مطعم الشقيقات.. حكاية (إرادة وإصرار) لخمس شقيقات من ذوات الهمم
“خمس خوات”، مشروع يتجاوز كونه مطعماً، ليصبح رمزاً للأمل والإصرار في بلد يعاني من أزمات متلاحقة، ويُظهر إمكانية تحقيق الإنجازات رغم التحديات.
(الأول) أعد القصة / إيناس الحميري:
في مدينة تعز اليمنية (جنوب غربي اليمن)، وفي خضم الصعوبات والمعاناة التي تعيشها المدينة والبلاد عمومًا، تقترب خمس شقيقات من فئة الصم من إطلاق مشروع تجاري يحمل اسم “خمس خوات”.. الشقيقات هن “عائشة، بشائر، وفاء، هدى، ونهى الجباري”. والمشروع ليس مجرد مطعم يقدم المعجنات والأطعمة الصحية؛ بل رسالة تحدٍ وصمود أمام الظروف، أثبتن من خلالها أن الطموح قادر على اختراق الحواجز.
يقع المشروع بجولة الأخوة في مدينة تعز، ويقدم وجبات سريعة، ومعجنات صحية وعادية، وحلويات، وعصائر طبيعية وسلاشات.
من فكرة إلى مشروع
بدأت الحكاية، بحب الأخوات الخمس، للطهي وشغفهن بابتكار شيء جديد، والفكرة التي كانت مجرد حلم صغير أصبحت مع مرور الوقت مشروعًا حقيقيًا على الأرض.
“أردنا أن نثبت أن الصعوبات لا تعيق النجاح، بل يمكن أن تكون دافعًا للمضي قدمًا”، بهذه الكلمات تلخص إحدى الأخوات لرؤية المشروع وأهدافه.
ووفق حديثها لم يكن الطريق سهلاً؛ إذ تطلب منهن المشروع وضع خطة عمل متكاملة، واختيار موقع مناسب، والتخطيط لكافة التفاصيل. ورغم محدودية الموارد المالية، استطعن استثمار كل ما لديهن من إمكانيات لتحقيق الحلم.
تحديات وشجاعة
كأي مشروع ناشئ، لم يكن الطريق خاليًا من العقبات. قلة الموارد المالية كانت العائق الأكبر الذي تطلب منهن الكثير من الجهد لتجاوزه.
كما أن كونهن نساءً من فئة الصم جعل البعض يتساءل عن مدى قدرتهن على النجاح في إدارة مشروع كهذا. إلا أن الشقيقات الخمس واجهن كل التحديات بثقة وعزيمة، وأثبتن أنهن قادرات على كسر الصور النمطية وتحقيق أهدافهن.
دعم أسري ومجتمعي
لعبت الأسرة دورًا أساسيًا في تحقيق هذا الحلم، حيث دعمت الأخوات نفسيًا وماديًا. ووفق حديثهن، فإن هذا الدعم “لم يكن مقتصرًا على العائلة فقط، بل امتد ليشمل المجتمع المحيط بهن”.
الأصدقاء والجهات المحلية قدموا “تشجيعًا كبيرًا” وأثنوا على الفكرة. وهذا الدعم كان بمثابة “حافز إضافي” للأخوات للاستمرار وتخطي العقبات، حسب قولهن.
روح الفريق
في كل مراحل مشروع “خمس خوات” ساد التفاهم وروح التعاون بين الأخوات، اللاتي أكدن على أن ذلك هو “سر نجاح المشروع”، إذ أن لكل واحدة منهن دور محدد يناسب مهاراتها، فيما يعملن معًا على اتخاذ القرارات.
تنوع تخصصات الأخوات بين التعليم الجامعي والمهني، توزيع المهام بينهن بفعالية. وفيما تولى بعضهن الإدارة والتخطيط، يشرفن أخريات على الطهي وتطوير قائمة الطعام، وتهتم إحداهن بتصميم الهوية البصرية للمطعم.
طموح ومستقبل واعد
مع اقتراب افتتاح المطعم، يعشن الأخوات لحظات من الترقب والشغف. يحملن تطلعات كبيرة نحو توسيعه مستقبلاً، ليصبح نموذجًا يحتذى به في ريادة الأعمال الاجتماعية.
كما يطمحن لتحويل هذا المطعم إلى سلسلة معروفة على مستوى اليمن، مع تقديم دورات تدريبية للنساء الصم لتمكينهن من بدء مشاريعهن الخاصة.
وفي كل هذا يهدفن إلى تحقيق تأثير إيجابي على المجتمع من خلال نشر الوعي بأهمية دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، وتشجيعهم على تحقيق أحلامهم.
رسالة إلى المجتمع
في رسالة ترويجية، تحدثن الأخوات إلى المجتمع تباعًا قائلات: “نؤمن أن النجاح يبدأ بخطوة، وأن الدعم والتشجيع هما أساس الطموح. نحن ممتنات لكل من دعمنا، ونعدكم بتقديم الأفضل دائمًا. أنتم شركاؤنا الحقيقيون في تحقيق هذا الحلم”.
ولا يقتصر على تقديم أطعمة شهية فحسب، بل يحمل رسالة أعمق تتمثل في تعزيز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. ويثبت أن ذوي الإعاقة يمكنهم أن يكونوا فاعلين في مجتمعهم، وأن يكونوا مصدر إلهام للآخرين.
قصة الأخوات الخمس، رسالة ودعوة للتفاؤل والعمل، ولتجاوز أي قيود قد تحول دون تحقيق الأحلام.