بوينغ 737" و"إيرباص إيه 320" الحالية، أي النماذج التي تهدف إلى التنافس معها.
ورأى الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "ناتيلوس"، أليكسي ماتيوشيف، أن سوق الطائرات ذات الهيكل الضيق، وهو المكان الذي يناسب تصميم Horizon، سيكون أكبر سوق على مدار العشرين عامًا القادمة، مضيفًا أنه "مع كل التحديات التي أعتقد أن الصناعة تواجهها، ولأول مرة على الإطلاق، أعتقد أن هناك فرصة لبناء طائرة تشبه بوينغ أو إيرباص".
تجربة ركاب جديدة
تم تصميم الطائرة لتتناسب مع البنية التحتية الحالية للمطارات .Credit: Natilus
أعلنت شركة "ناتيلوس"، التي تأسست في عام 2016، عن طائرة بدون طيار مخصصة للشحن فقط تُسمى "كونا" والتي تستخدم أيضًا الشكل المبتكر ذاته.
وأشار ماتيوشيف إلى أن تصميم جسم الجناح المخلوط نشأ في التسعينيات من قبل شركة تصنيع الطائرات الأمريكية "ماكدونيل دوغلاس"، التي اندمجت مع "بوينغ" في عام 1997. ولم تقم "بوينغ" أبدًا بتسويق طائرة ذات جناح مخلوط، لكنها درست المفهوم وأنتجت نموذجًا أوليًا بدون طيار، وهو X-48.
وبحسب شركة "ناتيلوس"، تلقت طائرة "كونا" 400 طلب، ومن المقرر بناء نموذج كامل الحجم وإطلاقة في غضون العامين المقبلين. وسيتم نقل جزء كبير من التكنولوجيا إلى تصميم طائرة "Horizon"، التي ستحتوي على قمرة قيادة وطاقم عادي، وستدخل الخدمة بحلول عام 2030، وهو هدف طموح للغاية، حيث سيكون من غير المسبوق أن تنتقل طائرة جديدة تمامًا من مرحلة التصميم إلى الحصول على الترخيص الكامل في غضون 6 سنوات فقط.
وأوضح ماتيوشيف أن "أحد التحديات التي تواجه تصميم جسم الجناح المخلوط هو الاستقرار والتحكم"، مضيفًا: "أعتقد أن هذه هي النقطة التي تعثرت فيها ماكدونيل دوغلاس وبوينغ، أي كيفية تثبيت استقرار الطائرة"، لافتًا إلى أن إحدى الطرق لتحقيق الاستقرار هي من خلال أنظمة التحكم في الطيران المعقدة باستخدام أجهزة الحاسوب بشكل أساسي، موضحًا أنها تسببت في مشاكل مع طائرة "بوينغ 737 ماكس".
وذكر ماتيوشيف أن الخيار الآخر يتمثل بالديناميكا الهوائية، أو تصميم أسطح الطائرة، وهو الطريق الذي سلكته "ناتيلوس"، ويميزها أيضَا عن شركة "JetZero".
تقول شركة "ناتيلوس" إن الطائرة ستوفر تجربة ركاب محسنة كثيراً بسبب مساحة المقصورة الأكبر.Credit: Natilus
ويأتي هذا الهيكل الجديد مع بعض الفوائد الأساسية، إذ قال ماتيوشيف إن "هناك انخفاض في السحب بنسبة 30%، ولكن في الوقت ذاته، يمكن فعليا خفض وزن الطائرة لاستيعاب العدد ذاته للركاب أو الحمولة، وهو أمر فريد للغاية".
وأضاف: "مع الطائرات الصغيرة، لديك محركات أصغر، ما يؤدي إلى حرق أقل للوقود. لذلك عندما تجمع العنصرين معًا، يبدأ ذلك في تقليل (الانبعاثات) لكل مقعد راكب بنحو 50%".
ويفتح هيكل الطائرة الأكبر حجماً إمكانيات لتصميمات داخلية مختلفة على متنها. وأوضح ماتيوشيف: "لدينا مساحة أرضية أكبر بنحو 30% من الطائرة التقليدية. لذا فإن ما أعتقد أن الكثير من عملائنا يفكرون فيه هو تجربة ركاب مطوّرة".
مع ذلك، لن تكون كل العناصر جديدة في "Horizon". على سبيل المثال، ستستخدم الطائرة تقنية المحرك الحالية، مما لا يترك مجالًا لخيارات الهيدروجين أو الكهرباء، إذ قال ماتيوشيف: "هناك مزحة شائعة في مجال الطيران مفادها لا تضع أبدًا محركًا جديدًا على طائرة جديدة تمامًا، حيث يُعتبر الأمر خطيرًا".
وتم تصميم "Horizon" لتناسب أي مكان يمكن أن يتلاءم مع طائرة "بوينغ 737" أو "إيرباص A320"، ولا يتطلب ذلك أي تغيير في البنية التحتية للمطارات.