جدل ساخن في دولة الخير والعطاء.. الكويت وملف (جنسيتها) خانة أزماتها وصداعها الدائم

جدل ساخن في دولة الخير والعطاء.. الكويت وملف (جنسيتها) خانة أزماتها وصداعها الدائم

(الأول) متابعة خاصة:

دعا السياسي والحقوقي الكويتي أنور الرشيد، حكومة بلاده إلى التوقف عن قرار سحب وفقد الجنسية بالتبعية، وكتب في صفحته بنصة (إكس) متسائلا: "بالنسبة لملف سحب الجناسي هل حسبت حكومتنا ... حساب إمكانية رفع دعوى قضائية دولية ضد قرار سحب جنسية أحدهم واستند بذلك على ملف المواطنة الذي قدمته الدولة للأمم المتحدة عام 1990 واسمه موجود به ككويتي قبل وأثناء الغزو ولازال ذلك الملف موجود في أرشيفها ووثائقها ويمكن الاستناد عليه كدليل على مواطنته واستحقاقه الجنسية".
وأكد الرشيد "هذا الملف قدمته الحكومة للأمم المتحدة لكي لا يعبث صدام في سجل المواطنة الكويتي؟".. مضيفًا "ماذا عن من تبوءوا مناصب حساسة كالعاملين في السلك القضائي والأمني والدبلوماسي بعد سحب جنسية أمهاتهم هل يستمرون بمناصبهم؟أم سيفصلون منها بحكم القانون الذي يشترط أن تكون أمه كويتية؟".. تابعا "مع الأسف تسببتم بإشكالية قانونية وحقوقية لأنفسكم ولغيركم والرجوع عن الخطيئة فضيلة".
وتابع الرشيد في تناوله في السياق نفسه ردا على المنظمات الحقوقية الدولية التي تتسأل عما يحدث في الكويت وقال: "المنظمات الحقوقية الدولية تسأل عما يحدث في الكويت.. وردتني العديد من الاتصالات من عدد من المنظمات الحقوقية الدولية تستفهم عن مسألة سحب الجنسية المثارة حاليا في الكويت وكان جوابي للأمانة لا أعرف، فيما إذا كان ما نراه ونسمعه صحيحًا أم لا، لأن بين الفينة والأخرى تخرج علينا أخبار تناقض نفسها، وتتراجع عما تم اتخاذه من قرارات، ويصعب على الحقوقي التكهن بما سيحصل بعد ذلك؛ لأن المرحلة غير مستقرة بتاتا، على سبيل المثال لا الحصر كما يقال، بأن المسحوب منهم الجنسية سيظلون بعملهم وراتبهم وتأميناتهم الاجتماعية لن تمس، ومعاملاتهم في البنوك لن تمس أيضا، ولا أفهم للأمانة فيما إذ كنا بدولة قانون أم غيرها، طالما أن سحب الجنسية بحجة التزوير كيف لا تمس معاملاتهم المالية ولا وظيفتهم التي أهم بند من بنود التوظيف بأن يكون كويتي الجنسية الذي اتضح بأنه ليس كويتيًّا فقط، بل مزورًا أيضًا!".
وأضاف الرشيدي "الأمر الآخر الغريب في هذا الملف قيل في بدايته سيتم مراجعة ملفات المزورين وهذا أمر محمود ورائع، وأنا من المؤيدين ومن مطالبي بإحالة المزورين للنيابة العامة ومحاكمتهم بتهمة جنائية، هي تهمة العبث بأوراق رسمية، المزوِّر والمستفيد من التزوير (المزوَّر له) ولكن وصول الأمر لمن حصل على الجنسية بطريقة قانونية سليمة ووفق الاشتراطات فهذا أمر لا أفهمه.
واختتم تغريدته "طلبت من كل من سألني أن يمنحني بعض الوقت لأستوعب ما يحدث، ولعل يكون هناك تراجع ينقذ بيوتًا كويتية من الدمار الذي ستخلفه مثل تلك السياسات غير المفهومة بالذات في وقت تمر به المنطقة بتغيرات خطيرة، ويحتاج الوطن لاستقرار داخلي لتمتين جبهته الداخلية لمواجهة أي أزمات خارجية.. فهل يتسيد العقل والمنطق المرحلة، هذا ما آمله؟".

ومن جانبه نشر الكاتب الصحفي الكويتي جراح القزاع تقريرا مفصلا في موقع (الأندبنديت) عن المراسيم الحكومية الأخيرة في الكويت والتي أسقطت عن مواطنين الجنسية التي اكتسبوها بطرق غير قانونية ووزارة الداخلية دعت إلى الإبلاغ عن المخالفات.. ومراقبون يحذرون من مشكلة دستورية.. فإلى تفاصيل تقرير (القزاع):
"تتوالى القرارات الحكومية في الكويت المرتبطة بسحب الجنسية من المزورين، وممن حصلوا عليها بالغش أو المحسوبية، إذ أصدرت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية بداية الشهر الجاري مراسيم تقضي بسحب الجنسية من مواطنين عدة لأسباب متنوعة على رأسهم النائب السابق حاكم المطيري.
أعلنت وزارة الداخلية الكويتية السبت الماضي عن تخصيص خط ساخن للإبلاغ عن جرائم الجنسية والجوازات الكويتية، في سابقة تفتح باب الجدل السياسي حول ملف التجنيس بدولة الكويت، مما أثار تساؤل بعضهم عن أسباب القرار الحكومي بفتح ملف شائك تداولته أروقة المجالس والحكومات السابقة.
وتحت مقولة "كل مواطن خفير" أثار إعلان التبليغ الجدل، مما اعتبره بعضهم "رقابة شعبية" وفق رؤية الحكومة الجديدة، فيما اعتبره البعض الآخر زوبعة سياسية جديدة.

أسباب سحب الجنسية
وتوالت المراسيم الصادرة بسحب الجنسية الكويتية، فقد صدرت عن وزارة الداخلية أربعة مراسيم وقرارات تقضي بسحب الجنسية من 26 شخصاً لأسباب مختلفة، واستندت إلى قانون الجنسية الذي ينص على "السحب" إذا كان منحها عن طريق الغش أو بناء على أخبار كاذبة، إضافة إلى "سحب الجنسية إذا حكم على الشخص خلال 15 سنة من المنح في جريمة مخلّة بالشرف والأمانة".
وجاءت المراسيم بناء على المادة التي تنص على "معاقبة كل شخص أدلى ببيانات غير صحيحة للجهات الإدارية المختصة بتحقيق الجنسية".
وتتوالى القرارات المرتبطة بسحب الجنسية من المزورين، وممن حصلوا عليها بالغش أو المحسوبية، إذ أصدرت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية بداية الشهر الجاري مراسيم بالسحب من مواطنين كويتيين عدة على رأسهم النائب السابق حاكم المطيري لأسباب أمنية على خلفيات سياسية سابقة.
وصدر عن وزارة الداخلية مرسومان العام الحالي بسحب الجنسية من ستة أشخاص، وجاء في أحدهما أن من أسباب السحب اكتسابها عبر التبعية، وبناء على عرض نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتية بالإنابة الشيخ فهد اليوسف الصباح، وبعد موافقة مجلس الوزراء الكويتي.
ومن جهته، أصدر رئيس الحكومة الكويتية الشيخ محمد الصباح قرارين بسحب شهادة الجنسية الكويتية بالتأسيس من 20 شخصاً.

إشكالية دستورية
 وقال متخصص القانون العام والدستوري في جامعة الكويت محمد الفيلي لـ"اندبندنت عربية" إن الجنسية ينظمها القانون والدستور، لافتاً إلى أن بعض القوانين ومنها قانون الجنسية صدرت قبل الدستور، لكن ذلك لا يؤثر في نفاذها ما دامت لا تخالف أحكامه من الناحية الموضوعية".
وأضاف أن "قانون الجنسية بني على البيانات التي تلقاها من طلبات التقدم للحصول على الجنسية، ووفق المعلومات قد تثبت الجنسية الاستثنائية أي بالتأسيس، وهؤلاء ممن استوطنوا الكويت قبل 1920".
وأوضح أن "هناك الجنسية الكويتية المعتادة منها أن يولد لأب كويتي، وفق جنسية التأسيس أو وفق أي مادة أخرى"، مشيراً إلى أن التجنيس فيه أبواب متعددة، ولكن جنسيتي "التأسيس" و"التجنيس" ترتبطان بما يدليه المتقدم من بيانات وقت الحصول عليها.
وتابع الفيلي أن "الإدارة تستطيع أن تقرر سقوط الجنسية وسحبها بحسب الأحوال إذا كان المتقدم لفتح ملف الجنسية أدلى ببيانات غير صحيحة"، شارحاً أن هناك عدداً من الملاحظات بالنسبة إلى هذا الموضوع، الأولى أن تطبيق القانون لم يأتِ ربطاً بظرف سياسي، إذاً فتح الملف ترجمة سليمة للقانون، خصوصاً أن هناك كتلاً سياسية قائمة تحت مبدأ "سلامة الهوية الوطنية" وأن المسألة مطروحة لفترة طويلة، لكن الجديد نية الحكومة تطبيق هذا القانون.

ربط سياسي وقانوني
ورأى أن هناك ملاحظات على إعلان الحكومة، موضحاً أن "ما يحصل هو ربط سياسي بملف قانوني، إذ يفترض ألا يرتبط القانون بحسابات سياسية".
وقال "لو اعتبرنا سحب الجنسية مسألة وطنية سندخل شبهة على فكرة تطبيق القانون، وفي جميع الأحوال المراجعات القانونية تستدعي مراجعة القضاء، مما يعني أننا أمام إشكالية دستورية".
وعن علاقة سحب الجنسية بالقضايا السيادية، أكد الفيلي أن "مسألة السحب ارتبطت باعتبارات قانونية أشار إليها المشرع، وهذا يجعلنا نخرج عن الفهم المنطقي لأعمال السيادة، ولنعترف بأن ملف التجنيس ظلّ محل أخذ ورد لفترة طويلة"، وأضاف أن "المشرع كان أدخل تعديلات متعددة على قانون الجنسية، إلا أنه في هذه المسألة كان يحاول الابتعاد ويبقى حق الطعن في دستورية القانون".
ونوه الخبير الدستوري إلى أنه بعد صدور قرار الجنسية من جانب الإدارة، لم يعُد لأي جهة تنفيذية الحق في فحص المسوغات القانونية، وإنما يمتلك القضاء حق المراجعة وبحث وجود غش أو تدليس في الملف.